مناوي: المدن التي تبنى على الإيمان لا تموت    الدعم السريع يضع يده على مناجم الذهب بالمثلث الحدودي ويطرد المعدّنين الأهليين    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    تقارير تتحدّث عن قصف مواقع عسكرية في السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالفيديو.. عودة تجار ملابس "القوقو" لمباشرة البيع بمنطقة شرق النيل بالخرطوم وشعارهم (البيع أبو الرخاء والجرد)    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. حكم راية سوداني يترك المباراة ويقف أمام "حافظة" المياه ليشرب وسط سخرية الجمهور الحاضر بالإستاد    شاهد بالفيديو.. مودل مصرية حسناء ترقص بأزياء "الجرتق" على طريقة العروس السودانية وتثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بالصور.. أشهرهم سميرة دنيا ومطربة مثيرة للجدل.. 3 فنانات سودانيات يحملن نفس الإسم "فاطمة إبراهيم"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توازن القوى بين الإمبريالية والشعوب العربية الإسلامية في نعي بن لادن وانتهاء دور مدرسة المرجئة

«من جعل بؤساً كأذى» قالتها هند بنت الخس وقد سئلت عن حر الصيف وبرد الشتاء.
وهكذا عندما ننعني الشهيد أسامة بن لادن نقف أمام الظاهرة التي إفترعها في محاولة العودة بأممية الإسلام «سياسياً» كتعبير عفوي مضاد للامبريالية «سيطرة رأس المال المالي» يتضح ذلك جلياً عندما نعيد ترتيب الأحداث في سياق التاريخ.
تتمثل الدروس الجهادية الحديثة بمدرسة المرجئة القرن الثامن الميلادي والتي ترجئ قبول الايمان بعمل المسلم وذلك ان لم ينظر في عمله وفق الشرع يكون قد كفر وبالتالي تجوز القتل. وعندما رجع عن قول المرجئة عبدالله بن عتيبة بن مسعود الهذلي الكوفي الزاهد وهو اخو عبدالله بن مسعود «راجع تهذيب التهذيب وصفوة الصفوة» «3:55» «القرن الثامن الميلادي» قال:-
وأول ما نفارق غير شك
نفارق ما يقول المرجئونا
وقالوا مؤمن من اهل جور
وليس المؤمنون بجائرينا
وقالوا مؤمن دمه حلال
وقد حرمت دماء المؤمنينا
يندفع التاريخ صاعداً بتطور وحدة وصراع الأضداد وقانون التراكمات الكمية التي تؤدي لتغييرات كيفية. وننظر في مقارنة صارمة بين حالة «انتحار» محمد البوعزيزي ومئات الانتحاريين من القاعدة ونرى ان الفعل التاريخي - باعتبار النتائج يسير في نوعية - فما انجزه احساس فرد من الباعة المتجولين بالمهانة المزدوجة بمصادرة مورد رزقه واهانته الشخصية بالصفع وعدم قبول احتجاجاته أدت لعمل استشهادي دفاعاً عن الكرامة الإنسانية أي ضحى بنفسه لصالح المجتمع مما أثمر ثورة الياسمين، أما أعمال القاعدة على طريقة - عليَّ وعلى الأعداء يارب - فهي استجابة لرد فعل ساذج سياسياً ولذا علينا ونحن نحس الحزن الشخصي لفقد أي مسلم ونشارك أسرته الأحزان في مصابها ولكن نقدم نقداً علمياً لا هوادة فيه لممارسة السياسة لقاعدة الجهاد وهي لا جديد فيها ما بقى الظلم وانعدام الحريات ومنع أساليب الاحتجاج المدني من ان تبلغ مآلها الطبيعي من الذكر والقدوة والموكب والذهاب للمحكمة كآليات تفترض مسبقاً التزاماً صارماً من أهل الحكم بالشفافية والمحاسبية واستقلالاً حقيقياً لأجهزة انفاذ العدالة بدءاً من الشرطة وانتهاءً بالقضاء. فحيثما استخدم القانون لحماية حقوق الإنسان تسارعت التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعم السلام والأمن وأخذ المجتمع بناصية التقدم في ثورة المعلومات والتكنولوجيا. وحيثما انعدمت حرية التعبير والتنظيم أو تم تدجينها ظهر العنف والعنف الغاشم. فسيرة بن لادن مقاومة غاشمة لعنف غاشم هو إرهاب مؤسسة دولة رأس المال الاحتكاري. والتي ابتدعت الشركات متعددة الجنسية والعابرة للحدود فاعتقد بن لادن أن دولة - بأيديولوجية المرجئة - عابرة للحدود هو المقابل الإسلامي الذي يسلم له رأس المال المالي منطقة نفوذه !!. وتنقل هذه المدرسة حالة الرضى والشراكة في اقتسام الغنائم بين قوى التحالف الغربي واستخدام الأساليب السلمية والنفس الطويل والهادئ لتقسيم النفوذ والأسلاب في مقابل ضيق صدر مدرسة بن لادن بالمسلمين وفرض الفرقة والشتات وبالتالي تصبح إحدى أدوات توفير الجو الملائم لهيمنة الاستكبار كما يسميها الامام الخميني ويسميهم الامام محمد أحمد المهدي قبله بعلماء السوء.
فأدب الخلاف يبدأ بالاعتراف بالآخر مهما كانت طبيعة أساليب الصراع فقطري بن الفجاءة «الخارجي» المعروف كان يقاتل مصعب بن الزبير- عندما ولي العراق نيابة عن أخيه عبدالله- عشرين سنة ويسلم عليه بالخلافة.
اذن لماذا ورغم ما بذله الشهيد بن لادن من حرب ضد الارهاب الأمريكي أودي بحياته لم يقترب من عودة الدولة الأممية الإسلامية؟؟ والاجابة ببساطة لأن توازن القوى بين الارهاب القاعدي والارهاب المؤسسي للامبريالية فارق ضخم. فالتناقض المزمن في بنية ايديولوجية القاعدة وهي القتل دون تفريق بين مسلم وغيره جعل المسلمين في باكستان مع تعاطفهم معه يسعون للتخلص من هذه المدرسة. فإدعاء الحكومة الباكستانية يبرز عمق أزمة لدولة فانها هي لا تعرف بمكانه وهو لم يطلب مساعدتها من الامريكان وبالتالي استباحوا سيادتها ونفذوا عملية قرصنة بكل المقاييس أثبتوا ان اراضي باكستان وافغانستان والخليج ما هي إلا القاعدة الحقيقية لارهاب الدولة. ولأن الاختلاف بين الطرفين كان على غنائم ما بعد التحالف على إسقاط السوفيات.
وتعود القصة الى منتصف السبعينات من القرن الماضي حين بدأ تحالف بين جماعات إسلامية مع المخابرات الأمريكية تحت مسمى تحالف الايمان ضد الالحاد وبدأ هذا الحلف غير المقدس في الظهور علناً في الاعلام الأمريكي «ما يعرف لدى المواطنين بالمركز الثقافي الأمريكي» بإصداره كتاب جرى توزيعه على نطاق واسع حول المجاهدين في افغانستان في 1976م. ومنذ ذلك التاريخ بدأت المخابرات الأمريكية تبعث بمجموعات عربية وإسلامية حتى صار هناك جيش متعدد الجنسيات الإسلامية يفوق تعداده تعداد القوات الأفغانية وهو بلغة القانون الدولي «قوات مرتزقة» من هذا الزخم العسكري في افغانستان نشطت حركة بناء منظمات المجتمع المدني الإسلامي في باكستان والتي صارت معملا للتدريب على عمليات الامداد المدني/العسكري «للمجاهدين» في افغانستان. بطرد السوفيات من افغانستان وقيام نظام طالبان وتأثر النظام الباكستاني بالمد الإسلامي كان لابد من ان ينتشر التوجه الإسلامي السياسي في بقية البلدان التي شاركت «شعبياً» في تحرير افغانستان وعندها ظهر جلياً لهؤلاء ان الامريكان لا يمثلون معسكر الايمان المسيحي وان المعسكر الغربي يتنافس فيما بينه لصالح بلدانهم لأجل النفوذ الاستراتيجي والسيطرة على الموارد الطبيعية والخامات الطبيعية.
