إن ما قبل 25 أكتوبر ليس كما بعد 25 أكتوبر. فقبل 25 أكتوبر كانت هناك شرعية ما و إن كانت منقوصة و غير مرضية. و كان من حق الجميع المطالبة بتغيير من هم على رأس هرمها القيادي و ذلك للإخفاق بل للعجز الواضح في تأدية المهام الموكلة إليهم. إذ كان الإختلاف في تلك الفترة في أهلية و كفاية الطاقم الذي يتصدر المشهد و خاصة الجانب المدني منه و عجزه التام عن لجم المكون العسكري الذي نجح في تحييد المكون المدني بل نجح في إعادة إنتاج الوثيقة الدستورية نفسها. كان الخلاف يدور في مجمله حول إستعادة السلطات الممنوحة للمدنيين بموجب الوثيقة نفسها. و على أثر هذا نشب الخلاف فهناك من يرى أننا سنعبر و منهم من يرى ضرورة إجراء إصلاحات في المنظومة الحاكمة و هناك مجموعة أخرى ترة أن "الفتق قد إتسع على الراتق" و أن ثوب السلطة قد "تقدقد" و لا سبيل غير رميه و الإتيان بكسوة كاملة جديدة. في يوم 25 أكتوبر و ما بعده تم إسقاط الشرعية برمتها و هو عدوان سافر هدد بقاء الثورة نفسها. و منذ تلك اللحظة فقد أصبح ما كان مختلفا عليه قبل 25 أكتوبر ليس بشيء مقارنة بإسقاط الشرعية الدستورية. في تلك الحالة إنصبت جميع الجهود في إتجاه إفشال الإنقلاب و إستعادة الشرعية أولا مقدم على ما عداها من تباينات. فإعادة الشرعية و تأكيد إستعادتها هي الهدف الأساس و ذلك بإستعادة الدستور "الوثيقة" بجميع موادها و إستعادة الحكومة و مجلس السيادة و تقديم من قاموا بالإنقلاب للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى. و في غضون ذلك سيكون الهم الأكبر هو تأمين الثورة و من بعد ذلك ترجع كل مجموعة إلى ما كانت عليه من مواقف قبل الأحداث. كنت قد إقترحت بعد إستعادة الشرعية أن يصار إلى وثيقة جديدة و حكومة جديدة و قد عبرت عن ذلك بأن يعود الوزراء بمن فيهم رئيسهم إلى مكاتبهم و إخلائها من بعد ذلك لمن هم أكثر جدارة. كان هذا من المفترض أن يحدث و لكن بعد إستعادة الشرعية و بعد إجراء نقاشات معمقة تقوم بها لجان المقاومة لرسم خارطة طريق المستقبل. الآن و قد تقدم تجمع المهنيين بنشر مقترحه الذي هو في مجمله محاولة لإعادة إختراع العجلة سيؤدي إلى المزيد من التشرذم و ذلك لأنه و من دون الدخول في تفاصيله قد جاء في غير وقته المناسب و الإنقلابيون يعملون بجد في توطيد دعائم حكمهم غير المشروع و سيكونون أكثر من يحتفي بهذا الإختلاف الذي ربما تستعر ناره و يؤدي إلى نزاعات جانبية تؤثر سلبا و تصرفنا عن مشروع المقاومة. كان على تجمع المهنيين أن يؤجل هذه الخطوة إلى ما بعد الإنتهاء من إستعادة الشرعية الدستورية.