قد يتساءل البعض عن من قصدت بوصف " الفاشل " في عنوان المقال، هل هو الإنقلاب أم البرهان؟!. و في ظل شلالات الفشل الحادث الآن، لا أجد فائدة من إجابة هذا السؤال و لكنه يظل قائما، و سوف تجيب عليه الأحداث والمآلات والنتائج. إن كلمة إنقلاب مفردة ممقوتة و كريهة في أي سياق تقال، و في أي ظروف تحدث.. و دون أن أعطي دروس مجانية لأي إنقلابي، فمن المعلوم أن أي إنقلاب يحتاج إلي توفر شروط لا نجاح له بدونها. اولآ وجود ظروف موضوعية " يمكن " أن تكون مبررآ للإنقلاب.. ثانيآ وجود " حاضنة " شعبية و سياسية تخرج للشوارع مهللة للإنقلاب و لإكسابه بعض الشرعية.. ثالثآ، و تلك منقصة للإنقلاب، وجود قوة أو قوي " أجنبية " توفر غطاء سياسي و دبلوماسي للإنقلاب مع ما يمليه ذلك من دفع اثمان هذا الدعم لاحقآ، تقوم هذه القوي بإعلان تأييدها " للتحول " حيث تمسك عن وصفه بالإنقلاب رفعآ للحرج. إذا نظرنا لما حدث عند إعلان القائد العام للجيش السوداني، عبد الوهاب البرهان، الإستيلاء علي السلطة بإنقلاب مكتمل الأركان.. يتضح أنه أفشل إنقلاب يحدث في تاريخ السودان.. فقد خرج الشعب في مسيرات كبيرة منندة و رافضة منذ علمهم بإعتقال بعض الوزراء و قبل أن يذاع البيان الأول.. فالشعب السوداني بعد ثلاثين الإنقاذ المشؤومة لن يسمح بأن يحكم بالجبر و لن يرضي بغير الحكم المدني سبيلآ حفاظآ علي كرامته التي "مرمطها" حكم الإنقاذ الفاسد العضوض. و رغم أن الظروف الإقتصادية و المعيشية كانت في حال من الصعوبة و الكدر و التعقيد، إلا أن الشعب كله يعلم أن العسكر و من خلفهم الفلول هم من كان وراء كل تلك الإختناقات و الرزايا، فلم يكن عاقل يرمي باللوم علي الحكومة المدنية و لم ينادي أحد او يبشر بعودة حكم العسكر إلا المدعو التوم هجو، و يبدو الآن جليآ إنه وحده حاضنة الإنقلاب الشعبيه، فهنيئآ للبرهان بالتوم هجو، و عليه الإعتماد عليه ليخرجه من هذا المأزق و الوضع المأزوم الذي أدخل فيه البلاد و حشر نفسه فيه !. أما خارجيآ، فقد إنهال عليهم " تسونامي " مزلزل من الإدانات و الرفض لا بد انه فاجأهم و أقض مضجعهم و تركهم يتخبطون كمن به مس. فقد أدان الإنقلاب بأقوى العبارات كل من مجلس الأمن بالإجماع، دول الترويكا، مجلس السلم و الأمن الأفريقي مع تعليق عضوية السودان، الجامعة العربية، مجلس حقوق الإنسان. و لأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدة، يخرج الرئيس شخصيآ ليدين إنقلاب عسكري و يطالب بعودة الحكومة المدنية، و لهذا الأمر ما بعده.. فقد وضع الرئيس قوة و مكانة مكتبه في دعم خيارات المدنية في السودان. لقد وقف العالم الحر كله ضد الإنقلاب و تم تجميد كل المساعدات المالية التي جلبتها الحكومة المدنية بقيادة دولة رئيس الوزراء " المعتقل " عبد الله حمدوك.. فقد أعلن البنك الدولي وقف التعاون مع سلطة الإنقلاب، و تجميد أي تدفقات مالية مقررة للسودان .. و سار علي نفس المنوال صندوق النقد الدولي.. و جاءت لطمة أخري من نادي باريس علي لسان " الرئيس " الفرنسي الذي أعلن مراجعة قرار إعفاء الديون إحتجاجا علي إستيلاء الجيش علي السلطة في السودان. و كأن كل ذلك لا يكفي حصارآ و رفضآ لهذا الإنقلاب الغادر، فقد أدرج مشروع قرار بالكونجرس الأمريكي من كلا الحزبين يدين الإنقلاب و لا يعترف بغير رئيس الوزراء قائدآ للفترة الإنتقالية، و يطالب بإطلاق سراح المدنيين و بتوقيع عقوبات ضد القائد العام و نائبه الفريق " خلا" مع فتح ملف جرائم دارفور و فض الإعتصام، و علي نفسها جنت براقش. أقول يتضح جليآ أن كلفة هذا الإنقلاب لا قبل للسودان و شعبه بها، و إذا لم تكن عصا المارشال التي يحملها قائد الجيش هي عصا موسي، أو أنه أوتي من الكرامات والمعجزات ما لم يحوزها أو ينالها حتي سيدنا عيسي عليه السلام، فليخبرنا البرهان و التوم هجو ما المخرج و إلي أين المساق..