بصدور البيان الرباعي من بريطانياوامريكا والسعودية والامارات قبل قليل، والمطالب باعادة " السلطات بشكل كامل وفوري للحكومة والمؤسسات الانتقالية التي يقودها مدنيون" في السودان"، يكون البرهان قد فقد تماما اي غطاء اقليمي لانقلابه. هذا البيان يشكل ضربه موجعه للانقلابيين، ويأتي قبل الاجتماع المرتقب للجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحده يوم الجمعه لمناقشه اوضاع حقوق الانسان بالسودان. حميرتي طبعا سيكون اشد الجميع قلقاً من هذا الاجتماع بالنظر الي الجرائم التي ارتكبها الجنجويد في دارفور ولم تفتح ملفاتها بعد، ناهيك عن ملف فض الاعتصام والذي يحوم حول رقاب حميرتي زائد الانقلابيين من لجنه البشير الامنيه. بالعودة للبيان المذكور، نستشف بين الصدور رساله واضحه للبرهان وهي ان الدول الخليجيه لن تخرج عن طوع امريكا عندما تتضارب مصالح امريكا مع مصالحهم، وستظل دوما مطيعه و منقاده عندما تتخذ الاداره الامريكيه اي قرارات حاسمه في اي شأن من شؤون الاقليم، في الحاله السودانيه قررت امريكاوبريطانيا ومعهما جبهه موحده تشمل كلا من الاتحادين الاوروبي والافريقي، ان إنقلاب البرهان واستفراد الجيش والجنجويد بالسلطه ليس من مصلحتهم، سواء لاعتبارات استراتيجيه او اخري تتعلق بمستقبل الديموقراطيه في المنطقه بصفه عامة. البرهان ما كان ليخطوا مثل هذه الخطوة الحمقاء و يقوم بانقلابه مالم يحصل علي ضوء اخضر من كفلاءه الاقليميين، مع وعود بالدعم الاقتصادي بصورة مشابهه لما حدث في مصر، والشاهد ان الكفلاء جميعهم في ورطه. اولاً كان هناك رد فعل شعبي سريع وموحد ضد الانقلاب مع تنفيذ عصيان مدني شبه تام في زمن قياسي وبصورة عفوية وبدون اي تنسيق او ترتيبات مسبقة، وتوج الرفض الشعبي بمسيرات 30 اكتوبر. ثم اتي موقف الاتحاد الافريقي السريع بتعليق عضوية السودان ليظهر ضآله النفوذ المصري في افريقيا، وتوجت الجهود او الضغوط الدوليه ببيان مجلس الامن الموحد المطالب بعودة الحكومة المدنيه وانهاء الانقلاب. ذلك كله لم يكف الامريكان، ولتكون رسالتهم واضحه تماماً ان هذا الانقلاب لا حلفاء له، اتي هذا البيان الاخير ليوضح للانقلابيين انهم مكشوفين بدون اي ظهير يمكن ان يوفر لهم الدعم. طبعاً الروس ممكن ان يعرقلوا الي حد ما اصدار عقوبات امميه او قرارات بالتدخل المباشر في السودان، غير ان روسيا ليست لها القدره علي منع اي عقوبات احاديه او خارج مجلس الامن، مما يعني ان البرهان سيكون وحيدا في مواجهه اي عقوبات اقتصادي او دبلوماسيه يفرضها المجتمع الدولي عليه وعلي حلفائه الجنجويد. الجدير بالذكر ان مقال مجله التايمز الاخير شبه الموقف في السودان بمفاوضات محتجزي الرهائن، حيث ان الانقلابيين اخذوا حمدوك وحكومته رهينه وهم يفاوضون علي سلامتهم الشخصيه الان مقابل اطلاق سراح الرهائن (والسودان باجمعه)، ويبدوا ان اسلوب الامريكان هنا يتمثل في تجريد الخاطفين من اي مكاسب محتمله وقفل كافه المخارج عليهم لدفعهم الي اليأس والاستسلام. بدون دعم اقليمي او سند شعبي او قبول دولي تبدوا الصوره قاتمه للبرهان ومن معه، والايام المقبله ستشهد تنازلات مؤلمه من الانقلابيين و انسحاب حلفائهم المرحليين من احزاب المترديه والنطيحه وحركات الارتزاق المسلح، وما تصريحات مناوي الاخيره ووصفه الصحيح لحركه البرهان الانتحاريه بأنها انقلاب، ما هذا الا دليل علي بداية النهايه.