في ظروف الاحتجاجات، والانتفاضات والثورات الشعبية يزين المدنيون الانقلاب العسكري بتسميته بالانحياز – انحياز الجيش. ويقولون بشرى وتبشيرا لقد انحاز الجيش. ويمرر لهم العسكريون ذلك رافة بهم. الواقع ان قاموس الاستخبارات العسكرية يسمي ذلك انقلابا عسكريا. الدليل هو ما ذكره ابراهيم الشيخ دون ان يميز المعنى حين ذكر في مخاطبته الاخيرة للبرهان ان الاخير قد قال له في مقابلتهما الشهيرة بساحة الاعتصام (البلد دي ما حقتكم براكم ولو دايرين نقلبها نقلبها). الواقع ان الضابط العظيم وقتها باللجنة الامنية لم يقل للشيخ: ( لو عايزنا ننحاز بننحاز). فيا ترى ماذا فعل الرجل؟ هل انحاز ام قلبها؟ تلك كلمة سر سوء التفاهم المتفاقم والذي تثبت حقيقته يوما بعد يوم بين المكون العسكري والمدني ويصل على هذه الايام اعلى درجات التوتر بنحو بات يهدد امن واستقرار البلاد . ذات الامر كان قد حدث عندما استولى سوار الذهب كوزير للدفاع على السلطة في عام 1985 اثر انتفاضة شعبية باسلة اطاحت بالمشير جعفر محمد نميري. لقد قلبوها بالمفهوم والتمام العسكري بتفاهمات جزئية تاكتيكية مع ممثلي الحركة الثورية ذات السهم الاوضح في الحراك بينما يخدعون المدنيين من القوى الاقل، ويخدع المدنيون انفسهم ب (الانحياز). . وشتان بين المعنيين. فالانقلاب يعني سيطرة قيادة جديدة من الجيش على البلاد بينما الانحياز يعني السيطرة المشتركة المتساوية التي لا تحتاج لوثيقة دستورية او اتفاق قانوني، بل التزام بمواثيق التغيير حسبما طلبته القوى الثائرة ونادت به. لطالما تعاملت اللجنة الامنية مع المكون المدني ( الحرية والتغيير1 والحرية والتغيير 2 كضيوف ثقيلين لاحساس متعمق لدى العسكريين باصالة دورهم في التغيير، وتقدمهم قبل الاخرين لقيادة الدولة لما بعد الثورة. اما الوثيقة الدستورية فلم تكن اكثر من ضرورة الانحناءة المؤقته للعاصفة الشعبية المتنامية وقتها بعد فضهم للاعتصام ومحاولة كسب الوقت مجددا، فان النظر لها باعتبارها مسكنا مؤقتا ومسكنا طبيا سرعان ما سوف تزول صلاحيته. انه انقلاب عسكري ما عاد من امكانية ما لانكاره بعد فض الاعتصام وان ما يقوله القائدان العسكريان حاليا ويملأ جنبات الاعلام عن انهم كمجلس عسكري يريدون تسليم السلطة للقوة السياسية التي تستحق بعد الانتخابات ليس الا دعوة التربية المعلنة للحاضنة السياسية المدنية خاصتهم لتمكينها من هندسة الاوضاع القانونية وتهيئة الاجواء، وافساح الطريق لها كمرحلة لاكتساح الانتخابات مستقبلا بعد اكتمال عملية انقسام القوى السياسية المعادية لهم، و زرع الفتنة بينها وبين الثوار والثائرات بتواطؤ معلن من بعضها مع المؤسسة العسكرية مثلما نرى ونشهد. لقد مثل تشكيل الحلفاء الاربعة هدية على طبق من ذهب للعسكريين اثر تعديلات فردية جرت في الوثيقةالدستورية فاثبتت ان لا قداسة ثورية على المواثيق مما اظهر النسخ الاخيرة من التمرد العسكري على الوثيقة التي بدا اختراقها منذ اخذ البرهان لنسبة من سلطات رئيس الوزراء وخاصة السيادي منها واستمر الى واقعة الانقلاب الفاشل وظاهرة الرجل المصنوع بالشرق محمد الامين ترك الى ما عرف بمواجهات الارهابيين بجبرة وما سيستجد من دعوات قادمة لتشكيل حكومة (قوية). ظهر الصوارمي المتحدث الاسبق باسم القوات المسلحة داعيا لها كاعلان عن عودة (البعاعيت) الى المشهد الاعلامي. الشراكة الان بكف عفاريت، وعلى محك دقيق يلزم فحص هويتها، فاما انها حقيقة وسيتم تسليم الاجهزة الامنية- جهاز الامن والمخابرات والشرطة ، ومن بعد رئاسة المجلس السيادي الدورية للمدنيين بالمجلس او انها هراء ومضحكة لن توفر المنصب للمدنيين وتخرج الحقيقة عارية لا لبس فيها،ويتأكد الجرم بدليل صلد، مكتمل الاركان. [email protected]