لقد اتضح للجميع ان مغامرة البرهان هي مجرد مغامرة فاشلة قام بتنفيذها بعض العسكرييين وكتائب حزب المؤتمر الوطنى المنحل والجنجويد. وبعد حين سيستبين للبرهان ان حلمه بحكم السودان بلا شك قد تبخر. وسيسترجع البرهان خطوات التنفيذ التي بدات بحشد الحالمين بالسلطة في قاعة الصداقة في الخرطوم وما تلاها. تلك المحاولات التي كان الهدف منها شق الصف الوطنى تمهيدا للانقلاب. على الرغم من الدعم الدبلوماسي الواضح الذى قدمه الروس لحليفهم المرتقب البرهان, الا ان المجتمع الدولى قد توافق على رفض الانقلاب. والروس لم يكتفوا بتجاربهم الفاشلة فى أفغانستان وسوريا وليبيا, فارادوا ان يزيدوا الطين بلة, اى زادوا عليها تجربة أخرى فاشلة في السودان. ان مؤامرتهم في السودان ستموت في المهد. ان الشعب السودان شعب يمتلك وعيا سياسيا عاليا وهو موحد ومسالم وسوف لن ينجر الى العنف مهما امعن العسكر في استفزازه. والدليل الناصع على الوعى الكبير والوحدة هو العصيان المدنى الذى عم المدن والارياف. هذا العصيان المدنى لا يدل فقط على قوة وتماسك الشعب, بل يدل كذلك على إمكانية الرد السريع ومدى الجاهزية له. ان النفعيين والاكلين من كل الموائد ليس في وسعهم ان يشكلوا سندا فعالا وموثوقا, فقد طرق البرهان البوابة الخاطئة. ولقد شاهد الملايين تجمعاتهم ومظاهراتهم الهزيلة وشاهد المتحدثين باسمهم وهم يتلجلجون في الكلام حيث يتحدثون في القنوات الفضائية وغيرها من اجهزة الاعلام. لقد ذهل هؤلاء بمتانة تماسك الشعب السودانى وقوة تمسكه بالمقاومة السلمية وبخيار الانتقال السلمى الديمقراطى. ان الديمقراطية هي خيار الشعب الأوحد وهو لا يمكن ان يحمل في طياته تفسيرا يخول للعسكريين ان يحددوا للشعب خياره. ان الديمقراطية تعنى ان الشعب هو صاحب السلطة والسيادة على ارضه وممتلكاته وان الحكم هو تكليف منه لمن يرتضيه من المجموعات والافراد. لقد تبلور رايا عالميا رافضا للانقلاب تمثل في رفض الدول الكبرى المؤثرة وكذلك المؤسسات الدولية والإقليمية ومؤسسات التمويل الدولى ومنظمات حقوق الانسان. هذا الامر يدل على ان انقلابا محاصرا بهذه الطريقة سوف لن ينجح. وقد خرب البرهان بخطواته الرعناء الكثير من الإصلاحات التي قام بها حمدوك من اجل عودة السودان الى الاسرة الدولية والى المؤسسات الاقتصادية والمالية على الصعيدين العالمى والاقليمى. وسيسترد الشعب حكمه لكن تركة البرهان واعوانه ستكون ثقيلة جدا. ان الطغاة لا يستفيدون من دروس التاريخ لانهم يعتقدون بانهم يمتلكون الحقيقة المطلقة. وفى السودان تمكن الشعب منذ الاستقلال عام 1956 من اسقاط ثلاثة أنظمة عسكرية هي نظام الجنرال عبود والجنرال نميرى والمشير عمر البشير. هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان البرهان سوف لن يكون المستثنى الذى يبحث عنه الواهمون. [email protected]