مسار شرق السودان.. بمفاوضات جوبا.. والذي مثّلت فيه الجبهة الشعبية المتحدة للعدالة.. هو تمثيل سياسي لا يتجاوز الحبر الذي كُتب به.. فشرق السودان ذو القضايا المصيرية المختلفة من تخلف سبل معيشية وانتشار الأمراض والفقر.. لا يمكن أن تكون قضاياه مطروحة عبر كتلة الجبهة الشعبية والتي معظم قياداتها قد كانت ضمن منظومة الكيزان.. كتلة لا تجد قواعد جماهيرية ولا تأييد ولا سند شعبي.. اعجبتني جداً عبارة الناظر ترك المشهورة "ابقى كوز أبقى جردل في النهاية أنا سوداني حر".. فهذه عبارة لا تصدر الا من انسان حر الفكر يعلم تماماً تحديات الواقع ويثق في قضيته.. والناظر ترك الان هو الداعم لخط حفظ حقوق شرق السودان وتخليص انسانه من التهميش في ظل تكالب الحركات المسلحة والقوى السياسية علي تنازع السلطة بالمركز واغفال الشرق.. واسناد أمره لمسار لا يحل قضايا انسان الشرق المصيرية ولا يُغنيه من جوع.. أصل الخلاف بشرق السودان في نقطتين لا ثالث لهما، أولها التمثيل السياسي لشرق السودان وثانيها مراجعة الهوية الوطنية.. وما سوى ذلك يُعتبر تسويق للفتن والنزاعات.. ولا محل له من المواضيع الجادّة بالشرق.. الجبهة الثورية عبر مكوناتها السياسية الرئيسية الأربعة (حركة كوش شمال السودان والحزب الاتحادي الديمقراطي ومؤتمر البجا والجبهة الشعبية المتحدة)، فتحت أبواب مسارات خاصة بالمنابر التفاوضية لها مع حكومة حمدوك.. كوش والكيان النوبي مسار الشمال.. الاتحاد الديمقراطي عبر ممثله التوم هجو مسار الوسط.. ومؤتمر البجا والجبهة الشعبية مسار الشرق.. والحركات المسلحة شكلت مسار غرب السودان.. مالا يعلمه الكثيرون أنّ مسارات مفاوضات جوبا هي صنيعة الجبهة الثورية وحكومة حمدوك لا علاقة لها بتكوين هذه المسارات.. الغاء مسار شرق السودان لا غبار عليه.. وأبسط استفتاء شعبي بشرق السودان كفيل بتوضيح رفض شامل وبنسبة قد تتجاوز ال80٪ من كل مكونات شرق السودان لهذا المسار.. بما فيها المكونات المتصارعة نفسها.. موضوع المطالبة بمراجعة الهوية الوطنية.. أمر عادي وإجراء رسمي قانوني يعتمد على الإجراءات الرسمية في استحقاق الهوية السودانية فالسودان في ظل الاعتداء الصارخ على هويته بفعل نظام حكومة البشير صارت هويته محل مضاربات تجارية من الأجانب من سوريين وأتراك وفلسطينين وارتريين وأثيوبيين وغيرهم، لدرجة أن الجوازات السودانية كان يتجول بها الكثير منهم بالدول الخارجية.. وتجارة بيع الجواز السوداني عمل بها النظام السابق وأصبحت الهويات السودانية في عهدهم استثمار لكسب اموال.. وقفز سعر الجواز السوداني في سوق سماسرة الجوازات من ألف ل15 الف دولار.. لذلك أصبح موضوع مراجعة الهوية مطلب من مطالب الثورة.. لاعادة صياغة هيبة الدولة وجمع الوحدة الوطنية ما بين مكونات الشعب الواحد وخلق تجانس وقواسم وطنية مشتركة تساهم في بث الروح الوطنية للأجيال.. بون شاسع بين منح الرئيس عبود الجواز السوداني للمناضل والزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا بمرسوم رئاسي قانوني كإرث معروف بالعالم لدعم حركات التحرر والنضال في افريقيا والعالم العربي.. وبين ما قامت به كوادر الكيزان من منح الجوازات السودانية بلا قانون وبلا إجراءات رسمية.. مثل الارهابي كارلوس.. حصول الزعيم مانديلا على الجواز السوداني ساهم في دعم نضال الرجل الثوري وتحرير جنوب افريقيا من نظام الفصل العنصري.. فالجواز السوداني كان هيبة وقوة ثورية بين دول العالم.. اعيدوا للوطن مجده وعزته وشموخه وهويته.. ودعوا الفتن القبليّة..