كتب أيمن الظواهري- أمد الله في أيامه- وهو المخطط الاستراتيجي للقاعدة- بعد السقوط الداوي لبرج التجارة الدولية فيما عرف بأحداث 11 سبتمبر ان الهدف الاستراتيجي للضربة هو جر الولايات المتحدة للعمل العسكري الميداني بدلاً عن العمل بالوكلاء المحليين وعندها يتحول المسلمون للجهاد.
وبمعزل عن الشيخ الظواهري في نظريته لم يحسب التكلفة او ما يعرف في التخطيط الاستراتيجي cost versus action فان الفكرة نجحت تماماً في جر السيد بوش ولكنها في نفس الوقت وفرت غطاء لتغطية الممارسة السالبة للقاعدة في تصنيف المسلمين والقتل الحزبي بعيداً عن الدين الوسطي السمح فقد قتلت القاعدة أعدادا أكبر من المسلمين الشيعة وحتى السنة غير المقتنعين باسلوب مدرسة القاعدة الإسلامية أكثر مما قتلت من الأمريكيين واعتمدت اداة عمياء في الجهاد وهي القنابل والتفخيخ الانتحاري/الاستشهادي.
امبراطورية جورج بوش أرادت ان تكسب وتوسع سيطرتها على أسواق النفط والغاز مادام ان الدب الروسي سلخ جلده الشيوعي ولبس جلده الوطني البراجماتي ولم يفرط في نفطه وغازه وسلعه الاستراتيجية الأخرى، فان عين الامبراطور بوش «تماماً كما فعل جينكيزخان وقبله الاسكندر الأكبر» بضرب الحلقات الضعيفة في سلسلة النفوذ الروسي وابتلاعها لذا وجد العرب الأفغان «جيش المؤمنين» انهم قد تخلت عنهم الولايات المتحده فبدأوا مشروعهم للحفاظ على المكتسبات الأرضية التي تحققت باستخدام افغانستان كقاعدة للجهاد «ومنها آتى الاسم الرنان».
ولاعلان العالم بمولد الدولة المعادية للإسلام باسم الإسلام بدأ البحث عن الصغائر التي تكرس لعزلة الإسلام والمسلمين عن قضايا العصر وكان العداء للمرأة وعمل المرأة ومعاداة الأديان الأخرى أضخم إنجازات طالبان على الأرض وكان على جيش العرب الأفغان أن يبشر بمبادئ الصحوة الإسلامية المتوافقة مع صعود اليمين المحافظ في الولايات المتحدة وبينهما مقاربات وتشابه شديد خاصة في العداء للديمقراطية وآحادية النظرة لحقوق الإنسان.
