كان يتخلل الجموع الهادرة كالعادة صوب الوجهة ، ولمّا كاد يتقدمهم إحتفاءً بسقوط الطاغية شَعَرَ أنه وحيداً يتهاوى نحو متاهة سحيقة .. وبعد برهة لاحظ أنهُ بين حشود كان يعرف بعضهم ، وسمع بالبعض الآخر ، وأخرين قد شاهدهم يقاتلون أمامه .. إنه بين رفاقه الآن .. وسط شهداء الثورة هناك .. لم يمضي برهة حتى وصلهم آخرون .. قال لأحدهم بنبرة متحسرة متأملة : "ماذا جنيتم بعدنا؟" رد الآخر قبل أن يزفر آخر نفس له : "قد سقط أخيراً.." قال فيما كأن من يهذى : "أرحل يا روح الآن إن أردتِ!" وقبل أن ينفث أنفاسه الأخيرة ، تحاشد آخرون إليهم بأنفاس هارعة ، متصاعدة كلهيب وقالوا بصوت واحد : "قد سطى طاغية آخر .. ونتوقع وصول بقية الشعب إلى هنا قريباً.." حينها قال : "يا أيتها الروح تمهلي قليلاً إن ليّ معركة أخيرة أخوضها.." بقت هذه الروح مناضلة إلى يومنا هذا .. وبعد مضي زمن غير قابل للعدّ .. نُقل في كتابات ميتافيزيقية مألوفة ، أن كل النوافذ الإعلامية نقلت مع شروق يوماً ما ، في العاجل : "أخيراً .. تُنفذ اليوم محاكمات عادلة على كل طغاة البشر ، وكل نفس ما كتسبت يدها.." . بعدها بعد بوقت ، تلاشت روح الطغيان ولم تعد بعد .. إلى يومنا الحالي على الأقل . [email protected]