بالصورة.. "داراً بلا ولد ام يسكنها طير البوم".. الفنانة هدى عربي تنعي الشاعرة والمراسل الحربي آسيا الخليفة: (استحقت لقب "نحلة دارفور" وكتبت لي أغنيتين تغنيت بهما)    مجزرة مروّعة ترتكبها قوات الدعم السريع في بارا    الدوري الممتاز 7 يناير بدون استثناء    تفاصيل استشهاد المراسل الحربي آسيا الخليفة.. لجأت لمبنى مفوضية العون الإنساني بعد أن اشتد بهم الخناق والمليشيا طالبت بتسليمها لكن زملائها رفضوا ودافعوا عن شرفها حتى استشهدوا جميعا    وزارة الثقافة والإعلام تدين اعتقال الصحفي معمر إبراهيم من قبل الميليشيا المتمردة وتطالب بالإفراج الفوري عنه    شاهد بالصورة والفيديو.. الأولى في عهد الخليفة التعايشي.. "الجنجاويد" يغتالون "الطيرة" للمرة الثانية في التاريخ    التّحْليل (الفَلسَفِي) لمُبَاراة الهِلَال والبولِيس    الإعيسر: السودان أقوى من أي مؤامرة، وأبناؤه أوفى وأصلب من أن تكسر عزيمتهم بالأكاذيب    سيطرة عربية.. الفرق المتأهلة إلى مجموعات دوري أبطال إفريقيا    لاعبو ريال مدريد يطاردون يامال.. والشرطة تتدخل    السابع من يناير 2026 موعدا لبدء الدوري الممتاز    "الوقود" يتسبّب في تعليق الدراسة بدولة إفريقية    الأهلي الفريع ينتصر على الرابطة وسط جدل تحكيمي كبير في دوري الدامر    تدوينة لوزير الإعلام السوداني بشأن الفاشر    أصحاب الأرض يكسبون كلاسيكو الأرض    شاهد بالفيديو.. الممثلة المصرية رانيا فريد شوقي تغني الأغنية السودانية الشهيرة (الليلة بالليل نمشي شارع النيل) وتعلق باللهجة السودانية: (أها يا زول.. المزاج رايق شديد والقهوة سِمحه عديل كده)    شاهد بالصور.. الفنان صديق عمر ينشر محادثات بينه وبين مطرب شهير: (زمان كان بخش لي في الخاص وراقد زي الشافع للحقنة وهسا لمن احتجت ليهو حلف ما يرد.. فرفور أصلو ما غلطان عليكم)    شاهد بالصور.. الفنان صديق عمر ينشر محادثات بينه وبين مطرب شهير: (زمان كان بخش لي في الخاص وراقد زي الشافع للحقنة وهسا لمن احتجت ليهو حلف ما يرد.. فرفور أصلو ما غلطان عليكم)    شاهد بالفيديو.. ندى القلعة لأحد "القحاتة": (أمشي شوف ليك "داية" تحلك ما عندي مستشفى ولادة هنا وانتو يا القحاتة حلكم في ولادة الحبل)    جود بيلينغهام يمنح ريال مدريد فوزاً مستحقاً على برشلونة    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    «انتصار» تعلن عن طرح جزء جديد من مسلسل «راجل وست ستات»    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    تحذير من تموضع حوثي عبر غطاء إيراني قرب السواحل السودانية    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    قوات الدفاع المدنى تنجح فى إنتشال رفاة جثتين قامت المليشيا المتمردة بإعدامهما والقت بهما داخل بئر بمنزل    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستعمار القيصري الروسي
نشر في الراكوبة يوم 11 - 03 - 2022

جاء فأر يافع لسرداب ذويه وهو ملطخ (مجلبط) بالعذره ؛ فسألته أمه : ماذا دهاك؟ أأحدثت في جسمك؟ فقال: ( لا. قابلني دب ضخم وسألني : "ياقلوط انت ! هل صوفك بتحتّي بسهوله؟" فقلت له لا ، رغم أني لم أفهم السؤال. فأخذني بخرطومه وكوّرني واستعملني كورق تواليت ، يعني اتقشّي بي) سمعت هذه الطرفه من تشيكي لا أعرفه قابلته في حانة أوفلكو ببراغ عام 1971 ، وقد أتيت لبراغ مهرولاً في معية نفر من الرفاق الكرام ، علي إثر الردة التي حاقت بحركة هاشم العطا 19 – 22 يوليو 1971 . وعلي مدي عامين قضيتهما طالباً بجامعة 17 نوفمبر كنت أرى التشيكيين محبطين منكسرين يتسلون بالتقريع علي الدب الروسي المستعمر المهيمن ؛ وما برحت ذكري اجتياح قوات حلف وارسو بقيادة الجيش السوفيتي ودفنها لربيع براغ حية يتناقلها الرواة ، خاصة في هزيع الليل عندما يتسامرون ويتغنون بالأناشيد الوطنية الجماعية وعيونهم مغرورقة بالدموع .
