كل المتابعين لنشرات أخبار الإذاعة والتلفزيون الرسمي، منذ أن سطت على البلاد الحكومات العسكرية الدكتاتورية يعلمون كيف كانت تعد وتصاغ نشرات الأخبار.. وكيف أنها كانت نبدأ بأخبار تحركات الحكام ولو لم تكن لها أهمية الأخبار اللاحقة.. وكلنا نعرف السبب في ذلك وهو إستغلال الإعلام في تثبيت حكم هذه الدكتاتوريات و جعل المواطنين يدورون في فلكهاد وحتى الأخبار الهامة التي لا تصب في إتجاه الحكام، يمكن تجاهلها تماما، وقد إستمر هذا التقليد العجيب حتى في فترة الحكومات الديمقرتطية التي لم تستمر سوى سنوات قليلة من عمر السودان المستقل، وذلك بحكم تكوين المؤسسات الإعلامية التي لم تمسها يد التغيير.. ومازلت أذكر ونحن اطفال، ان اهلنا كانوا يتصيدون الاخبار الهامة من راديو لندن وأحيانا إسرائيل وكانوا يجدون فيها مصداقية وحرية في نشر الأخبار الهامةد على خلاف مايجدونه في راديو أم درمان. اما اليوم فقد وجدت نفسي أمام حدث هام يجب أن يؤرخ له.. لأول مرة لا يكون الخبر الأول في تلفزيون السودان القومي، عن تحرك الحكام وأخبارهم غير الهامة او الهامة.. وهو تقليد موروث من عهود الدكتاتوريات المتعاقبة، التي سيًست الاعلام وجعلته خادما لتثبيت حكمها، كما ذكرت، فكان الخبر الأول في نشرة العاشرة من صباح الإثنين 2021/9/20 هو تلخيص أهم ماقيل في تحديات المرحة الانتقالية وهو الحوار الممتاز الذي قدمه التلفزيون امس الأحد 9/19 مساءا في تحليل خبر إغلاق الناظر ترك واتباعه لطريق الشرق للضغط على الحكومة لحل لجنة التمكين والغاء اتفاق جوبا وتغيير الحكومة المدنية بستة عسكريين هم الموجودين في السيادي.. وبذلك يخطو تلفزيون السودان اول خطواته في تثبيت حرية الإعلام وعدم التبعية للحكومات.. وهو امر لم نعهده الا في أجهزة الاعلام العالمية في العالم الأول أو العالم الحر.. أرجو أن يستمر هذا الاتجاه الحميد والذي يتفق مع مباديء ثورة ديسمبر العظيمة.. والحق يقال، أننا لم نحقق من مباديء الثورة الثلاث ( حرية.. سلام.. عدالة) آلا حرية الحوار التي إنتزعناها أنتزاعا، وبمساعدة نعمة الأنترنت الحر الذي لم ولن يستطع اي دكتاتور ان يغلقه أمام التواصل بين الناس وفي سرعة فائقة، فلله الحمد من قبل ومن بعد. والشكر للأساتذة الأفذاذ الوطنيين، جعفر حسن عثمان ورشأ عوض ومحمد حسن المهدي، الذين دقوا ناقوس الخطر وجسًدوا مشكلة إنفلات الأمن في البلاد حتى وصلت لحد مطالبة احد القبليين بإنهاء الحكومة الأنتقالية التي إتفق عليها الشركاء والإستعانة بدولة اخرى والتهديد بفصل الاقليم.. أذا لم يتم تسليم السلطة لبقايا عصابة الإخوان المسلمين.. وقد أعجبت بأشارة الأستاذ جعفر للمطالب التي تقدم بها ترك ووصفها بأن لا علاقة لها بمطالب إقليم وانما هي مطالب فلول (الأنقاذ) الشريرة لسرقة الثورة، وضرب مثلا بمطالبته بحل لجنة إزالة التمكين.. لماذا؟ وقال أن هذا الطلب لايصب في مصلحة شعب الشرق فهو يفضح السرقات الكبيرة التي تمت في مال إعمار الشرق الممنوح من الخارج والذي نهبته المجموعة التي يقف ترك نفسه داخلها، أثناء العهد البائد.. وبهذا تكون كل مطالب ترك هي الوسيلة لإعادة النظام البائد.. وبيُن أن الناظر ترك هو مجرد واجهة وراءها الفلول، الذين إستغلوا مطالب الشرق المشروعة لإدخال أجندتهم للأنقلاب على الحكم المدني والفترة الأنتقالية.. إقترح المتحدثون ان يقام المؤتمر الجامع للشرق حيث تناقش فيه كل مطالب أهل الشرق المشروعة وقضاياهم الهامة حتى لا يعبث بها الطامعون.