ظل موضوع المصالحة مع الإسلاميين الذين حكموا البلاد ل (30) عاماً بالقوة؛ يسيطر على المشهد السياسي في السودان بين الحين والآخر عبر دعوات تصدر من بعض السياسيين رغم سقوط نظام الإسلاميين بثورة شعبية في ديسمبر 2018م، وقد دخلت هذه الدعوات والمقترحات بين القوى السياسية المحسوبة على الثورة والمسيطرة على السلطة حالياً، وقد أحدث ذلك خلافاً واضحاً بين القوى الثورية بما فيها لجان المقاومة، والتي تمثل الحارس الأول لمكتسبات الثورة. هذه القضية دفعت مراقبين ومحللين سياسيين، إلى القول بأن موضوع مصالحة النظام السابق الذي كان يرفض هو نفسه المصالحة بعد استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري؛ سيصبح القشة التي ستقصم ظهر القوى الثورية في البلاد، خصوصاً أن من بين المكونات السياسية المحسوبة على العهد الجديد حالياً من كانت لديه مصالح وارتباطات مع الإسلاميين في النظام السابق، وليست لديه مشكلة في أن تتم المصالحة معهم ليكونوا جزءاً من ثورة أطاحت بهم بعد أن استخدموا كل الأساليب الدموية لقمعها. وحذر بعض المراقبين من مثل هذه التوجهات التي ربما تؤدي إلى عرقلة مسار الفترة الانتقالية والتأثير على الانتخابات المقبلة التي يتوقع المراقبون أن تعيد تشكيل الساحة السياسية نتيجة لحجم الكتلة السياسية والشعبية التي شاركت في الإطاحة بالنظام السابق. تقول عضو لجان المقاومة بالمهندسين في مدينة أم درمان، زينب محمد، ل (مداميك)، إنه لا يمكن أن يحدث موضوع المصالحة هذا مطلقاً، وأضافت: "نحن لا نقبل المصالحة مع الذين قتلوا واغتصبوا وحرقوا القرى في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وداخل الخرطوم قبل تلك الثورة العظيمة". وتابعت: "كيف يمكن أن نتصالح مع من خرجنا ضدهم وضد أفكارهم التي زرعت بداخلنا العنصرية والكراهية، وفصلت الجنوب؟ ثورة ديسمبر المجيدة جاءت من أجل هدف عظيم هو الخروج من تلك الأفكار المظلمة التي اكتوينا بنارها لثلاثين عاماً". وأكدت زينب أن الشعب السوداني خرج بعد أن رأى أفكارهم وما فعلوه بأفكاره، مشددة على أن السودانيين ضحوا بأرواحهم من أجل أن يذهب نظام الإسلاميين إلى مذبلة التاريخ غير مأسوف عليه. من جانبه، قال عضو لجان مقاومة كرري شمال، عبد الله الجزار، ل (مداميك)، إنه عند الحديث عن موضوع المصالحة مع الإسلاميين، يجب أن يوضع في الاعتبار من في الإسلاميين يجب أن تتم المصالحة معه، ومن منهم من يجب إبعاده بنص القانون الذي باركه الثوار، وهو قانون حل وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو باعتباره عاث فساداً في بنية الدولة، وقتل واغتصب وحرق القرى، وأضاف: "هناك إسلاميون ظلوا جزءًا من المعارضة ضد النظام السابق الذي جاء باسم الإسلام، وشوه تعاليمه السمحة، فكيف نحاسب هؤلاء بأفعال الآخرين؟". وأوضح الجزار أنه يجب على الحكومة أن تعمل بمنطق القانون، ومن أجرم، إن كان إسلامياً أو غيره، يجب محاسبته على ما قام به، وكل من سرق يجب أن يسترد ما سرقه، والكل يحاسب. معتبراً أنه لا يمكن أن تلغي حياة الناس أجمع بسبب مجموعة محددة منهم، لذلك يجب على الحكومة الانتقالية محاسبة المجرمين منهم وإثبات إجرامهم عبر المؤسسات العدالية. ومن جهته، استنكر عضو لجان المقاومة بولاية سنار، منطقة "أبو جيلي"، أحمد مصطفى، أن يتم ذكر موضوع المصالحة مع الإسلاميين، وأضاف: "الشعب لن يعفو أبداً، لا ينتظر من هؤلاء خيراً، وبالنسبة له جميع الإسلاميين في سلة واحدة دون استثناء"، وأكد أن جميع الإسلاميين شاركوا في النظام السابق ودعموه، مضيفاً أنه لا يمكن أن يتصالحوا مع أصحاب الأيديولوجيا المغلقة التي تفترض أنها الصواب دائماً. وتابع: "المنغلقون على أنفسهم هم الذين يحاولون فرض أفكارهم على الآخرين مهما كلفهم الأمر، هذا ما فعله الإسلاميون خلال (30) عاماً من حكمهم". وشدد مصطفى على ضرورة أن يحاسبوا ويتم كشف كل الفساد الذي فعلوه، وتوثيق كل ذلك ليدرس للأجيال القادمة حتى تعرف خطورة من وصفهم بالآفات الضارة. مداميك