دخلت القوات السوفيتية وتوابعها الأراضي التشيكوسلوفاكية في العشرين من أغسطس 1968 وقتلت أكثر من مائة مقاوم وطني تشيكي وجرحت خمسمائة ، وأبعدت الرفيق دوبشيك من الحكم بعد محاولته الناعمة (ربيع براغ) الساعية لتطبيق إشتراكية بوجه إنساني وبقدر محدود من الحريات ، مع الاستمرار في تكاليف حلف وارسو السياسية والعسكرية. ولكن الاستالينيين الروس بالكرملين ، المشبعين بالروح القيصرية التوسعية لا ينظرون للدول المتاخمة لروسيا إلا كمجرد حديقة خلفية ، تماماً كما كانت الولايات المتحدة تنظر لأمريكا الجنوبية وفق نظرية الرئيس مونرو لعام 1823 Doctrine Monroe التي جعلت من الشق الغربي للمحيط الأطلسي برمته Hemisphere Western The حديقة خلفية للولايات المتحدة محرمةً علي الدول الاستعمارية الأوروبية الأخرى , أي أن قطبي الحرب الباردة كانا قد تقاسما العالم بينهما بالتساوي تقريباَ.
ومرت أيام الهيمنة السوفيتية علي الشعب التشيكي كجرعات متسلسلة من الحنظل لثلاثين عاماً حسوماً ، حتي اندلعت ثورته المخملية Revolution Velvet the في نوفمبر 1989 وأطاحت بالنظام الشيوعي الأوليقاركي العميل لموسكو ، ونصبت الكاتب المسرحي المناضل فاتسلاف هافل رئيساً للديمقراطية المدنية الوليدة ، (التي سارعت بالانضمام لحلف الناتو) .
وما كانت تلك هي المرة الأولي ولا الأخيرة التي تتحرك الماكينة العسكرية الروسية الضخمة لتلتهم هذا أو ذاك من جيرانها الصغار المستغيثين ؛ فقد سبق تهشيم ربيع براغ الهجوم علي المجر عام 1956 وتحطيم ثورتها التي حاولت أن تختط سبيلا لا يتطابق الحافر بالحافر مع التجربة السوفيتية . وفيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وخلال الثلاثين عاماً المنصرمة ، ظلت روسيا التي ورثتها عناصر الكي جي بي الفاشستية بزعامة بوتين خطراً بأنياب نووية يهدد دول المنطقة ، ويتدخل في شؤونها ، تارة بالتآمر الأمني وتارة بالعدوان السافر ، كما حدث لإقليم كوسوفو 1999) ثم الخروج منه سريعا) ، ثم إقليم الشيشان في نفس العام ، ثم أجزاء من جورجيا عام 2008 ، ثم شبه جزيرة القرم بأوكرانيا عام 2014 ، ثم سوريا وأجزاء من إفريقيا تعيث فيها فساداً المافيا الروسية المدعومة بمخابرات الدولة ،
وأخيراً وليس آخراً هذا العدوان البربري السافر على أوكرانيا بسبب رغبتها في الانضمام لحلف الناتو ، وهي ما انفكت دولة حرة ذات سيادة ، بل كانت تنعم بشبه استقلال طوال مرحلة الاتحاد السوفيتي ، بموجب ترتيبات فدرالية كانت أوكرانيا بموجبها عضواً في الأمم المتحدة.
