احقا باعوكي يا قلعة التعليم؟ وهل يمكن ان تباع جامعة الخرطوم بكل رمزيتها التاريخية والسياسية والثقافية والادبيه والاجتماعية. نعم باعوها كما باعوا الكثير من مرافق البلاد الحيوية. باعوها كما باعو خط هيثرو. وباعوها كما باعوا الآف الافدنة الزراعية للدول. وباعوها كما باعوا الخطوط البحرية السودانية. وباعوها كما باعوا كل قطعة حديد في سكك حديد السودان. باعوها كما باعوا كل اصول مشروع الجزيرة. والقصة حزينة و ( تفور الدم ). فبكل بجاحة طالب المدعو فضل محمد خير تسليمه جامعة الخرطوم الذي يدعي انه اشتراها من حكومة البلاوي البائدة. وهو الآن يريد من الحكومة ان تسلمه كل ملحقاتها بكلياتها وكل المناطق التي حولها على شارع النيل شرقا و غرباً حتى وزارة المالية،بالإضافة إلى كليات الطب والصيدلة وكافة المباني التابعة لها . ويقول ان الذي باع له الجامعة هو والي الخرطوم الاسبق عبدالرحمن الخضر .. ولا ادري بأي حق يبيع هذا العبد الرحمن الخضر جامعة الخرطوم؟ فهل جامعة الخرطوم من مواريث قبيلته؟ ام هي ملك لاجداده؟ . وبصراحة ذكرتني هذه القصة فيلم اسماعيل ياسين ( العتبة الخضراء) وبيع الترماي. والتي كان بطلها الحقيقي شخص اسمه رمضان ابوزيد العبد وتعد هذه القضية من أشهر قضايا النصب فى التاريخ، ولكن غرابتها كانت فى تفاصيلها التى مكنت المتهم من بيع "ترام" للمجنى عليه بكل سهولة ويسر مقابل 80 جنيهًا وكمبيالات بمبلغ مالى قدره 120 جنيهًا آخرين". والقصة انقلها كما هي : ففى أربعينيات القرن العشرين، كان "رمضان العبد" ينتظر الترام رقم (30)؛ لاستقلاله كعادته يومياً من شارع القصر العيني، وفى أثناء ذلك اقترب منه أحد الفلاحين البسطاء، وسأله عن موعد وصول الترام، فأجابه على سؤاله وأعطاه سيجارة كانت بمثابة الطُعم الأول؛ لاستمالته بعدما رأى "العبد" فى عين القروى الحيرة والسذاجة، الذان شجعاه على المضى قدماً فى تنفيذ عملية نصب كبرى، سيخلدها التاريخ فيما بعض لغرابتها. بدأ الحديث يدور بين "رمضان العبد" والفلاح البسيط الذى تبين لها عن طريق الحوار الدائر بينهم أنه يدعى "حفظ الله سليمان"، وجاء إلى القاهرة باحثًا عن عمل؛ لانه لم يجد عملاً مناسباً له فى بلدته، وأنه نظير ذلك حمل معه الكثير من المال اللازم لبدء مشروع صغير، يكون نواة لكسب الرزق بالقاهرة، وكانت تلك المعلومات كفيلة بأن تطمئن "رمضان" إلى أن فريسته محملاً بما يشتهيه من مال، ومخدر بحسن النية والسذاجة. عقب الاتفاق بين "العبد" و"حفظ الله" على كافة التفاصيل قررا عقد الصفقة وكتابة العقود، وتوجها إلى مكتب محام يعمل به صديق للنصاب، وهناك أبرما عقود بيع وشراء الترام مقابل مبلغ مالى قدره 200 جنيه، تقاضى منهم النصاب 80 جنيهًا هم جملة ما كان يحمله الفلاح فى محفظته، وباقى المبلغ ال120 جنيهًا، كتب بهم على نفسه كمبيالات، وفور الانتهاء من كتابة العقود وإنهاء الإجراءات توجها إلى ميدان العتبة فى انتظار استلام القروى البسيط لمشروعه الجديد، وهو "ترام القاهرة". ثم استقل النصاب والفلاح الترام، وتوجه الأول نحو ال"كمسارى" وأعطاه قرشًا صاغ، ووصاه على الفلاح القروى، وأكد له أنه سينزل فى نهاية الخط، مطالباً منه حسن معاملته، ثم عاد إلى الفلاح القروى، وأخبره بأن يتقاضى قيمة الأجرة كاملة من ال"كمسارى" فى نهاية الخط، مطالباً منه مراقبة الركاب أثناء دفع الأجرة، فانفرجت أساريره بشدة، وخلال أقل من ساعة سيعود إليه جزء من المبلغ الذى سبق أن دفعه نظير شرائه الترام. فى نهاية الخط توجه ال"كمسارى" نحو "حفظ الله" طالباً منه النزول، ففوجئ به يطالبه بجملة متحصلات الرحلة، فتعجب ال"كمسارى" من كلامه، وبدأت حالة من الشد والجذب تنشب بينهما، بعد أن ظن الأول أنه أمام شخصًا مخبول، وظن الثانى أن ال"كمسارى" يرغب فى النصب عليه، ولم تنته المشادة إلا فى قسم الشرطة، وهناك أدلى "حفظ الله" بدلوه وانكشفت تفاصيل المؤامرة التى حيكت ضده. لم يكن من الصعب على رجال البوليس، فى ذلك الوقت، التوصل لهوية "رمضان أبو زيد العبد" فقائمة سوابقه كانت كفيلة بأن توجه إليه أصابع الاتهام، وخلال فترة وجيزة ألقى القبض عليه، وتمت مواجهته ب"حفظ الله" الذى تعرف عليه، واتهمه بالنصب والاحتيال عليه، وتحصله منه على مبلغ 80 جنيهًا مقابل بيعه "الترام"، وانتهت القضية بصدور حكم بالحبس لمدة عامين ونصف قضاهم "رمضان العبد" داخل السجن. انتهت القصة. وحقا فقصة جامعة الخرطوم وبيعها اشبه كثيرا بقصة بيع الترماي. وان كنت ادعو الله ان يكون المشتري بسذاجة ذلك الفلاح المصري . و ان يتم فتح تحقيق ويتم القبض علي (رمضان ابوزيد السوداني) عبد الرحمن الخضر . ومحاكمة كل الضالعين في بيع الجامعة. فقضية بيع جامعة الخرطوم قد تثير كثيرا الشعب السوداني الذي يعتبر هذه الجامعه رمزا من رموز التعليم في بلادنا. فلك الله يا جامعة الخرطوم.