ما وصلنا اليه الان يسمي في علم الفيزياء بحد المرونة .. وهو المرحله الحرجه التي تسبق انهيار الاجسام بشعرة معاوية التي تمسك بواقعنا الان .. صحيح .. ان اقتصاد البلاد يمر بأسوأ دورات حياته حتى الآن .. حالات الاستقطاب تزداد حدة ، استقطاب بين المدارس العسكريه المختلفه من جهه ، والبلاد تتزاحم فيها الجيوش التي تتباين راياتها وعقائدها القتالية .. وبين العسكر والمدنيين من جهة أخرى .. أما الاستقطاب في أوساط. القوي المدنيه فحدث ولا حرج .. فهنالك الخارجين عن (قحط) ويرون فيها الخصم اللدود الذي يجب اسقاطه في اقرب فرصه سانحه .. وهنالك الفلول التي استجمعت انفاسها وهي الان تنثر صناراتها وترى في المياه الان بانها قد تعكرت ما فيه الكفاية ، فلديهم كوادر (تعرفونها) تحسن الصيد في مثل هذه الاجواء .. وهنالك قوى الشباب الثورية التي يزداد حماسها ويمكن ان يرتفع سقف مطالبهم الي درجة الاسقاط للعسكر والمدنيين علي السواء .. وهنالك المعسكرات الخارجية التي لديها اياد واضحة وخفية ولها دور ملموس تستطيع ان ترجح كفتها على سلسلة لا متناهية من الكفوف تصطرع في سباق محموم مع الوقت الذي يقترب ببطء .. وهنالك الشعب الغاضب من السياسات الاقتصاديه التي تم تطبيقها بقوة و(تجريعها ) له دفعه واحده لربما يستصعب الكثيرون بلعها فينزلون الي الشارع تحت رحمه هذه القوي السياسيه التي تزداد حمى صراعها مع اقتراب الثلاثين من يونيو القادم فتقوي شوكتها بهذا الصيد الثمين الذي تحترف قيادته .. نشطاء الوسائط الاجتماعيه يتحمس سوقهم هذه الايام وهم ايضا لهم دور مذكور لا يمكن نكرانه كما أنكره المخلوع فاسقطوه .. اذا فالكل يترقب الثلاثين من يونيو هل سياتي بما مضي ؟ ام بامر فيه تجديد ومفاجآت ربما تكون ساره للبعض ومغضبه للبعض الاخر ؟؟ .. او ربما تمر بردا وسلاما كما مرت قيلها الكثير من ذكريات الثورة التي لم تكتمل بعد في نظر الكثيرين ؟؟ اسئله تدور في اذهان كل مهتم بالشأن السوداني هذه الايام داخليا ام خارجيا . وبالمقابل .. ينظر القائمين علي الامر حاليا بمنظار مغاير تماما عن نظرة المعارضين لهم .. ففي نظر حكومة السيد حمدوك ، فإن سياسات التحرير الاقتصادي في خواتيمها .. وقد دنا قطافها و حتي الان طبقت حكومته كل المتطلبات الدولية لعولمة اقتصاد البلاد .. كافه البنود بحذافيرها .. للاندماج في الاقتصاد العالمي .. وهم الان في انتظار المكافأة الدوليه .. والجائزة الكبرى على ما قدموه من انجاز حقيقي وملموس لصالح هذه السياسات .. حمدوك يعلم الان ان حصانه المنهك في جوله سباقه الاخيره .. فهو متيقن تماما من قرب لحظات (العبور ) والانتصار التي وعد بها شعبه في باكوره خطاباته .. انها بالنسبه له و بلا شك اللحظه الحرجه التي تطلب من الشعب قليلا من التماسك والصبر لترتفع مؤشرات الاقتصاد وباراميتراته الي الاعلي .. انها اللحظة الاكثر قلقا بالنسبة له علي الاطلاق و على حكومة الفترة الانتقالية ككل ، و التي تنتظر هتافات الجمهور وهل ستاتي عليهم بسبع ام ضبع والخوف من ان تنجرف الجماهير الغاضبه خلف تحالف عريض بين ثوره الجياع وثوره الفلول او يلتحم مع رايات المنتقدين للسياسات الحمدوكيه .. اذا فالبلاد في حالة شد وجذب شديدين .. علي الصعيدين ، الداخلي والخارجي .. مخابرات الدول تنشط هذه الايام من خلف الأبواب المغلقه تجمع اخماسها علي اسداسها ، غضب الجماهير هو بلا شك اكبر هاجس وكابوس يؤرق مضجع الحكام .. السيد خالد سلك وبقيه الرفاق الذين يعملون الان بحماس وتناغم شديدين عل هذا الامر يعدي بردا وسلاما .. كل الخوف هو ان تنجح (جهة ) ما ، والبلاد كلها جهات