بما أننا من دُعاة تصحيح مسار الثورة وإصلاحها لإنجاح الفترة الإنتقالية كبديل موضوعي في تقديرنا بدلاً عن الشعار المرفوع من البعض بالإسقاط للنظام والسُلطة الموجودة سنحاول توضيح الخطوات اللازمة لهذا التصحيح في رأينا .. وكمدخل لا بدّ من الإجابة علي سؤال لماذا تصحيح وليس إسقاط .. الإجابة ببساطة لأننا قطعنا أشواط حاسمة في مسيرة الثورة والتغيير .. و من لايرون ذلك عليهم إعادة النظر مُجدداً .. وأيضاً لعدم خلق أي فراغ دستوري ونحن في مرحلة إنتقالية جاءت بعد مجهُودات ضخمة للإتفاق للقوي السياسية يصعُب إستعادته فورياً في حالة سقوط الحكومة الحالية وإسقاطها ، مع وضع بالغ التعقيد وبه من المُهددات ما به والهشاشة والضُعف لكامل الدولة وخطر إنزلاقها وتلاشيها وسيادة الفوضي والحرب بها .. هذه هي أسبابنا المانعة لرفض مطلب الإسقاط .. الحكومة الحالية مُمسكة بعدد من الملفات الهامة وعلى رأسها : 1/ المُضي في إستحقاقات سلام جوبا لعدم فتح باب للحرب مُجدداً من هذه الزاوية 2/ ملف سد النهضة المُهم جداً والإستراتيجي للسودان ومسار مفاوضاته 3/ ملف إعفاء الديون والذي قطعت فيه شوطاً بعيداً ومحفزاً .. 4/ مفاوضات السلام مع الحركة الشعبية جناح الحلو بعد التوقيع علي الإتفاق الإطاري والوصول لمُتفقات كثيرة مُشجعة نحو توقيع إتفاق السلام الشامل معها 5/ ملفات إزالة التمكين والتي رُغم الإنتقادات التي وجهت للجنة إلا أنها تقوم بمجهودات حقيقية ومُقدرة تحتاج دعمها وتواصلها .. هذه الملفات تحتاج إستمرار الحكومة في أدائها مع تدعيمها وتصويبها لأهميتها في بناء الدولة السودانية وفي مسيرة إكمال أهداف الثورة .. خاصة وأنها قدمت أداء جيد في بعضها وجُهد واضح .. هنالك ملفات الحكومة أخفقت فيها ولم يكن أداءها بالمستوى المطلوب .. 1/ ملف العدالة الإنتقالية 2/ ملف إصلاح الخدمة المدنية والمؤوسسات 3/ ملف إصلاح المؤوسسة العسكرية والأجهزة العدلية والأمنية والشُرطية 4/ ملف إزالة تمكين الجيش والشركات التابعة له والموروثة من النظام السابق 5/ ملف العلاقات الخارجية وعدم إتباع سياسات واضحة فيه وتعدد مراكز إتخاذ القرار فيه وهو الخلل المُعترف به من رئيس الحكومة نفسه يبقي هنالك ملفين عليهما جدل واسع وهما مُرتبطان ببعضهما ولا بُدّ من الوصول فيهما لنقطة إتفاق لصالح المصلحة العُليا للبلاد وهما : 1/ الملف الإقتصادي والسياسات المُرتبطة للإصلاح بما فيها رفع الدعم والتعامل من صندوق النقد الدولي وشروطه والتفاوض معه 2/ ملف التطبيع مع إسرائيل .. نخلص إلي أن خطوات التصحيح و الإصلاح والتي نري أنها ضرورية تتمثل في : 1/ ضرورة الإتفاق السياسي لكل القوي السياسية والإلتفاف حول شعار التصحيح والإصلاح للحكومة والسُلطة وليس الإسقاط ، ويكون بدواعي وطنية وعملية وإرادة سياسية عالية 2/ دعم الحكُومة الحالية وتجديد الثقة في رئيس الوزراء الحالي لإكمال الملفات التي بذلت فيها جهوداً ونجاحات وليس حولها خلافات كبيرة 3/ تقديم مصالح السودان العُليا فيما يخص ملفي التفاوض مع صندوق النقد الدولي والتعامل معه و كذلك ملف التطبيع مع إسرائيل وعدم ربطهما باي أجندة حزبية خاصة أو أيدولوجية يُمكن أن تضُر بمصالح السُودان العُليا في هذه المرحلة الإنتقالية نحو الإستقرار والسلام والوحدة والديمُقراطية .. 4/ ضرورة وحتمية الإتفاق علي سُرعة تكوين المجلس التشريعي وإطّلاعه علي مهامه الدستورية 5/ إلغاء ما يُعرف بمجلس الشُركاء فور إتمام الإتفاق السياسي لكُل القوي السياسية وتقديم مصالح البلاد العُليا وعدم الإلتفاف علي بنود الوثيقة الدستورية وبدعة تكوين هذا المجلس الغير دستوري والغريب علي جسد السُلطة الإتتقالية .. سيكون مُتاحاً التقييم المُستمر لأداء الحكُومة ورئيس وزرائها من قبل الشعب ومؤسسات السُلطة الإنتقالية ومجلسها التشريعي والحاضنة السياسية التحالفية ( ما بعد الإتفاق السياسي ) وإعادة ترتيبها ، سيكون مُتاحاً أيضاً دعمها وتغييرها وحتي إستبدال رئيس الحكُومة إذا تم التوافق علي ذلك والإقرار بفشله فيما يليه من قرارات وبرامج وسياسات .. ختاماً فإن الحركة الثورية حركة مُستمرة لا تعني بالضرورة الإنطلاق من نقطة الصفر ، وإنما التصحيح المُستمر ودعم الأيجابيات والبناء عليها والمُحافظة علي مُكتسباتها هي الوسيلة الثورية الأنجع في تقديرنا والمُناسبة لظروف بلدنا ومراحل الثورة المُختلفة حتي وصولنا هذه المرحلة .. يظل خط الشارع الثوري يقظاً ومستوعباً مصالح البلاد واقفاً سداً منيعاً ضد كُل المُتربصين والأعداء والفلول من الكيزان والعسكر والمليشيات المُنفلتة والجنجويد والثورة المُضادة .. [email protected]