* غالبية الشعب يعيشون الفاقة ولا تتوفر لهم احتياجاتهم الضرورية والخدمات * مضى عامان من تكوينه وفقد سنده الدستوري ولكن ما زال يواصل التشريع تلبية للدعوة التي قدمها السيد رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك للحزب الشيوعي للتفاكر حول قضايا المرحلة الانتقالية، قام وفد من المكتب السياسي بتلبية الدعوة في العاشر من يوليو الجاري، وقد ضم الوفد الزملاء محمد مختار الخطيب السكرتير السياسي، صديق يوسف سكرتير لجنة الاتصالات السياسية، صدقي كبلو سكرتير اللجنة الاقتصادية، بثينة خرساني سكرتير مكتب النقابات المركزي، صالح محمود سكرتير مكتب العلاقات الخارجية، ومختار محمود سكرتير الحزب بالعاصمة القومية. وقد أوضح الحزب موقفه من الأزمة السياسية منذ الاستقلال والأزمة الحالية، كما اوضح الزملاء موقف الحزب ورؤيته من قضايا المرحلة الانتقالية، وقد تم ذلك بشكل تفصيلي في ملفات: السلام، الملف الاقتصادي، ملف العدالة الانتقالية والقوانين والسياسة الخارجية وانتهاك السيادة، وملف قانون النقابات وغيرها من قضايا المرحلة الانتقالية. سنقدم من خلال سلسلة حوارات مع أعضاء وفد الحزب رؤية الحزب التي قدمها لرئيس الوزراء خلال اللقاء الذي امتد لأربعة ساعات متواصلة. أجرى الحوار: هيثم دفع الله **ماذا تم بلقاء رئيس الوزراء لوفد الحزب؟ = تم الاجتماع بدعوة من رئيس الوزراء حول المناقشة حول مبادرته، وقد أوضح أنه استلم رد الحزب حول المبادرة، من جانبنا أثنينا على عرض عدة قضايا والمصاعب التي تواجه التنفيذ حتى يستطيع الشعب أن يفهم ويتابع ما يجري من سياسات ويسهم الشعب في الحل، وعدم الوضوح في طرح القضايا تستغله القوى المضادة للثورة وبث رؤى مضادة حول ما جاء في المبادرة أوضح أنه منذ الاستقلال لم يتم الاتفاق على برنامج وطني بشكل كافي، وأن الأزمة العامة لا زالت تتصاعد. وهذا كلام صحيح ينطبق على المنهج والبرنامج المنفذ منذ الاستقلال تحت ظل الحكومات المتعاقبة مدنية وعسكرية، وينطبق أيضاً على البرنامج والسياسات التي تنفذ من الحكومة الانتقالية بعد الثورة وهذا هو السبب في تصاعد الأزمة. هذا البرنامج أورث السودان التخلف والفقر والجهل وأدى إلى عدم الاستقرار السياسي وسادت الانقلابات العسكرية نتيجة للمظالم مما سبب الحروب الداخلية، وهذا نتيجة لأن السودان لم يفارق موقعه في تقسيم العمل الدولي، وبقى منتجاً ومصدراً للمواد الخام بأيدي رخيصة وسوق للمنتجات في الخارج بما في ذلك الغذاء، نتج عنه تبادل غير متكافئ أدى إلى تدهور اقتصادي وعجز في الموازنات العامة والمدفوعات والميزان التجاري، ومن ثم الاعتماد على المنح والقروض ولسد العجز وأحداث بعض التنمية في إنتاج المواد الخام، مما أدى إلى الغرق في الديون الداخلية والخارجية والخضوع للمدينين، وإشراف المؤسسات الدولية على الاقتصاد ، وتوجيه سياسة الدولة لمصلحة الدول المدينة وارتهان إرادة الدولة ونهب الموارد وفتح السودان لنهب موارده. ** وما الذي طرح آنذاك؟ = تفاقمت الأزمة العامة بوصول الرأسمالية الطفيلية إلى السلطة عبر انقلاب 89 وطرح المجتمع الدولي بقيادة أمريكا مشروع الهبوط الناعم القائم على مشاركة بعض قوى المعارضة في السلطة وفق خارطة أمبيكي والإصلاح من خلال انتخابات 2020. المشروع الآخر كما طرح في الساحة إسقاط نظام الانقاذ وتفكيكه وتصفيته، والحل الجذري للأزمة العامة وفترة انتقالية معقولة محددة بأربع سنوات لتنفيذ ميثاق برامجي توافقت عليه تنظيمات الأحزاب وبعض من الحركات المسلحة. الشعب السوداني رفض أي مساومة مع النظام وكان خياره الثورة والتغيير الجذري ومفارقة منهج الحكم الذي ساد منذ الاستقلال وراكم الأزمة العامة مما خلق التخلف والفقر والتوجه نحو تأسيس دولة مدنية وديمقراطية تسع الجميع تعمل على ترسيخ الديمقراطية واستدامة السلام والخلاص من التبعية للخارج، وأن يتم عقد مؤتمر دستوري قومي في نهاية الفترة الانتقالية تتشارك فيه جميع مكونات السودان المجتمعية للتوافق حول وضع ملامح الدولة الحاضر والمستقبل وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة. ** هل حكومة الفترة الانتقالية بشقيها لا تمثل قوى الثورة؟ = نعم ،،، تم قطع الطريق عن طريق انقلاب اللجنة الأمنية وما تبعه من مجزرة فض الاعتصام وبناء تحالف بين العسكر وقوى الهبوط الناعم وبعض القوى الأخرى، علاوة على بعض رجال الأعمال ووكلائهم بمساعدة ودعم من قوى خارجية لها مصلحة من الانحراف بالثورة وتم توقيع وثيقة دستورية معيبة، والسير على منهج ذات النظام المباد. هذا يوضح أن الحكومة بشقيها لا تمثل قوى الثورة ولا تنفذ مصالحها، وتعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية المرتبطة بالقوى الخارجية، وبالضرورة أن تتفاقم الأزمة العامة وانعكاساتها على حياة الشعب، مما أدى إلى خروج المليونيات للدفاع عن الثورة حرية وسلام وعدالة والقصاص من مرتكبي المجزرة. تمت هيمنة من العسكر على المرحلة الانتقالية وخلص للمكون العسكري اصلاح وإدارة القوات النظامية دون أدنى تدخل من القوى المدنية، كما تم تقنين واستيعاب قوى الدعم السريع وجعلها قوى موازية للجيش. تواصل الاعتداء على الحريات والانتهاكات الجسيمة على حقوق الإنسان بقوى عسكرية متعددة تقوم بالاعتقال والتعدي وتعذيب النشطاء حتى القتل دون مساءلة ورفع حصانات. شاب التسويف لجان التحقيق مثل ما حدث في مجزرة فض الاعتصام. ما زالت القوانين المقيدة للحريات سارية. التقارير الدولية أحالت وضع الحريات في السودان إلى ما قبل الثورة، خاصةً في حرية التعبير والصحافة. والتسويف في قانون النقابات واتحاد المزارعين سار على ذات النهج الكان مرفوض في النقابيين بعيداً عن التقاليد النقابية السودانية. ** ما هو موقف الحزب عن المفوضيات والمجلس التشريعي؟ = لم تستكمل مستويات الحكم بعد مرور عامين لم يتم تكوين المجلس التشريعي ولا المفوضيات المستقلة. والاستعاضة عن المجلس التشريعي بمجلس تشريعي مكلف من المجلسين السيادي والتنفيذي، وحددت بفترة 3 شهور مضى عامان من تكوينه وفقد سنده الدستوري ولكن ما زال يواصل التشريع، وقام بإقرار قوانين وقرارات تحدد مستقبل السودان. وبذلك يكون قد تم ضرب قاعدة أساسية في الديمقراطية هي الفصل بين السلطات، والحكومة الإنتقالية تعمل دون أي رقابة مؤسسية، من جانب آخر أخرج المكون العسكري مجلس السيادة من مهامه الموكلة إليه، والمسك بملفات تنفيذية اساسية منها ملف السلام. مضت اتفاقية جوبا على نفس منهج النظام المباد واعتماد الاتفاقيات الثنائية والحلول الجزئية مع الحركات المسلحة دون مشاركة من القوى السياسية وأصحاب الشأن، وابتداع مسارات كرست للجهوية والقبلية لذلك لم تحقق سلاماً. فالحلول الجزئية تعني الحل في ذات إطار السياسات التي قادت للحرب، وهذا هو الواقع المعاش في مناطق النزاعات، وما زال النازحون يقبعون في المعسكرات دون الرجوع إلى قراهم الأصلية وتواصل هجوم المليشيات عليهم. ** وماذا طرحت عن سياسة الحكومة الاقتصادية التي أرهقت الشعب السوداني؟ = الحكومة الإنتقالية اتبعت سياسات اقتصادية على ذات النهج السائد الذي أدى بالسودان إلى التبعية، وخرج عن توصيات المؤتمر الاقتصادي لقحت والذي دعا إلى الاعتماد على الذات وحشد الموارد لإيقاف التدهور الاقتصادي وتحسين الوضع الحياتي والتخطيط المركزي للتنمية والخدمات لتحقيق التوزيع العادل للثروة ولكامل الأقاليم والأسواق الداخلية، وذاك هو عين ما طرح في ميثاق الحرية والتغيير ووثيقة هيكلة السودان، والتي تدعو إلى اقتصاد مختلط يدير ويمتلك القطاع العام والقطاعات الاستراتيجية ويشجع القطاع التعاوني ويوفر حماية للقطاع الخاص الوطني المنتج. ولكن انتهجت الحكومة الانتقالية سياسة السوق الحر التي أملاها البنك الدولي، ورفضها الشعب السوداني بتجاربه ، وكان بالضرورة النتيجة الكارثية الحالية. في الواقع المعاش تحُول سياسة السوق الحر عن تحقيق مبدأ المواطنة في الحقوق والواجبات وتصبح مجرد شعار للاستهلاك لأن هذه السياسات تزيد الأثرياء ثراءً والفقراء يزدادون فقراً، وبذلك يعيش الأثرياء حياة رفاهية ويتعالجون في أرقى المستشفيات بالداخل والخارج، في حين غالبية الشعب يعيشون الفاقة لا تتوفر لهم احتياجاتهم الضرورية والخدمات، ويتم حرمانهم من القدرة على توفير العلاج لأبسط مرض ويفقد ابنائهم فرص التعليم والتسرب من المدارس لضيق ذات اليد وعدم القدرة على دفع الرسوم المدرسية وغيرها. ** وماذا عن قلتم عن سياسة السودان الخارجية وسيادة أراضيه؟ = حافظت الوثيقة الدستورية المعيبة وأبقت السودان تحت سياسات المحاور والأحلاف العسكرية والحفاظ على القواعد العسكرية في أراضي السودان، ومواصلة النهب لموارد السودان علاوة على الطمع في لمداخل والمرافئ السودانية، واستغلال الوضع الجيوسياسي للسودان لخدمة أجندة اجنبية. وهذا انتقاص للسيادة السودان الوطنية وتعريض السودان ليصبح منطقة حرب بالوكالة بين القوى المتنافسة على الموارد والنفوذ، مما يهدد سلام الشعب السوداني، والحل في انتهاج مسار التغيير الجذري. **حسناً ما هو رأي الحزب الذي قدمتموه عن تفاقم الازمة؟ = أما السبب وراء الأزمة وتصاعدها فيرجع إلى مفارقة الحكومة الانتقالية طريق الثورة وشعاراتها ومواثيقها لتهيئة السودان لنهضة وطنية ووطن يسع الجميع، واتباع الحكومة الانتقالية لذات المسار السياسي الاجتماعي الذي راكم الأزمة العامة وقاد السودان إلى التخلف والفقر والتبعية للخارج. ولقد تصاعدت الأزمة باستمرار الحكومة الانتقالية على ذات سياسات النظام البائد الاقتصادية والاجتماعية، والبحث عن الحلول في الخارج مما أخضعها إلى إملاءات الخارج. والحكومة الانتقالية بتركيبتها الحالية وحاضنتها من النخب السياسية غير مؤهلة لحل الأزمة، والحزب مهتم بقضايا الجماهير ويمد يده لكل من يعمل ويسعى لإحداث التغيير الجذري، ثم تطرق وفد الحزب في الاجتماع بتفصيل حول قضايا الاقتصاد والتدهور المعيشي، وقضايا العدل والحريات العامة، وقانون النقابات، والسلام والحكم المحلي. **ما هو موقف وفد الحكومة حول ما قدمتموه من رؤى؟ = فتح نقاش وشكروا الحزب على أطروحاته، وأبدوا استيعابهم رؤاه، وهم اتفقوا أم اختلفوا مع هذا التحليل وطرح الحزب يرون أنه طرح موضوعي يصب في مصلحة الشعب السوداني، فديدن الحزب الاهتمام بقضايا الوطن وإيجاد الحلول للقضايا التي تواجه.