غالب من عرفني منكم توطدت صلتي به عبر ما أبذل من كتابات وتقارير إستقصائية وموضوعات صحفية تخصصت فيها منذ ان إنتسبت لجريدة السياسة الكويتية كمحرر إقتصادي قبل 4 عقود. بيد ان الكتابة وحدها لا تكفي للتأهيل للمناصب العامة التي تحتاج للتخصص والدربة والممارسة. الآن وقد قبلت بشرف تقديمي كمرشح لأطياف من الكيانات المهنية ومنظمات المجتمع المدني لتولي قيادة مفوضية الفساد، فإن الشفافية تستوجب ان افصح للشعب السوداني قاطبة عن سيرتي العلمية والعملية إسهامًا مني في تيسير مهمة إختيار الأكفأ، والأفضل تأهيلا لتولي الأمانة وتحقيق أحلامنا. أما إن ظفرت بثقة جهة الاختيار وتم تكليفي رسميا، فإنني أعدكم بتصرف غير مسبوق في الشفافية والمفاتحة. فمن تناط به مهمة الكشف عن فساد الفاسدين وإسترجاع أموال الشعب منهم، يتعين عليه ان يمشي بيننا بثوب شفاف لا يستر سوي عورته. فلا خير فينا ان شغلتنا الولاءات القبلية والحزبية والشخصية عن إختيار الاصلح والأكفأ. يكفينا ان نعترف بان المهادنات والمحسوبية وغيرها من الوبائيات الادارية تسببت في بلوغنا هذا الدرك السحيق من التردي الإقتصادي والإفقار الجماعي بسبب شهية النهب المتقدة التي لم تعاف شيئا ولو سرقة البزازة من فم رضيع، فورثنا الغلاء والبؤس والفشل البائن. تعلمون، ياسادتي، ان غيرنا من البلدان تقوم بإخضاع المرشحين للمناصب العامة لسلسلة طويلة من الفحوصات والتدقيق المتأني في سيرتهم الماضية قبل ان تفسح ترشيحهم لقيادة الجهاز التنفيذي وكل منصب ذي صلة بأمن الوطن والمواطن. ففي امريكا، مثلا، تستمر ولأيام عديدة الجلسات المتلفزة لإستجواب المرشحين للمناصب الفيدرالية السامية ( تشمل هذه الاستجوابات المفتوحة كل مستويات التعيين السياسي من وزراء، وكلاء وزارات، نواب وكلاء وحتي السفراء والقضاة وغيرهم ). هناك، وتحت قبة الكونغرس، يحتشد سناتورات مجلس الشيوخ The Senate من الحزبين، وطاقمهم المعاون، لاستجواب المرشحين في تلك الجلسات المتلفزة Hearing Sessions التي لا تقدس شيئا فيسألونهم عن كل شئ : مصادر ثروتهم، علاقاتهم العاطفية، نمط إنفاقهم وحتي الخادمات اللاتي عملن معهم بدون اوراق ثبوتية ! فيتابع الملايين من الناخبين مايجري ويكتبون للسناتور الذي يمثلهم ليوافق او يعترض علي تعيين المرشح. يسمونها جلسات استماع، لكن أسئلتها المدببة والحادة أقرب ما تكون لخلطة من الكي والشواء والباربكيو. فلهيب الاسئلة لا يغادر معلومة ناقصة او شكاً نيئا !! فكل سؤال مسموح به، وكل إجابة غير مكتملة تبقي في مرمي النيران الي ان تكتمل. ويتباري السناتورات في إستخدام حق الإستطراد، والعودة للنهش بالحاح متكرر لاستجلاء أمر غامض ! ولأن الهدف من إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد لسنة 2021 ينص علي ( مكافحة الفساد وإسترداد الاموال العامة )، فإن الواجب الوطني يلزمنا التقيد بمعايير صارمة أهمها اخلاقيات المرشح، وعلاقته الشخصية بالفساد طوال سني حياته. ففي الفساد كل حيازة حرام ولو كانت قطميرا، وفي الفساد تسقط منصوصات التوبة وفقه الانقاذ الانتهازي القائل بأن التحلل يَجُب ما قبله. ففيروس الفساد إن إفترس مسؤولا تنفيذيا إستعمر سلوكه وسكن نافوخه وهيمن علي أفكاره ونزواته وتصرفاته. فالسلوك الفاسد لا يعرف التوبة ولا يخمد بل يتحين الفرص ليطل برأسه من جديد، شأنه شأن زبدة الماقما magma الصخرية المنصهرة التي لكيما تتفجر في بركان جديد لا تطفئ جذوتها و تبقي علي سيولتها الحارقة. لذا لابد من تدقيق شديد لا يغادر اي محطة في السيرة الذاتية للمرشحين والغوص في مصداقية مؤهلاتهم، خبراتهم، والأهم، علاقتهم بثورة ديسمبر المجيدة وشعاراتها. سيكون مفيدا، بالطبع، فحص المواقف الوطنية للمرشحين وإسهاماتهم السابقة في