البداية كانت بالدكتور عمر القراي، مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي،الذي أفصح عن رأيه بوضوح بأن المناهج القائمة ، متخلفة ومترهلة وتعمل علي أدلجة الطلاب والتلاميذ وتعتمد على الحفظ وليس الفهم ، ولابد من تعديلها وتطويرها …وكان ذلك كافيا لدي البعض لإثارة الفتن واتهامه بالعمالة والردة والكفر وهو العالم المتخصص والمتبحر حتي في علوم الدين…فكان لهم ما أرادوا وحرموا المناهج من التطوير والتحديث.. ثم جاء الدور علي الرجل التربوي الثاني، بالتزامن من حملة القراي ، وهو البروف محمد الأمين التوم ، وزير التربية والتعليم السابق. فقد بدأت الحملة ضده خلال وجوده بالوزارة..ثم لاحقته بعد حل حكومة حمدوك الأولي حتي يضمنوا عدم عودته للوزارة ، بحجة(الدواعي الأمنية) ! وهي حجة لا مكان لها من الإعراب ونحن نري وجود بين أركان الحكومة الثانية ، أمراء الحرب الأهلية في سدة الحكم وولاة وحكام ولازال منهم من هو مطلوب لدي العدالة الدولية ! . البروف محمد الأمين التوم، لا يحتاج منا الي تقديم ولا تزكية فهو عالم معروف داخل وخارج حدود الوطن..وخبير بقضايا التعليم ويحمل أفكارا مستنيرة كان يمكن ان يكون لها حضورا وتأثيرا في تعليم وتربية الأجيال الحاضرة والقادمة …ولكن جحافل الظلام قد هزمته وهزمت العملية التعليمية في أهم عناصرها البنائية. وتجري هذه الأيام، محاولات جادة تستهدف البروف انتصار صغيرون، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي..التي أثبتت جدارتها في هذا المنصب منذ تعيينها في سبتمبر 2019 وحتي الآن. البروف إنتصار ، هي عالمة أثار معروفة علي المستوي العالمي .. وصاحبة اول رسالة دكتوراه في هذا المجال…وهي سليلة أسرة وعائلة لها اسهاماتها في العمل الوطني، جدها من امها هو الدكتور عبدالرحمن علي طه ، أول وزير للتربية والتعليم في السودان، ووالدها المهندس صغيرون الزين، كان وزيرا للري في حكومة مايو .. أما في مجالها الأكاديمي فقد عملت عميدا لكلية الآثار بجامعة الخرطوم وبالتدريس فيها..وممتحننا خارجيا لعدة جامعات منها: برغن في النرويج…نيوشانيل في سويسرا..ودار السلام في تنزانيا .ورغم ذلك ظلت جحافل الظلام تتربص بها..ولم يجدوا في سيرتها أو مسيرتها ما يشينها ، حتي عثروا علي تلك الصورة التي تجمعها بالدكتور مأمون حميدة الوزير السابق في حكومة الإنقاذ، الذي له عدة قضايا ومخالفات قامت لجنة ازالة التمكين بحصرها ومصادرة بعض الأراضي التي تم الحصول عليها بطريقة غير شرعية…ببنما تظل بقية الاتهامات محل نزاع في أروقة المحاكم …اما المؤسسة التعليمية ذاتها فلم يتم إغلاقها ولازالت تعمل مما يعني تبعيتها لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي من الناحية الأكاديمية والفنية… هذا الوضع الحالي القانوني لجامعة العلوم والتكنولوجيا لم يمنع وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي من تلبية دعوة طلاب الجامعة لمشاركتهم احتفالات اليوبيل الفضي للجامعة ومشاهدة معرض الكتاب والتراث المقام بهذه المناسبة كما جاء في بيان الوزارة…فتلبية طلب الزيارة ومشاركة الجامعة في يوبيلها الفضي هو مشاركة للمؤسسة التعليمية وليس لشخص مأمون حميدة لأي سبب كان. لقد قلنا وكتبنا عدة مرات، بأن مشكلة السودان الجوهرية تكمن في غياب الوعي والحس الوطني والتربية الوطنية عن مؤسساتنا التربوية والتعليمية، فتلك هي المرتكزات الأساسية لإنجاح مسيرة الحياة وبناء الوطن..وان استهداف النخب في التربية والتعليم من العلماء والخبراء وأساتذة الجامعات هو استهداف لحاضر ومستقبل هذه الأمة..ولن تقف العملية عند القراي ومحمد الأمين التوم وانتصار صغيرون…بل هناك ثلة أخري من المستهدفين سوف تصلها جحافل الظلام وأمراء الحرب والفلول، ان لم نسد هذا المنفذ المدمر تماما لتطلعات الأمة السودانية في مستقبل أفضل. [email protected]