نقطة... ثورة ..اتجاه آخر ...بقصد أو دونه تحول الحزب الشيوعي المعروف بنضاله ضد التيارات الإسلامية إلى مؤيد وحليف لهم في ذكرى مواكب إحياء 30يونيو، وذلك من خلال توحد هدف الخروج الداعي لإسقاط حكومة حمدوك، وهكذا يترنح الشيوعي في مواقفه وتفضيل البقاء في خانة المعارضة فحسب، حتى ما بعد إسقاط البشير، فالحزب الذي شكل أحد أهم أركان الحراك الثوري في البلاد، وذلك بتمسكه طيلة العقود الثلاثة التي تربع فيها الإسلاميون على سدة الحكم وهي دعوته لسقوط نظامهم، والتي تحققت في ديسمبر 2019م من خلال دفعه لموجة الشارع، جنباً إلى جنب مع بقية مكونات تجمع المهنيين السودانيين، من قوى الإجماع الوطني، وقوى نداء السودان وأيضاً، تجمع الاتحاديين المعارض، إلا أنه عاد وانسحب من مكونات الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية التي يتشارك فيها المدنيون والعسكر متهماً الشق العسكري بالتغول على الانتقالية،عائداً إلى جبهة المعارضة ضد الحكومة، كما كان سابقاً مشهراً هتافاته لإسقاط حكومة الثورة الأولى مجدداً، ولكن هل يتحد الشيوعي مع الإسلاميين لإسقاط حكومة الثورة مثل ما اتحد سابقاً مع المكونات لإسقاط حكومتهم؟؟؟ الخرطوم: بتول الفكي تنديد وتقاسم الشيوعي الذي تسيد المواكب في ذكرى 30يونيو لإسقاط حكومة حمدوك هو نفسه ضمن المكون الموقع على إعلان الحرية والتغيير المكون لذات الحكومة، وممثل في مركزيتها وحاز عدد من كوادره على مناصب سيادية ودستورية، عدة في التشكيل الوزاري الأول لحكومة الثورة وتقاسمها معهم كبقية المكونات السياسية الأخرى، لكن كل هذا لم يمنع الشيوعي من إطلاق الاتهامات للحكومة بتبنيها نهج النظام البائد من سياسات تحريرية للاقتصاد، والتحرك نحو التطبيع مع إسرائيل وهو الاتجاه الذي يرفضه الحزب، وظل يندد بالانسحاب من الحكومة ومرجعيتها السياسية التي وصلت حد مقاطعة المشاركة في التشكيل الوزاري الثاني، وهو حكومة سلام اتفاق جوبا الموقعة مع حركات الكفاح المسلح والتي جرت بدولة جنوب السودان، بوساطة نالت المباركة من كل الأطراف والمكونات الإقليمية والاتحاد الأفريقي، إلى جانب رضا المجتمع الدولي. وعلى الرغم من التنديدات التي يطلقها قيادات مركزية الحزب الشيوعي فهو مازال مشاركاً بشكل أو بآخر في الحكومة والحاضنة، وهذا ما يستغربه المحلل السياسي بروف مهدي دهب في حديثه ل(الحراك)، الذي وصف فيه موقف الشيوعي بالغريب والمريب في شكله لأن الحزب لازال مشاركاً بواجهات مختلفة، وإن ادعى المعارضة منها تجمع المهنيين نفسه والقوى المدنية بجانب المجتمع المدني مضيفاً بأن الشيوعي بات برجل في الداخل وأخرى في الخارج معارضة، مفترضاً لو تم التسليم بذلك من المفترض أن يتم معالجة الأمر بشيء من الحكمة، معتبراً الاختلاف مع الانتقالية لا يعني السعي لإسقاطها. ويرى مهدي أنه من الحكمة أن يكون هنالك موقف عقلاني للشيوعي بأن يؤثر الاستمرار ضمن الحاضنة السياسية، ويعارض سياساتها من الداخل كما تفعل معظم الأحزاب الكبيرة في مكونات قوى الحرية والتغيير، وأن يعمل على تقويم