سايمون دينق في الاسبوع الماضي وقبل ان يبحث مجلس الأمن الدولي قضية سد النهضة بيوم واحد، صرحت مصر على لسان وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق لوسائل الاعلام قائلة ان الفوائد المفترضة من سد النهضة ستتحول الي اضرار بالغة ان لم يحدث اتفاق ملزم للاطراف ذو طابع دولي. هذا الزعم في شكله الذي تسوّقه مصر يعتبر حجة مقنعة لبعض الاوساط الدولية وخاصة (الكتلة العربية) التي ترفع شعار "انصر اخاك ظالما أو مظلوما" وذلك باعتبار ان اثيوبيا تخبئ نوايا عدائية تجاه دولتين عربيتين شقيقتين من خلال المراوغة التي تقوم بها اثناء مفاوضات السد وهي مراوغة تهدف لكسب الوقت وفرض امر الواقع الاحادي عليهما، ولكن بقليل من التدقيق في (الاجندة) المطروحة على طاولة التفاوض، سنجد الحقيقة غير ذلك تماما، فاثيوبيا كانت اكثر وضوحا منذ الوهلة الاولى في رفضها المعلن للمطالب المصرية السودانية، علي سبيل المثال هي رفضت المقترح المصري الذي يعطي كل الدول الثلاث حق المشاركة في ادارة مشتركة للسد اثناء فترة الملء والتشغيل وعلى جميع المراحل وهذا لضمان عدم وقوع اضرار مزعومة مستقبلا بدولتي الخلاف، وقد اكدت بانها ستلتزم فقط بتمليك الدولتين كل البيانات الضرورية والمعلومات التي تحتاجانها عن السد وطريقة عمله اذا ما تم التوصل الي اتفاق مرضي حول الامر. بكل تاكيد الحجة الاثيوبية معقولة الي حد ما في هذا الجانب، فلا يوجد منطق يجعلها تقبل باشراك دولتين لم تساهما معها بشيء منذ بداية بناء السد، لا ماليا ولا فنيا، مع العلم بان (الشراكة الابدية) التي تسعي لها مصر والسودان عبر اتفاق يُفرَض فرضا على اثيوبيا الغرض الاساسي منه هو تضييق الخناق عليها وبالتالي تعطيل المشروع الذي بذلت هي من اجل قيامه الغالي والنفيس وخططت له بعناية سنين عددا كي يرى النور. بعد عودة (ملف السد) من مجلس الامن الدولي الي البيت الافريقي، نأمل ان تطرح الوساطة الافريقية على مصر والسودان الاسئلة التالية قبل اي جولة تفاوضية جديدة: * هل تومن "مصر والسودان" بحق اثيوبيا في مياه النيل مثلهما؟؟ * اذا كانت الاجابة نعم.. فما هي النسبة التي يقترحانها (بالمئوية) حتي يكون التفاوض على بينة ملموسة؟ * وان كان الجواب لا .. فلماذا يتم حرمانها والنيل ينبع من داخل اراضيها؟ وفيما يتعلق بنوايا اثيوبيا العدائية التي تتشدق بها مصر ، فالامر في اعتقادي لا يعدو كونه مسرحية كوميدية مصرية تجسد المثل السوداني القائل (ضربني وبكى وسبقني واشتكى) فالوقائع الماثلة امام الجميع تثبت بما لا يدع مجالا للشك ان مصر والسودان تعملان ليلا ونهارا بلا كلل او ملل وذلك من اجل الحاق اكبر ضرر بالدولة الاثيوبية وسدها النهضوي.. وكلنا سمع بتهديدات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي لوح بالخيار العسكري ضد اثيوبيا اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة وكل متابع يعلم ما تعنيه لغة استعراض العضلات التي قامت بها مصر والسودان فيما يعرف بالمناورات العسكرية مشتركة بين البلدين، وفوق ذلك كله لا احد ينكر الدور العدواني المصري والسوداني في احداث اقليم التغراي المتمرد على السيادة الوطنية .. وفي المقابل ماذا فعلت اثيوبيا بمصر والسودان؟ … لا شيء!!. يتحدث الكثيرون حول الامكانيات العسكرية لدولة متواضعة مثل اثيوبيا وقدرتها على الصمود ومواجهة العدوان المصري السوداني ولكن اغلب الناس تجاهلوا عدالة القضية الاثيوبية وهي مصدر قوتها الاولى وفوق كل اعتبارات.. مما يعني ان النصر سيكون حليفها ولو بعد حين.. فأزمة سد النهضة هي صراع قائم بين الحق والباطل ألقاكم