العنوان أعلاه ليس من بنات افكاري وإنما كلمات رددها الشباب بحرقة في مواكب 21 نوفمبر بعد توقيع حمدوك للاتفاق الصدمة مع البرهان ، كان الامر يشبه اللحظة التي يعيشها الإنسان حين يبلغ بموت عزيز هو كل امله في الدنيا ، أي انه تعبير تلقائي صادق عن الاحساس بالخزلان والقهر والعجز في لحظة فارقة ، و لو رآى حمدوك حال الشباب في تلك اللحظة لقام بتقطيع ذلك الاتفاق ونزل معهم الى الشارع مهما كانت الضغوط والصعوبات إلى أن يكتب الله أمرا كان مفعولا . الاتفاق شكل صدمة قاسية للشباب الصادق الذي يريد حكومه تحمل ملامحه النقية الطاهرة ، لقد شعروا بالهزيمة وأن حمدوك الذي وضعوا بين يديه كل احلامهم غدر بهم ، بل ونصر عليهم قادة الجيش الذين هم أزمة السودان الوحيدة مع اتباعهم عبيد المنازل ، وجميعهم لن ينفكوا من التربص بالتحول الديمقراطي لأسباب كثيرة لسنا بمجالها. الضربة الأكثر قسوة واردفت الصدمة بصدمة أخرى هي تبرير حمدوك بان الاتفاق جاء حقنا لدماء الشعب الغالية مع ان استباحتها كانت مستمرة في تلك اللحظة ، ففي الوقت الذي ينقل تلفزيون السودان التوقيع كانت الفضائيات العالمية تنقل انتهاكات الاجهزة الأمنية السودانية وهي تحاصر الاحياء والشوارع وتقصفها بمسيل الدموع بقسوة وتوقع الكثير من الاصابات والقتلى بالرصاص الحي . غالبية هذا الشعب يعتقد ان حمدوك أخطأ التقدير حين وقع الاتفاق مع البرهان ، واعتبروا الامر اغتيال لثورة ديسمبر التي بنى عليها الامال للتخلص من حكم العسكر وفساد الحركة الإسلامية وحزبها وقفل الطريق أمام عبيد المنازل أعداء الحرية والعدالة ، ويرون أنه لو صبر قليلا لتغيرت الموازين لصالح الشعب ولكنه تعجل الامر . هذا هو المشهد لحظة توقيع الاتفاق ، والآن السؤال الذي يفرض نفسه ، هل فعلا باع حمدوك الثورة ام انه قبل الأمر من أجل ضربة قاضية يخطط لها ، هذا ما ستثبته الأيام ان لم يسقطه الشارع الذي يعي أن برهان يريد حمدوك وحده ليعبر به كما عبر سيسي مصر وسكت المجتمع الدولي الذي ترك الشعب المصري في قبضة العسكر يعاني القمع والتنكيل والتخويف . على أية حال يجب على حمدوك أن يعتذر للشباب عن هذه اللحظات القاسية التي لم يكن أكثر الناس تشاؤما مستعد لها ، ليس ليحتفظ بشعبيته التي قال أنه غير مهتم بزيادنها أو نقصانها لانه ليست لديه أطماع شخصية في المستقبل وإن ما يهمه هو السودان ، بل من باب الأخلاق واحترام الشباب وحقوقهم فهم أصحاب الدماء الغالية التي بذلت من أجل السودان وليس لاطماع شخصية ، وهم الوحيدون الذين لا يمكن التشكيك في صدقهم ووفائهم للسودان وغيرهم كله تحت طائلة التشكيك والتكذيب والتخوين مهما قالوا أو فعلوا . [email protected]