في توجيه دفه لجان المقاومه والجماهير الغاضبه لصالحها ومحاوله رفع سقف المطالب باسقاط جميع الحكومه وهو الامر الذي ترغب جهات كثيره غير راضية بأداء الحكومة الحالية في حدوثه لصالح محورها .. حكومة الولاياتالمتحدة عبرت عن قلقها ازاء ما سوف يحدث من قادم اللحظات .. وليس من مصلحة الولاياتالمتحدة ان تسقط الحكومة الحاليه التي قطعت معها هي الاخري اشواطا كثيره .. ومحاولتها الحالية بالضغط علي مؤسسات النقد الدولية لتسريع شطب ديون السودان قبل 30 يونيو القادم امر يدلل بوضوح على ان السياسة الامريكية ترغب بشدة في تعافي حكومة الفترة الانتقالية بشكلها الحالي و التي يراهن الكثيرون علي احتضارها .. وبعيدا عن هذه الارهاصات والاحتمالات العاصفة ، وحتى اذا لم يتفق الكثيرون مع الحكومه الحاليه ويرون فيها ضرورة الذهاب ، الا ان اسقاط الحكومه في الوقت الحالي امرا لا يخدم باي حال قضايا الوطن العالقه ولا استقراره .. كنت لاتفق مع القائلين بالاسقاط لو كان ذلك قبل سنه من الان حيث بدايه الانفجار الحقيقي للأزمة .. ولكن في الوقت الحالي ، ونحن عبرنا كل متاريس الصعاب وفي لحظات اقرب لان تكون لحظات حصاد لعامين من التغشف ..دعونا نعطي فرصه لهذه الحكومة كي تجمع ثمرة رهاناتها حتي نهايه العام الحالي .. فان افلحوا في العثور علي نفاج يعبر بالبلاد الي حيث اكمال الدوله المدنيه وتبعاتها كان بها .. وان فشلوا فالحل موجود يعرفونه ويعرفه كل الثوار . اذ ليس من الخير ان نستعجل رحيلهم وقد امهلناهم كل هذه الفتره وليس من الجيد ان نتخلي عن متطلبات السلام اللتي هي احد ابرز شعارات ثورتنا الظافره .. واكبر القضايا حولها لا تذال عالقه وتحتاج الي زمن اضافي لادراكها .. ان رحيل الحكومه الحاليه اتفقنا ام اختلفنا ، سوف يترك فراغا كبيرا .. اكبر حتي من فراغ المؤسسات التشريعية الغائبة الأن .. فطالما ان هنالك التحالف العرض علي الاطلاق والذي يمثل إجماع غالبية مكونات الثورة السياسية برغم تراجع بعض صفوفها وعناصرها .. وبالرغم من تباين الآراء وعدم تناغمها في احيان كثيره ويجب ان لا يخلط البعض قولنا بالتمسك بالحكومة الحاليه علي سبيل الانذار الاخير ، او الفرصه الاخيره وبين دعوات البعض في عدم وجود البديل .. وشتان ما بين الادعائين .. فأما عن البديل فالبلاد بها من الكفاءات والشخصيات الوطنيه ما لا يمكن حصره .. وبين قولنا ببقاء الحكومه الانتقاليه بغثها وسمينها في الوقت الحالي حتي لا يحدث فراغ يمكن ان يجر البلاد الي نزاعات اختلاط الأوراق في هذه اللحظات الحرجة .. علي الاقل لحين ثبات الأوضاع قليلا وعندها لكل حدث حديث .. والاسئله التي ستبرز الي السطح هنا هي اين ستذهب حركات الكفاح المسلح بسلاحها وجيوشها اذا انهارت الوثيقه الدستوريه الحاليه رغم ما يشوبها من شوائب وما مصير الترتيبات الامنيه وما تم من اتفاق جوبا بين الحكومه الحاليه كطرف وبين حركات الكفاح كطرف اخر ؟ وما هو مصير العسكر الذين كان لهم دور لا يجب نكرانه هكذا دون ادني اعتبار بعد ان تناغموا وانسجموا مع نظرائهم المدنيين واعداء الامس من حركات الكفاح المسلح ؟ وماذا سيحدث للوعود الدوليه التي حان وقت قطافها ؟ كل هذه اسئله ستبقي حائره وتحتاج الي اجابات عاجله قبل التسرع في خطو اي خطوه تقود الي ذهاب الحكومه بسكلها الراهن .. مهما كان بؤسها وسوءاتها رحم الله حكيم السياسة السودانية رحمه واسعه .. الصادق الامام .. فهي اللحظات الحرجة التي تفتقده فيها البلاد حين تصل العمليه السياسية فيها الي مفترق الطريق .. إنها الليلة الظلماء التي تتحسس فيها البلاد حكماءها فتفتقدهم الي الابد .