ليس من فراغ ان يثور الشعب السوداني ويقتلع نظام الانقاذ اللعين في عدة ايام . وليس الامر جوعا او عطشا بل كان رفضا للفساد الذي عم البر والبحر . فبأسم الدين قتلوا ونهبوا. وباسمه ظلموا وسفكوا الدماء. وكان كل ذلك رغم عناوينهم الكثيرة والخادعة وقد علقوها في المساجد والميادين والشوارع. وبرغم تلك الشعارات التي كان تصم الآذان. فكانت بيوت التعذيب و القهر وكان اذلال البشر. وكان قطع الرؤوس وكانت الخوابير وكانت المسامير التي دقت في الرؤوس . فكان الحل ثورة شعبية. وما احوجنا بعد هذه الثورة الشعبية لتجديد حقيقي لكل تفاصيل تراثنا الإسلامي وبما تمليها علينا ظروف الزمان وتطوراته المتلاحقة . فلم يكن المجتمع الإسلامى فى تاريخه الطويل أحوج إلى التجديد منه اليوم. فالبشرية جمعاء تواجه اليوم مراحل تحول حضارية عالمية هي في النهاية مذهلة ومحيرة بكل المقاييس. وقد لامست تلك التحولات المبادىء والأخلاق والقيم المجتمعية. ولاننا جزء من هذا العالم الكبير والمتحول فاننا نحتاج حقا إلى فكر اسلامي جديد تصيغه لنا عقول مستنيرة ومعتدلة تعطي هذا الواقع ما يلزمه. شريطة ان يكون ذلك بعيدا عن الجمود والتقاليد والعادات المتخلفة . فلا يمكن بأي حال من الاحوال مواجهة عصر النانو والميديا وما فيه من تحديات وتحولات وإشكالات ومستحدثات ومستجدات بكتب قديمة موضوعة ومغلوطة قد وضعها من سموا انفسهم اسلاميون وهم نقيض لذلك . فكل أفكارهم وفتاويهم قد وضعت في قوالب تتناسب وتنظيمهم العالمي . وقد غطتها الخرافات والأوهام . والغريب انهم قد جعلوها قيودا وزنازينا لغيرهم لتكون سجنا للامة كلها حتي تبقي الامة حبيسة في ماضي ألاجداد . والمصيبة انهم لم يتوقفوا عند هذا الحد بل أصبحوا وكأنهم وكلاء الله في الارض يوزعون كالمسيحيين صكوك الغفران ، فمكنوا لانفسهم ما لا يجوز . وكانت غاية إبداعهم وصف الآخرين بالكفار واخراج من لا يتفق معهم من الملة. وحقا فلقد عطلوا مسيرة الامة بافكارهم الظلامية ، وعطلوا ما يملكونه وما كرمهم الله به وهو العقل بحجة الخوف على الموروث . وكلما حدثتهم قالوا " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون.." . فكم من السنون قد مرت علي الامة دون تجديد حقيقي او مراجعة . فكتب تراثنا الإسلامي مالم يتم مراجعتها وتنقيحها وتصحيحها وتجديد مضامينها وغربلتها فقد تتسرب اليها الاساطير والخرافات والدجل والافكار المتطرفة. وقد تصبح مادة دسمة للمتطفلين والجهلة والكتبة وتجار الدين يعبرون من خلاله للطعن والتهجم على رسالة الإسلام العظيمة . ولذا فرسالتنا الي علماءنا الافاضل من أهل الإختصاص ومن تحترمهم الامة، ان يوقفوا كل هذه الجماعات الضالة والتي تتلاعب بالدين . فالدين الذي نعرفه هو دين الرحمن. و نبينا عليه الصلاة والسلام هو اشرف خلقه.