كان الصحفيون ينتظرون خطابات عمر البشير في اللقاءات الجماهيرية بشغف بالغ، بعكس الخطابات الرسمية المكتوبة التي يلتزم فيها بالنص المكتوب، وكان شغفهم بمتابعة الخطابات المرتجلة التي يبداؤها البشير بطقوس العرضة والرقيص مرده انه بعد الحماسة ينطلق البشير في اطلاق حممه النارية والتعبير عن مكنونات نفسه ويتخلي فيها عن دور حاكم البلاد الذي من اهم ادواره ضبط الخطاب الاعلامي والتحدث بدبلوماسية والتزام. اطلق البشير عبارات ستلاحقه طوال حياته وستصبح فيما بعد دليل ادانته مثل عبارة( كديسة ما بنسلمها ليكم، والمحكمة الجنائية تحت جزمتي، ونحن سفكنا دماء المسلمين و قتلنا عشرة الف في دارفور في حرب ما تستحق نضبح فيها خروف) وحكي البشير في تلك اللقاءات كيفية الاستيلاء علي السلطة والقيام بالانقلاب علي الحكومة الديمقراطية وتفاصيل اعدام 28 ضابطا في رمضان قائلا: هم كانوا خيرة ضباط الجيش وصلناهم لرمضان ودفناهم. علي ذات الخطي وبعقلية في غاية الغباء يسير حميدتي، الذي يفشل تماما في تلاوة الخطابات المكتوبة وصرح اكثر من مرة بانه لا يستطيع قراءتها، وتكون الطامة الكبري عندما يبدأ في الارتجال وينافسه في هذا الغباء شقيقه عبدالرحيم دقلو حتي اصبح ماركة مسجلة باسميهما، ولن يستطيع احدا مهما تجرأ من ابلاغهما بخطل ما يقومان به وكارثيته علي مشروعهم لفرض سيطرتهما علي البلاد. وفي الغالب تصبح عبارات حميدتي اضحوكة تتناولها المجالس مثل عبارات( دوروا البابور، تركيا اول دولة جات للسودان سنة 55، وصولا لخطابه في تأبين احد الاشخاص في منزل مني اركو مناوي وهو ينفعل علي وصفه بفريق خلا ويقول: نحن قوات نظامية تمت اجازتها من برلمان شرعي). بالامس واصل حميدتي في عبثه وهو يتحدث عن الرتب العسكرية ويسمي ما يحدث بانها سوق مواسير( كناية عن الفساد الكبير في سوق الفاشر في عهد النظام السابق) واردف: الرتب العسكرية تبدا بعد دخول المعسكر ويخت دبورة ويصل لواء بعداك تبدأ الترقيات العسكرية. هكذا يفكر حميدتي ومعه قوات الحركات المسلحة ان دخول المعسكرات هو المعيار لمنح الرتب العسكرية، وان الترقيات العسكرية تبدأ بعد رتبة اللواء، اي كارثة هذه التي ابتلي بها السودان الذي تبدأ فيها الترقيات العسكرية من رتبة لواء التي تعتبر درجة قائد عظيم يقود عدد من الالوية ونال درجة اكاديمية عسكرية تعادل الماجستير في المجال المدني حتي تتم ترقيته الي رتبة اللواء والا تكون رتبة العميد هي سدرة منتهي سلمه العسكري، ويسهب القائد العجيب في تجلياته( تقرأ تجلبطاته) وهو يقول مشيرا الي الازبلايط في كتفه: هسه انا عندي ركن؟ الركن ده بيقروا قراية وانا ما عندي، الركن ده بيقروه في الكليات. الا يوجد عاقل في الجيش السوداني ليبلغ هذا الحميدتي ان رتبة الملازم ايضا تٌمنح بعد اكمال مدة الدراسة والتدريب في كلية عسكرية تٌسمي الكلية الحربية؟ وان بلوغه رتبة الفريق تم بمناقضة كل نواميس القوات المسلحة في انحاء المعمورة؟ وان عدد الرتب العليا (لواء وما فوق) في الجيش الأمريكي يبلغ حوالى (230 )، بينما يحمل رتبة فريق أول وفريق ولواء في مليشيات الدعم السريع اضعاف هذا العدد بكثير! هل يعلم ان الزبير محمد صالح لم يستطيع ان يبلغ رتبة اللواء طوال سنوات خدمته وظل قابعا في رتبة العميد لفشله في نيل شهادة اركان الحرب، وانه تدرج في الرتب بعد الانقلاب العسكري و اٌجري له محو امية عسكرية ليصبح لواءا وينطلق في التدرج العسكري هادما بذلك اهم ركن في سلم العسكرية السودانية رغم انه خريج الكلية الحربية؟ ولولا الانقلاب المشئوم كان سيٌحال للمعاش برتبة العميد. ما يطلقه حميدتي من عبارات يجب قراءاتها بعيدا عن الجانب الهزلي واعتبارها مثار للتندر والضحك، انه مؤشر خطير علي انهيار اهم مؤسسة في الحفاظ علي وحدة الدولة السودانية وان الغد يحمل في جوفه الكثير من المصائب وان كل احلامنا ستذروها الرياح ما لم تحدث معجزة تنتشل هذا الوطن المكلوم من وهدته المؤلمة، الي متي سنغني مع مصطفي سيداحمد، من المدفع طلع خازوق مواسير البلد زادت؟