سياسات الانتقالية وليس إسقاطها، وبرر دهب ضرورة احتكام الشيوعي لهذا المسلك دون السعي للإسقاط هو أن هذه الحكومة قامت على دماء شهداء وتضحيات كبيرة، لافتاً إلى أن الأحزاب السياسية توافقت على هذا كحد أدنى وقبلت مشاركة المدنيين، لأجل تقديم نموذج سوداني لعملية الانتقال بشراكة مع العسكر، منوهاً إلى أن الكلفة كانت سوف تكون عالية لو أصرت القوى المدنية على إسقاط العسكر وقتها وذلك لأن العسكر حينها كانوا يسيطرون على مفاصل الدولة كلها من دفاع شعبي، وكتائب ظل وغيرها. لذا يفضل دهب بأن يقود الحزب الشيوعي، المعارضة من الداخل وليس معارضة الحكومة الانتقالية الوليدة من خارج حاضنتها. ترند التحالفات شهدت الساحة السياسية السودانية في تلك الفترة ظاهرة تحالفات سياسية عدة، أبرزها توحد الاتحاديين وتحالفهم مع الحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو، وإعلان الاتحاديين بعد توحيدهم الإقرار بتأييد علمانية الدولة وهو ترند المشهد حتى الآن، وأيضاً تحالفات بعض الحركات وقادتها مع الحاضنة السياسية للحكومة مما يشير إلى ملامح تغييرات قد تطرأ على المشهد السياسي السوداني في مقبل الأيام،لكنها تحالفات تدعو وإن كان ظاهرياً إلى دعم حكومة الفترة الانتقالية وإنفاذ بنود التحول الديمقراطي، ليبقى الشيوعي وحده إلى جانب منسوبي النظام البائد والإسلاميين من يدعون إلى رحيل الحكومة الانتقالية، وإن لم يعلن التياران هما الآخران تحالفاً ولو مؤقتاً، فالتهمة التي بسببها فارق الشيوعي مكونات الحرية والتغيير وانحاز للإسقاط هي نفسها التي ربما تلاحقه حال تمسكه بالدعوة لإسقاط الانتقالية دون الخروج لتصحيح مسارها والمطالبة بتحقيق العدالة وأيضاً إعادة المفقودين،واستكمال هياكل السلطة بتكوين المجلس التشريعي، ووفقاً لترند التحالفات ربما تشهد الساحة تحالفاً يقوده بعض المؤثرين من داخل الشيوعي نفسه الذي يعاني صراع تأييد إسقاط الحكومة بحسب تصريحاته، بأن الدولة العميقة البوليسية مازالت تسيطر عليها أو دعمها وذلك ما ذهب إليه مهدي دهب في حديثه بأن الشيوعي ليس لديه مانع أن يتحالف مع الإسلاميين، موضحاً أن من يتبنون خط الهبوط الناعم الآن هم كوادر من الحزب الشيوعي اختلفوا مع الحزب في المؤتمر الخامس، وخرجوا منه ومن ثم دخلوا في المنظمات الدولية، ثم عادوا إلى البلاد عقب الثورة وأصبحوا ضمن الانتقالية من بينهم الشفيع خضر،واصفاً إياه بأحد الذين يطالبون بأن يكون هنالك صلح مع الإسلاميين،واعتبر بروف دهب أن مثل هذا مؤشر على أن الحزب الشيوعي ليس لديه مشكلة في التحالف مع الإسلاميين. مهدي دهب الذي ثمن تمتع الشيوعي بالكسب السياسي والتاريخ النضالي الطويل عاد قال إنهم ك(أكادميين)، لا يخالجهم الخجل بالتحدث عن بعض الحقائق على أن الحزب الشيوعي سبق وأن شارك الإنقاذ في الحكم بعد اتفاق سلام نيفاشا، كاشفاً عن وجود خمسة كوادر شيوعية مثلت الحزب سابقاً في البرلمان كانوا يشاركون الإنقاذ في سدة الحكم لذا فهو لا يستبعد قيام تحالف بين التيارين، وإن كان على حساب الحكومة الانتقالية وذلك