الكشف عن، والتعريف ب ومناهضة قضايا الفساد خلال الثلاثين عاما الماضية، فالنضال لا يبدأ في المضارع ولابد له من امتدادات تأريخية سابقة واتصال جذوره بهموم الوطن وقضاياه وأفعال الشخص الماضية. وبذات المقدار، لا يجوز ان نختار وطنيا صميما لكنه يفتقر للتأهيل المعرفي والخبرة والممارسة. كما لا يجوز أن نختار حفظة سجع من هُتيّفة مواكب الثورة لإدارة دولاب مفوضية الفساد. ففي الحالتين الخلط مضر، فالتخصص مطلوب والتساهل لا يجوز. فأمثال أؤلئك الشباب الثوري المتحمس نحتاج لكثير منهم للعمل في مساقات المفوضية المختلفة حتي يستفيدوا من برامج التدريب المكثفة المقدمة لهم لإتقان طرائق بحث واعداد وادارة ملفات الفساد عبر مراحل التقاضي المختلفة توطئة لإسترجاع أرصدتنا المنهوبة. اما غالبهم فمكانهم سيظل وسط الجماهير مشغولا بشحذ الهمم ورص الصفوف كلما إمتشق المتأمرون سكاكينهم الطويلة للنيل من الثورة. بالمختصر، فإن استرجاع الارصدة المنهوبة وادارة ملفاتها السرية يحتاج لتروس ثورية ذات مواصفات مختلفة ! وبذات المنطق، لن يلزم هذه المفوضية بروفسور متخصص في علوم الجريمة والفساد المالي والتقصي لو ان حبله السري إنقطع عن جنين البلد من زمان بعيد، فبرد حشاه وغدا غير منفعلا بقضايا شعبنا وكفاحه اليومي. فهذا المهني المتمرس إن تم تكليفه بعضوية هذه المفوضية سيعني له التكليف وظيفة ذات مخصصات مالية معلومة وريع مالي. اما المرشح الذي نحتاجه، فعلا، فهو ذلك المهني المتمرس الذي سيقبل بالوظيفة علي أساس انها تحدٍ وطني يسهم فيه وآخرون لبناء بلد مدمر يحتاج لمن يضمد جراحه ويصلح هياكله ويغيّر الحياة في وهاده وقراه، مهني يؤمن ان سبيلنا لبناء هذا الوطن العظيم أساسه وحدتنا وتماسكنا وان نُحسن إدارة ما هو تحت ايدينا بأمل أن نتقاسم ثرواته بعدالة، ونقتص بقرضاب القانون( والقرضاب هو السيف الذي يقطع العظام) من ناهبي لقمة أطفاله ونأخذهم بغلظة لا تعرف رحمة. وأنا إذ أنشر عليكم سيرتي الذاتية اليوم، ألتمس منكم، وأرجوكم، مشاركتها مع من يهمهم أمر بلادنا مثلكم. وأدعو كل الزملاء والزميلات ممن يودون التنافس لنيل شرف خدمة بلادنا والانتساب لمفوضية الفساد ان يعرضوا محصولهم علي العموم. فالمطلوب هو تسوية ارض الملعب لنتنافس جميعا، بعدالة ونزاهة، حتي يتخيّر الناس الأكفأ والاقدر من بيننا فيؤدي التكليف كما ينبغي. يجب ان نرفض ونطالب ونقول : لا مكان لمحاصصات لا تزيدنا الا فسادا، ولا لتزكية لغير القادرين أو غير الراغبين أو غير المؤمنين بحق شعبنا في إستعادة حقوقه المسلوبة، و لا لثقافة التراخي ورفع يافطات التخذيل بالتطبيع مع الفساد والتماهي معه سلوكيا. ان دورك، يامن تقرأ، لا ينتهي في اختيار من تراه أهلا لثقتك وإنما دورك الحقيقي يتمثل في زيادة جرعة الوعي لمن هم حولك والحديث المستمر عن كيفية التصدي للفساد، كما تعيش وتري ظواهره في محيطك القريب. فإن سألك موظفا ان تدفع له مقابلا لقاء خدمة مجانية تستحقها كمواطن وفي ذات الوقت هي واجب يتقاضي راتبا عليها، فواجبك الوطني ان ترفض بل وتبلِّغ عنه ! دورك ودوري ودور الاخرين هو ان نوقف العبث بالمفاهيم فنسمي الاشياء بمسمياتها الصحيحة، فالمُتَسّحِت من الوظيفة العامة هو لص وسارق وليس ( مرتاحا ومرطب ) ! يجب ان نشترك جميعا في تأسيس ثقافة تدعو للطهر والنزاهة والامانة بدلا من مدح "التكرش " بمسروقات المال العام. المجد للشهداء العزة لشعبنا العظيم والكرامة لكل الوطن، وحق كل مواطن سوداني في خيرات بلاده مودتي ومحبتي، عبدالرحمن الامين صحفي استقصائي واحد المرشحين لرئاسة مفوضية الفساد الخرطوم إهداء وإنحناءة :***()()()***()()()***()()()***()()()هذا تكريم أتضاءل أمامه ، … Posted by Abdulrahman Alamin on Friday, August 3, 2018