لماذا رفض جورج بوش في عام 2001م عرض طالبان بتسليم أسامة بن لادن:-
تقدمت طالبان عبر وزير خارجيتها وكيل أحمد متوكل بان تقوم طالبان بتشكيل محكمة إسلامية لبن لادن عبر منظمة المؤتمر الإسلامي وفي مرحلة ثانية بقضاة إسلاميين في افغانستان. في المرحلة الأولى ان تقدم الولايات المتحدة أدلتها الجنائية ضد الشهيد بن لادن وفي المرحلة الثانية ان تقرر محكمة إسلامية مختصة، ولكن كانت أحداث سبتمبر لأغراض أوسع من موت بعض الأمريكيين الأبرياء انها اداة المجمع الصناعي العسكري واللوبي الصهيوني - هما يملكان 80% من الاستثمارات الصناعية المالية العسكرية- وبالتالي فصناعة الحرب ترغب في زمن السلم في استهلاك وخفض المخزون الاستراتيجي للأسلحة هذا القطاع يمثل الآن عقدة التوازن الاقتصادي للامبريالية فكلما نجحت سياسات دولة الرفاهية في تقديم خطوة تجرها الآلية العسكرية المالية خطوتين الى الوراء. انه السعي الأعمى وراء الربح فوق صرخات الموعزين والفقراء والذين شردوا من إعصار كاترينا. فاستخدام أحداث سبتمبر لتوسيع الحرب في الشرق الأوسط والأدنى واستخدام عداء القاعدة «ممثل تيار المرجئة المتطرف» الذي لا يفرق بين المسلم والأجنبي ويضرب المسلمين ويروعهم. وبهذا أخافت القاعدة النظم الإسلامية المحافظة ووحدتها خلف «مكافحة الارهاب» فصار كل من يعادي القاعدة فهو مسلم حميد - طبقاً بمواصفات امريكية- والنتيجة ان استمر حلف الشيطان الأكبر رأس المال المالي «الامبريالية» وتمزق حلف المسلمين كأنما لا يقرأون الأية الكريمة «وتختلفوا فتذهب ريحكم».
رعب الامبريالية من ثورات الشعوب العربية ذات المحتوى الوطني والتي حتماً تصادم الامبريالية فيما تعتقد بأنه حقها واوكسجين وجودها وهو رأس المال المالي. فحق الشعوب العربية والإسلامية من وجهة نظر الامبريالية أن تبيع بترولها للغرب بعملات الغرب وشروطه وان تحول هذه الأموال عبر البنوك الغربية فيربح الغرب اولاً من وسيط الأموال وثانياً من السلع والخدمات وتكسب نظاماً استهلاكياً «المعاصرة» ومدن اشباح لا تعرف من الدين إلا مساجد لا تربي ضميراً لوحدة الأمة بل نفوراً وتنافراً بين الجماعات يتمثل فيها الشيوخ تحريض القوم على بعضهم بعضاً وبالتالي يستقوي بعضهم بالأجنبي. أنها العودة لعصر دولة الطوائف التي دامت - حتى مقدم صلاح الدين الأيوبي- حينها صارت الطوائف لا تستنكف التحالف مع الصليبيين لقتل المسلمين المجاورين لهم «راجع الصليبية».
وبموت بن لادن وقيام الثورات الوطنية في تونس ومصر وخلخلة النظام في اليمن وسوريا مع استقرار النظام الوطني في لبنان سارعت الامبريالية لخلق أزمتين تضمن استدامة المكاسب التي تحققت.
عندما ترى الولايات المتحدة انهيار سياستها الاستخفافية بالشعوب العربية في مصر ولبنان وتونس وهي شعوب أعلى درجة في سلم الوعي الاجتماعي السياسي من شعوب الخليج فانها تشدد قبضتها على دول الخليج ولذا وبسرعة البرق ضربت الاحتجاجات البحرينية مستخدمة ما يسمى بدول بمجلس التعاون الخليجي هذا المجلس الذي يمثل عملياً وكيل أعمال الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة تريد نفطاً يغرق الأسواق بأضعاف مضاعفة عن حاجة السوق وذلك لتحقيق ثلاثة مصالح للولايات المتحدة:-
1- هيمنة الوقود الأحفوري على نمط الحياة الامريكية فوقود رخيص يعني حياة مرفهة في متناول الجميع.
2- يعزز استراتيجية الولايات المتحدة في اطالة وإستدامة المخزون الأمريكي في السواحل الأمريكية.
3- يكون عامل سيطرة على البلدان الوطنية الطامحة للتطور الصناعي المدني والعسكري والاكتفاء الذاتي مثل ايران وفنزويلا والبرازيل وعديد من البلدان التي صارت مستقلة عن ارادة الامبريالية العالمية واتجهت في سياساتها الخارجية نحو اللعب في التناقضات بين أطراف السوق الامبريالية.
4- إذن تمثل السعودية وبقية مشيخات الخليج مفتاح السيطرة على الأسواق النفطية.
