ستصيب الدهشة من يلاحظ ويتابع ما يقوم به البرهان وحميدتي من (فرفرة وجقلبة) فى هذه الأيام، وهي مرشحة للزيادة فما أن تهدأ حتي تزداد حدتها بشكل مكثف، وهما لم يكتفيا بتوجيه أصابع اللوم للمكون المدني ، فقد قاما أيضا وبما يسيطران عليه من موارد بخنق البلد اقتصاديا، ونشرا حسب كل أو اغلب المراقبين التفلت الأمني، حتى أننا صرنا نسمع بوجود حروبات مع خلايا إرهابية منتصف النهار، ثم دعما مؤتمر انتهازي الفلول وبعض متساقطى الحرية والتغيير بقاعة الصداقة، ولم يتركا طريقا للانقلاب على الثورة المجيدة ومحاولة التملص من تنفيذ الوثيقة الدستورية الحاكمة إلا وطرقاه، ولن يتركا طريقا للانقضاض على الثورة دون السير فيه ، وهذا كله ليس طمعا فى السلطة فحسب ، فالاثنان يعلمان أنهما لن يكونا خيار لحكم الشعب السوداني بعد الثورة، لكن يبدو أن الاستعانة بقواتهم لن تتوقف طالما أن جريمة فض الإعتصام تطارد أحلامها، وطالما أن هناك من يكفلهم فى الإقليم وبالخليج تحديدا يريد تنفيذ أجندة محددة لا تمت للعدالة والحرية والسلام بسبب، فقد خاطب بالأمس القريب حميدتي كنترول الشهادة السودانية بعد أن تبرع لهم بما يقارب ال40 مليار جنيه سوداني كحافز للتصحيح شن هجوما عنيفا على الشريك المدني متهما إياه بالتمسك بكراسي الحكم، وهو الذي ابتدع لنفسه فى إطار حب الكراسي والتسلط والنفخة الكاذبة منصبا لا يوجد حتي بالوثيقة الدستورية الحاكمة أسماه نائب رئيس مجلس السيادة، ولكن أخطر ما تحدث عنه حميدتي أنه لن يسلم الشرطة السودانية وجهاز المخابرات العامة للمدنيين بالسلطة ولن يسلمها إلا لحكومة منتخبة، كأنما يريد أن يقول لنا إن أردتم استلام جهازي ضبط القانون والسيطرة عليهما عليكم بقتل الثوار بمجزرة ووضع يدكم على هذه الأجهزة بالقوة، ونسي حميدتي فى غمرة انفعاله ومهاجمته لشريكه المكون المدني أنه الآن هو ورئيسه البرهان يضعان يدهما فعليا على هذين الجهازين من أجهزة الدولة الهامة لتحقيق العدالة رغم أنهما متهمان فى جريمة تقشعر لها الأبدان وتم التحقيق معهما فيها ولا زالت لجنتها وأطراف دولية تجمع في ادلتها التي من بينها أدلة ضدهما بلا شك ستظهر بالتحقيقات، كذلك هناك سؤال ينبغي أن يسأله حميدتي لنفسه هل سيقف هو أمام الحاكم المنتخب فى 2024م ويسلمه جهازي الشرطة والمخابرات العامة ويقول له بالنسبة لقواته التي يرفض دمجها، نحن كاسرة أولى بها ويجب أن تعمل كقوات مستقلة عن ولايتك الرئاسية رغم انتخابك من قبل الشعب السوداني. وهل يعلم حميدتي أن الانتخابات لا يمكن أن تجرى ولا فائدة ترجأ منها إذا لم ينفذ دمج وتذويب قواته في الجيش السوداني، هل يعلم ذلك وإن كان يصر على عدم دمجها ما هي قيمة الإنتخابات وهو سيحتفظ بقواته كشوكة فى خاصرة الوطن والإقليم بأسره، أما بالنسبة لقوات الشرطة السودانية وجهاز المخابرات العامة فحميدتي بنص الوثيقة الدستورية المخروقة من جانبه هو وبرهان تتبع للجهاز التنفيذي، حيث تنص المادة 36 من الوثيقة الدستورية الحاكمة على التالي( قوات الشرطة قوات نظامية قومية لإنقاذ القانون، وتختص بحفظ الأمن وسلامة المجتمع وتخضع لقرارات وسياسات السلطة التنفيذية وفق القانون، كما تنص الوثيقة على ايلولة سلطات رئيس الجمهورية التنفيذية لرئيس الوزراء وهذه مسألة لا تنتطح فيها عنزتان أو تاجرا جمال، كما تنص المادة 37 من الوثيقة نفسها على أن جهاز المخابرات جهاز نظامي مختص بالأمن الوطني وتقتصر مهامه على جمع البيانات وتحليلها وتقديمها لجهات الإختصاص، ويخضع للسلطتين السيادية والتنفيذية وفق القانون، فعلى أي شيء يستند حميدتي فى رفضه لتسليم الشرطة والمخابرات العامة لحكومة دولة رئيس الوزراء د عبد الله حمدوك، ولماذا لم يسلمهم هو وبرهان ووضعا يدهم عليهم بالقوة وهما لا يتبعان لهما، هل يعلم حميدتي أن عدم تسليم الجهازين وايقاف ورفض ذلك يجعل وجوده هو نفسه غير قانوني، وأن وجوده على سدة الحكم كان مساومة من سياسين حاولوا أن يجدوا له هو وعسكر لجنة المخلوع الأمنية مخرجا وحاولوا أن يبنوا الوطن ساسة وعسكر، وقد ظنوا ولا يزال العسكر يخيبون ظنهم أن فى القوات النظامية بالبلاد وطنين يمكن أن يضحوا باطماعهم من أجل مستقبل آمن للبلاد وانسانها، وإن أصر العسكر على تماديهم فى إيقاف عجلة التطور فلا ينتظروا مصيرا أفضل من مصير المخلوع الذي ظلوا يحرسونه ببنادقهم ولم يستطيعوا أمام إرادة الشعب الجبارة. الجريدة