مديحة عبدالله وضع مرير وظلامي يسود أفغانستان عقب عودة طالبان لسدة الحكم في هذا البلد الحزين، مشهد أكثر من عشرة آلاف شخص عند بوابات المطار يرغبون في الفرار من بلادهم حسب تقارير وصور نقلتها وسائل الإعلام العالمية، تكشف مدى الخوف والذعر السائد في الشارع الأفغاني من تحكم طالبان في أمور البلاد. من المؤكد أن النساء سيواجهن أوضاعًا غير إنسانية، وسيجرى انتهاك واسع للحقوق خاصة التعليم والعمل، وستفرض طالبان رؤيتها الظلامية على المرأة (محل تطبيق رؤيتهم للدين)، إنه درس قاسٍ موجه لكل البلدان التي تعايش أوضاعا هشة، منها بلادنا، فدرس أفغانستان (دون الدخول في تفاصيل) يكشف أن بناء دولة المواطنة الديمقراطية ليس نزهة وليس بترديد الشعارات، بل بالعمل الصعب الذي يغرس مبادئه وأهدافه في عمق المجتمع، وإن البناء المدني لن يُكتب له الحياة دون ثورة ثقافية تقلع جذور الظلام والأفكار البائدة والمفاهيم غير الإنسانية، ومواجهة الأعراف والتقاليد تلك التي تكرس للتخلف والقمع دون خوف. هذه المواجهة هو ما ينقص عملنا من أجل تأسيس الدولة المدنية، فبؤر التطرف الديني كامنة، ومخابئ المفاهيم المعيقة لحقوق المرأة لم يٌسلط عليها الضوء، والأعراف الظالمة ما زالت تعمل في بيئة اجتماعية لم تشهد نقاش أو مواجهة قط، لذلك فنحن في وضع اجتماعي هش غير مهيأ للانتقال المدني، وضع يهدد حتى الانتقال السياسي. درس أفغانستان واضح رغم كل الملابسات الأخرى خاصة بالنسبة بالنساء السودانيات، علينا الوعي التام بأن الانتقال الاجتماعي لن يكون سلسًا، وعلينا العمل ليل نهار من أجل ضمان أن تغرس المفاهيم المدنية أقدامها في الأرض، وهو جهد لن تقوم به النساء لوحدهن بل مع كل القوى المدنية والديمقراطية، ومن هنا فأن الحديث عن المشروع الوطني للانتقالي لا بد أن يستند على مفاهيم إنسانية تجدد الدماء في شرايين المجتمع، وتهز ساكن المسكوت عنه من ثقافات كشرط لا بد منه لضمان أن لا نواجه (طالبان سودانية)!! ________ الميدان