واختار المحتجون يوما له رمزية كبيرة في السودان إذ يصادف ذكرى أول انتفاضة شعبية في السودان في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1964 التي أطاحت بحكم الجنرال ابراهيم عبود ومجلسه العسكري. وتزداد المخاوف من حدوث صدامات بين الطرفين على الرغم من دعوات تهدئة أطلقها قادتهما والحكومة خلال الأيام الأخيرة. وأغلق الجيش كل الطرق المحيطة بمقر قيادته في وسط الخرطوم بوضع حواجز إسمنتية ونشر جنود يحملون بنادق كلاشينكوف، وفقا لصحافي في وكالة فرانس برس . وقال حماد عبد الرحمن ذو السبعة وثلاثين عاما الذي يشارك في الاعتصام وقد ارتدى زيا سودانيا تقليديا هو عبارة عن جلباب أبيض مع عمامة على رأسه، "الناس الذين سيتظاهرون حقّهم أن يعبروا، لكننا نؤمن بأننا في الموقف الصحيح". ورفع مناصرو الحكم المدني شعار "الردة مستحيلة"، في إشارة الى رفضهم العودة الى الحكم العسكري أو النظام الإسلامي الذي حكم السودان على مدى ثلاثين عاما بقيادة عمر البشير الذي أطيح به تحت ضغط انتفاضة شعبية عارمة في نيسان/أبريل 2019. وأطاح الجيش في العام 2019 نظام عمر البشير الذي حكم السودان لأكثر من ثلاثين عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا، وتسلّم السلطة. لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية وقد تخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى. في آب/أغسطس 2019، وقّع العسكريون والمدنيون (ائتلاف قوى الحرية والتغيير) الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجب الاتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية. وينقسم الفريقان اليوم. فقد تصاعدت الخلافات بين المدنيين الموجودين في السلطة ما أضعف الدعم الذي يحظى به رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وبدأت تعلو أصوات تطالب "بحكومة عسكرية". احتجاج ورقص وعقد الطرفان الأربعاء مؤتمرين صحافيين في وقت متزامن تقريبا. وقال أحد قادة المعتصمين مني مناوي "يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر هو يوم للتسامح مع الجميع وليس للتحريض". ويرأس مناوي حركة تحرير السودان، وهو حاليا محافظ ولاية دارفور (غرب). وقال وزير المال جبريل ابراهيم المطالب أيضا بحكم عسكري "نرفض بشكل حازم الاعتداءات أو اللجوء الى اي شكل من أشكال العنف". في المقابل، قال ممثل لجان المقاومة المنظمة للاحتجاجات المطالبة بحكم مدني علي عمّار "موكبنا لن يقترب من القصر الجمهوري أو مجلس الوزراء حتى لا يحدث صدام مع المعتصمين. هذا ما يريده البعض، لكن ثورتنا بدأت سلمية ونريد لها أن تستمر سلمية". في ساحة الاعتصام، حمل المحتجون الخميس أعلام السودان ورقصوا على أنغام موسيقى انبعثت من مكبرات صوت في المكان. حراك دبلوماسي وتشهد الخرطوم حراكا دبلوماسيا مكثفا. فقد وصلت الى الخرطوم قبل يومين وزير الشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية البريطانية فيكي فورد. وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان خلال لقائه بها حرص القوات المسلحة والمكوّن المدني على "إنجاح الفترة الانتقالية وصولا إلى حكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني". وشدد، وفق بيان صادر عن مكتب المجلس الإعلامي، "الالتزام بالوثيقة الدستورية والحفاظ على الشراكة بين المكونين العسكري والمدني". والتقى نائب المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي بيتون نوف عددا من المسؤولين تمهيدا لزيارة المبعوث جيفري فيلتمان الى الخرطوم نهاية الأسبوع. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا" عن نوف قوله الأربعاء إن واشنطن "كصديقة للانتقال إلى الحكم الديمقراطي المدني الكامل ستبذل جهدها للمساعدة في تجاوز الأزمة الراهنة، وذلك بفعل كل ما بوسعها لحل الخلافات بين الأطراف المختلفة". ودعت سفارة الولاياتالمتحدةبالخرطوم المتظاهرين الى الحفاظ على الطابع "السلمي" للاحتجاج. وقالت السفارة في بيان "نشجّع المتظاهرين على السلمية ونذكّرهم بالدعم الاميركي القوي للانتقال الديمقراطي في السودان".