5- الاقتصاد الخليجي يمثل بالنسبة للولايات المتحدة مقايضة البترول بالدولار.
إذن فإن ثعبان الامبريالية يقاتل وظهره على الحائط ولا يتورع عن قتل الأطفال والنساء وتخريب البنية التحتية بالقنابل والصواريخ والطائرات وبوقاحة متناهية يضيفها لفاتورة الضحايا. هذا ما حصل «للشقيقة» ليبيا حيث أن قرارات الأمم المتحدة يتم لوي عنقها لتتناسب مع مصالح المؤسسات العسكرية المالية. تقدم القذافي بإقتراح الدينار العربي/الافريقي واستقلالية البنك المركزي الليبي وإطلاقه لقمر اتصالات افريقي جعلت التحالف الغربي يلهث للخلاص من القذافي ووضع نظام المعارضة المدنية الدينية وكانوا يدركون- لأنهم كانوا داخل النظام مصلحة الغرب في التبعية للرأسمال المالي الغربي. ولذا كأول بدعة من نوعها في التاريخ يبدأ نظام في مرحلة الثورة بإقامة بنك مركزي وذلك مقابل ان تستمر الحملة الغربية للتخلصهم من القذافي. نعم يجب ان يغادر القذافي لكن هل يبدل الشعب الليبي سيدا محليا بسيد أجنبي؟؟.
هكذا في وسط هذا الحراك المتسارع تعج المنطقة بالانقلابات الوطنية والانقلابات المضادة ويتضح ان المعركة ضد إرهاب الدولة صارت أكثر وحشية. وبتكالب القوى المحافظة بهلع وخوف لاحتواء ثورة الشعوب وفي هذا الهلع والرعب من الشعوب يتنادى مجلس التعاون الخليجي لوأد المطالب الشعبية في البحرين فعدالة الحكم وهو النص الأصيل الراسخ في القرآن الكريم «اذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل» فهو شرط الصحة للحكم. فإن كان العدل يقتضي تنفيذ الحدود الشرعية نفذت، وان كان العدل يقتضي رفعها رفعت، وان كان العدل يعني اعتبارها سقفاً للأحكام جعلت كذلك. واذا لم يدرك الحاكم اننا متعددون في مدارس السياسة بالدين فهو يتحزب لمدرسته وتياره على حساب بقية المسلمين ويبحث عن السند والدعم لاستدامة هذا الجور على بقية المسلمين.
لقد كسرت الجماهير حاجز الخوف وانطلقت لدعم استقلالية الهوية العربية الإسلامية المرتبطة بقضايا العصر وحقوق الإنسان في العدل والمساواه. ولن يحمي التحالف الغربي الشموليون القدامى والجدد لأن شعب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يحاصرون مد الليبراليون الجدد وإفلاسهم الفكري والسياسي الذي يرهن الاقتصاد للمؤسسة العسكرية المالية والتي اختطفت الديمقراطية الاجتماعية وحدت من الحريات والحقوق المدنية والسياسية بترسانة من قوانين «مكافحة الارهاب» وبداية سقوط هذه المدرسة بفك ارتباطها بالقاعدة خط الدفاع الأول والانتقال لتحصين النظم المحافظة ورص صفوفها من الخليج الى المحيط عسى ان يصمد خط الدفاع الثاني في مواجهة الشعوب. وقبل ان يبدأ مجلس التعاون الخليجي في شكله الجديد بمشاركة ملك الأردن والمغرب بعثت الشعوب العربية برسالتها في يوم النكبة في الزحف على الحدود الاسرائيلية، وبذا تحددت الأجندة الاستراتيجية للصراع أما مواجهة المد الامبريالي الصهيوني بأجندة كاملة للتحرير والتغيير الديمقراطي للتحالف الغربي واما الخنوع وتسليم موارد وثروات الأمة للتحالف الغربي. والتاريخ حكم عادل بين قوى الصراع الإنساني وحاسم لصالح قوى الخير والعدل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.