تُعتبر "لجان المقاومة" هي روح الثورة السودانية التي وصلت إلى هدف إزالة النظام البائد، بدءاً من شرارة الاحتجاجات القوية في ديسمبر 2018م، ومروراً ب"التتريس" وتنظيم العصيان المدني ضد حكومة المخلوع عمر البشير، وكان لها الدور الرئيسي خلال ثورة ديسمبر المجيدة. وأثناء الحراك الثوري تعاملت القوات النظامية مع شباب المُقاومة بعنف مُفرط، مما أدى لسقوط ضحايا وإصابات وسط الشباب، خلال أنشطة لجان المقاومة برزت لجان بعض المناطق مقدمةً نُموذجاً أصبح محفزاً للجان الأخرى من أجل تنظيم نفسها وتطوير عملها على مُستوى وشكل أفضل. وبالأمس تقدّم رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، بالتهاني للجان مقاومة الصافية بمناسبة الانتخاب القاعدي لقيادتها، وللجان المقاومة في ولاية القضارف التي أعلنت عن أكبر تجمع مؤسسي للجان المقاومة، وأشار حمدوك إلى دور لجان المقاومة، وتمنّى أن ينتظم العمل في كل مناطق السودان، ونوه لضرورة التمسُّك بالديمقراطية وقبول الآخر، وأكد أنه لا مجال للتراجع عن الغايات التي خرج من أجلها الشهداء. لكن هناك ملاحظات بأن دور هذه اللجان في الفترة الانتقالية تراجع كثيراً، كما فقدت بريقها، فيما وجّهت لها اتهامات بالاختراق من التنظيمات والجهات المُعادية للثورة، فكيف تتم هيكلة هذه اللجان وتفعيل دورها والاستفادة منها؟! بصمة اللجان وضعت أجسام لجان المقاومة السودانية المُختلفة، بصمة واضحة خلال الحراك الثوري بالترتيب وتحريك الشارع، وكانت جزءاً أساسياً في توقيع على إعلان الحرية والتغيير 2019م، الذي طالب بإزاحة المخلوع من السلطة، وحافظت لجان المقاومة خلال الاحتجاجات على استقلاليتها وتأثيرها بالتنسيق مع تجمع المهنيين السودانيين عبر وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، وشكّلت لجان المقاومة وحراكها قوة دفع كبيرة في عملية انتقال السلطة من المجلس العسكري الانتقالي إلى توقيع الشراكة بين المدنيين والعسكريين. وبالرغم من هذه الأدوار البارزة، تعرّضت لجان المقاومة لعدد من العراقيل وتحامل عليها كثيرون باعتبارها أحد التنظيمات التي تنضوي تحت مظلة قوى إعلان الحرية والتغيير، وواصلت اللجان نشاطها وحراكها الثوري إلى أن تم التوصل إلى اتفاق والتوقيع على الوثيقة الدستورية. المُحافظة على المُكتسبات ويقول عضو لجان مقاومة أم درمان الفتيحاب مربع (2) أحمد عبد الله ل(الصيحة)، إن لجان المقاومة ستحافظ على أهداف الثورة ومكتسباتها عبر العمل الدعائي والجماهيري ومراقبة قطاع الخدمات في المستوى المحلي، بجانب تنفيذ عمل جماعي مشترك بين كافة اللجان بأم درمان لتحقيق أهداف محددة والمواصلة في تثبيت إقامة دولة الديمقراطية والعدالة. وأشار إلى أنه لا بد من عمل تنظيم بجمع كافة اللجان وإشراكها في مستويات الحكم، وشدد على تمسكهم بأهداف الثورة وحراستها، والعمل على كشف الجهات التي لم يطلها الإصلاح عبر الوثيقة الدستورية للرأي العام، باعتبارها مخربة للثورة وتختلق الأزمات، كالدقيق والوقود. وأضاف أحمد بأنّ كثيراً من اللجان تعرّضت إلى ضعوط ومحاولات استقطاب للحياد عن القضية، وهناك فلول تُحاول عرقلة مسيرة الثورة والبناء "ونحن لهم بالمرصاد". بناء قاعدي وتم توجيه اتهامات للجان المختلفة في الفترة السابقة، بالتعدي على حقوق الآخرين، وأنها مُخترقة من جهات ضد الثورة، وتؤدي أدواراً غير مقبولة. لكن الناشط أحمد محمد علي قال ل(الصيحة)، إن لجان المقاومة ظلت تواجه العديد من الاتهامات بأنها مخترقة من جهات مُعادية للثورة وبعضها مختطف من تنظيمات كانت جزءاً من حراك ثوري، وأصبحت تطالب بإسقاط الحكومة مما يجعلها متنازعة بين دعم الفترة الانتقالية أو تقويضها بحجة تصحيح مسار الثورة، لذلك ينبغي هيكلة الأجسام الثورية من خلال بناء قاعدي في المناطق والأحياء، خاصة وأنها تحمل لافتات مثل ثوار أم درمان وثوار البراري وثوار جنوب الحزام. وأضاف بأن عليها تنظيم نفسها بصورة تواكب مرحلة الانتقال، وشدد على ضرورة استمرار اللجان في عملها والاضطلاع بمهامها في مرحلة البناء الوطني، والإسهام في مشروع بناء سودان يحترم التعدد والتنوع والعمل بشكل مباشر على تحسين معاش الناس، بالإضافة إلى استمرار التنسيق والتشبيك بينها، للحفاظ على مسيرة الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة. التفكير خارج الصندوق ويرى المحلل السياسي د. خالد قنديل محمد، أن دور لجان المقاومة تراجع كثيراً خلال الفترة القليلة الماضية، ولم تعد فاعلة مثل أيام الحراك الثوري قبل سقوط النظام البائد، وأضاف بأنه كان يتوقع أن تنظم لجان المقاومة نفسها في كيانات فاعلة في أدوار مجتمعية تتخطّى مرحلة سقوط النظام إلى مرحلة البناء والانتظام في حملات لإصحاح البيئة ونظافة الأحياء، وتفعيل الجمعيات التعاونية، بل المساهمة في مراقبة الأسواق والتبليغ عن المخالفات باعتبار أنها حارسة للثورة والتغيير، لا أن ينحصر دورها في الدفاع عن حكومة الثورة في مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار في حديثه ل(الصيحة) إلى أنه من المنتظر أن تنصف الحكومة بشقيها المدني والعسكري لجان المقاومة بإشراك عدد مقدر منها في المجلس التشريعي المنتظر، بعد أن تم تجاهل عدد كبير من الفاعلين فيها، وتوظيفهم في وظائف حكومية حتى على مُستوى المحليات، وقال إنّ على الحكومة التفكير خارج الصندوق للاستفادة من حماس الشباب بتفعيل مشاريع منتجة بجمعيات تعاونية بالتعاون مع القطاع الخاص وأصحاب العمل، وإنشاء مصانع صغيرة تمول من البنوك حتى تتم الاستفادة من الشباب في تحريك الاقتصاد ومن ناحية أخرى مُحاربة العطالة. الصيحة