للتمتع بالمزيد من مكاسب الثورة. تضارب مواقف: دعوة الحزب في ذكرى مواكب أبريل المنصرم إلى إسقاط حكومة حمدوك الذي يصف مكوناتها بقوى الهبوط الناعم المتبنية لنهج النظام البائد،جدد دعوة السقوط أيضاً في ذكرى مواكب 30يونيو، ليكون هو التيار الثاني إلى جانب الإسلاميين الذين أظهروا تأييدهم أيضاً لإسقاط الحكومة عبر تبني حملة (أختونا)، ليكون الحزب الشيوعي مع منسوبي النظام البائد بذات الكفة وهي الخروج بهدف سقوط حكومة حمدوك في مواكب ذكرى 30يونيو، وهذا الاتجاه ربما يجعل الشيوعي بنظر الثوار الحزب الأكثر تضارباً في المواقف حتى بعد الثورة، وذلك لمشاركته في إسقاط النظام سابقاً والسعي في الوقت الحالي لإسقاط حكومة النظام في الوقت الراهن، فاتخذ الثوار في مواكب ذكرى 30يونيو اتجاهاً مخالفاً لدعاوى الإسقاط التي هتف بها الشيوعي ومتبني حملة (أختونا). من جانبه أبدى مهدي دهب تأسفه على تمسك الشيوعي بإسقاط الانتقالية معتبره خطأ يخدم الإسلاميين في إجهاض السلطة الانتقالية،واصفاً موقف الشيوعي هذا بالأمر المريب في هذا التوقيت، ولكنه عاد وقال إن هذا لا يشبه تاريخ الحزب وهنالك قوى سياسية داخل الحرية والتغيير هي لا توافق على كل سياسات الحكومة الانتقالية كاللجنة الاقتصادية التي ترفض السياسات الاقتصادية للحكومة. وليس كل الأداء الحكومي أو السياسات الحكومية تعتبر مرضياً عنها من جانب الحاضنة من بينها، سياسة تعويم العملة وتحرير السوق ورفع الدعم التي ترفضها اللجنة الاقتصادية. العودة للحاضنة على الرغم من أن الشارع أثبت مجدداً أن التصحيح وتحقيق العدالة مطالب خط الثوار الأول دون غيرها، حيث دعا مهدي دهب، الشيوعي لترجيح كفة المعارضة من الداخل وليس إسقاط الانتقالية التي جاءت بكلفة عالية وهي دماء الشهداء، مشدداً على ضرورة أن يكون الأولى للحزب البقاء بالسلطة وأن يستمر في الحاضنة ضمن قوى الحرية والتغيير، مع القيام بتقويم الحكومة من الداخل وليس إسقاطها، خاتماً حديثه باستفهام للشعب بأنه إلى متى سيظل كشعب سوداني يستمر في إسقاط الحكومات كل ما نشب اختلاف في السياسات، وقال يجب أن يضع حلاً وأن تكون هنالك وسائل وأدوات سلمية مثل،المطالب السلمية في تعديل الدستور، تعديل وتقويم السياسات تتبع كأداة بدلاً من خروج الناس للشارع لإسقاط الحكومة، مؤكداً على ضرورة التفات الشيوعي لمراجعة هذه المواقف والعودة للحاضنة السياسية، حتى يتم تقوية الحكومة الانتقالية لسياساتها من الداخل إذا انحرفت عن سياسات ومطالب الشارع السوداني. من جانبه يرى الخبير في الشأن الأمني في حديثه ل(الحراك) د. طارق محمد عمر أن عودة الشيوعي للحاضنة غير مرجح، وإن تضارب مواقف الشيوعي نتاج لتنسيق عمله مع جهات تخابرية أجنبية، تديرها بعض الدول من بينهات دول خليجية لا تريد استمرار حكومة حمدوك التي تقع تحت قيادة يسارية وغير كفأة،لافتاً إلى ضلوع المعسكر الأمريكي في تحريك أجندة الشيوعي وذلك حسب اعتقاد تبني فرنسا لحكومة حمدوك، خاصة بعد استضافة باريس لمؤتمر دعم إعفاء ديون السودان مؤخراً في الفترة الماضية.