يبدوا جلياً ان البرهان وبقية الانقلابيين اختاروا الرهان علي عامل الوقت لإنجاح انقلابهم، وعقدوا العزم علي مقاومة الضغوط الدولية لأطول فترة ممكنة بانتظار ما يتمخض عنه الضغط الدولي وماتأتي به الايام. هم بذلك يأملون في ان يكون عامل الزمن في صالحهم، فيشكلوا حكومة امر واقع يضطر الشارع الي القبول بها علي مضض، بينما يخفت صوت الانتقادات الدولية وينشغل العالم بأمور وأزمات اخري، حتي يصلوا إلي بر الامان بالنسبة لهم، وهو انتخابات مزورة تأتي بهم الي سدة السلطه ولكن بلباس مدني هذه المرة بعد ان يخلع بعضهم البذل العسكرية، كما فعل السيسي من قبل. الخبر السيئ بالنسبة للبرهان ورهطه هو ان هذا السيناريو لن يتحقق، ويبدوا ان البرهان في قرارة نفسه يدرك حتميه تركه السلطه مهما حاول التشبث بها، ولذلك اصر علي توريط شريكه في الجريمة حميرتي، عندما فرض عليه قراءة ذلك البيان المتلفز بعد طول غياب عن الانظار، حتي لا يدع له اي مجال للتراجع. ازمة البرهان مع الوقت معقدة للاسباب الآتيه: اولاً الانقلابيين مجبرون علي اعادة الانترنت حتي تعود الحياة الي طبيعتها وحتي تتمكن الهيئات والمؤسسات الحكومية والتجارية عن العمل، كما ان شركات الاتصالات ستتحمل عواقب وخيمه اذا استمر انقطاع الانترنت، ليس اقلها الدعاوي القضائيه التي سترفع عليها تباعاً، هذا غير خسائرها المالية. عودة الانترنت ستعني حتماً التنسيق بين الثوار وعودة النشاط الثوري المقاوم بعنفوان اكثر، مع فضح اكثر لجرائم الانقلابيين امام العالم وصولاً للاضراب العام والعصيان المدني الشامل. ثانياً مع مرور الزمن ستتمكن الولاياتالمتحدة سواء منفردةً او بالاشتراك مع الجهات الدولية ذات الصله، من فرض عقوبات قاسية و مؤثره ضد الانقلابيين، العقوبات قيد النظر حالياً تستهدف الشركات والكيانات الاقتصادية والمالية التي يسيطر عليها الجيش والجنجويد، مروراً بتحريك ملفات انتهاكات حقوق الانسان علي يد العسكر والجنجويد قبل وبعد الإنقلاب، سواء تعاونوا ام لا مع المقررالاممي الذي سيعين من قبل لجنة حقوق الانسان التابعه للأمم المتحدة. تحريك هذه الملفات سيستتبعه اوامر قبض علي غرار ما حدث مع البشير اذا استمر الانقلابيين في تعنتهم، مما سيشل قدرتهم علي الحركه والحكم تماماً. ثالثاً تزايد الضغوط الخارجيه مع استمرار اعتقال حمدوك وحكومته ، التي قررت الاممالمتحده مؤخراً الإعتراف بها فقط كحكومة شرعية للسودان حتي وإن كانت غير قادة علي ممارسه الحكم، وتزايد السخط الشعبي والرفض التام للبرهان وزمرته وتوسع نطاق الاحتجاجات ليشمل فئات اوسع من الشعب، كل هذا سيجعل تكلفة دعم هذا الانقلاب السياسية والاقتصاديه باهظه جداً ومكلفه مادياً واخلاقياً لدول الاقليم الراعية حالياً للانقلاب وهي مصر والإمارات والسعودية بدرجه اقل، مما سيجبرها آجلاً أو عاجلاً علي رفع يديها عن الانقلابيين، تاركتهم لمواجهة مصيرهم المحتوم. أخيراً وليس آخراً، تصاعد القمع والتنكيل بالشعب من قبل الإنقلابيين قد يصل إلي الحد الذي يخرج ثورة الشعب عن سلميتها ويلجئها الي السلاح لحماية نفسها علي الطريقة السوريه، خصوصاً مع ورود تقارير عن استجلاب حميرتي للمزيد من المرتزقة في الايام والاسابيع المقبلة ليستقوي بها علي الشعب السوداني، وربما علي الجيش ايضاً. هذا السيناريوا الكارثي اذا تحقق، سيكون اول ضحاياه الانقلابيين انفسهم، حيث انهم علي عداوة شخصية و مستحكمة مع اهالي الشهداء والمصابين وعامة الشعب في طول السودان وعرضه، كما انهم عرضي للانقلاب عليهم من داخل الجيش نفسه، هذا اذا لم تقرر الاممالمتحدة التدخل تحت الفصل السابع وارسال قوات عسكرية لحماية الشعب من مجازر الجنجويد، وفي كل هذه السيناريوهات يكون رأس البرهان ومن معه هو الهدف. خلاصة الامر ان الانقلابيين في رهانهم علي الزمن مثلهم كمثل محكوم بالاعدام شنقاَ وضع الحبل حول رقبته وهو في انتظار ان تبدأ عملية تنفيذ الحكم، وهو يعلم ان الجلاد قرر تنفيذ الحكم بتمهل وقسوة شديدين، وان الحبل سيقبض علي عنقه رويداً رويداً ولكن بقوة وألم، فيطيل عذابه حتي يقضي عليه. البرهان ورهطه يرون الحبل يلتف حول رقابهم ولكنهم بغباء شديد وحماقة مستحكمة مصرون علي المضي في درب الهلاك حتي النهاية.