ماذا نتعلم من هذا السلوك الروسي المافيوزي المتفلت؟ .
أول ما نتعلمه هو إخفاق نظرية فرانسيس فوكوياما – نهاية التاريخ – التي صاغها عام 1992 جراء سقوط المعسكر الاشتراكي وذوبان حلف وارسو، ثم اندلاع الثورات المدنية السلمية بكافة دول أمريكا اللاتينية التي أحالت تلك الدول إلي ديمقراطيات مدنية ذات شفافية وحريات، وحسب العلامة فوكوياما فإن توازن القوى العالمي قد تغير إلى الأبد لصالح حلف الناتو وأنظمته اللبرالية المتحالفة والمتضامنة مع بعضها البعض . ولكن حدث ارتجاج للرصة العالمية ، وإذا بنا أمام غزو روسي لدولة مستقلة علي غرار ما حدث لتشيكوسلوفاكيا عام 1968 ، والغرب (يهرّط) ويحدث ضجيجاً هائلاً بلا طحن يذكر ، وذيله بين فخذيه ككلب أليف ، والماكينة العسكرية الروسية تفتك بالمدنيين الأوكرانيين كأنهم أسراب من الذباب .
وبتحديد أكثر دقة ، ما هي الآثار المترتبة علي هكذا عدوان إذا تكرر في أي من بلدان أفريقيا وآسيا وباقي العالم ؟ .
 بقدر ما تنجو روسيا بجلدها ولا تتلقي أي ردع واضح علي فعلتها ، فإن القانون الدولي يكون قد أوجد سابقة تسمح لكل دولة إقليمية ذات شوكة أن تتوسع علي حساب جيرانها ، ويمكنها أن تزحف كما يفعل النمل شيئاً فشيئا ، ثم تواجه العالم بحقائق علي الأرض قد تصلبت – كما هو الحال مع الضفة الغربية بفلسطين ، ومع مصر التي لا تخفي أطماعها في أرض السودان ، فقد اقتطعت منه مثلث حلايب بحدودها الجنوبية الشرقية عام 1955 في غفلة من العالم الذي كان مشغولا بمحاربة الإرهاب والدول الراعية له كنظام الإخوان المسلمين الذي ظل يحكم السودان منذ 1990، واستمر الاحتلال المصري لحلايب وهو يصبح أمراً واقعاً ويرسخ حقيقة وجوده علي الأرض مع تكثيف البروبوقاندا الاحتلالية الاستعمارية ، وقمع المعارضة المحلية ، وتكاثر النشاط التعديني المحموم بالمثلث .
 إن عدم الاستقرار الذي يعيشه السودان منذ ثلاث سنوات ، والذي تفاقمت بموجبه الأزمة الاقتصادية لدرجة غير مسبوقة منذ خروج الاستعمار المصري البريطاني ، قد يغري الأوليقاركيين الطامعين أشباه بوتين بالتدخل لحماية مصالحهم ، مثل مياه النيل التي كثيراً ما هدد النظام المصري بالذود عنها من عدو متوهم ، وكثيراً ما ألقي في روع أصدقائه الغربيين أنها خط أحمر دونه مهج الشعب المصري . وإذا أدركنا أن عدم الاستقرار الذي يمر به السودان لا ينجم فقط عن العوامل الداخلية الخاصة بتشظي القوي السياسية وعدم التفافها حول برنامج واضح ومحدد للتغيير الذي ثار الشعب من أجله ، إنما كذلك بسبب التدخل المخاربراتي الأجنبي – خاصة من النظام المصري المعادي للديمقراطية في بلده وفي المنطقة ، مستعيضاً عنها ب "الاستقرار" القسم العسكري من النظام الذي ورث الحكم في السودان جراء ثورة ديسمبر 2019 .تحت مطرقة الجيش وأجهزة المخابرات . وهذه النظرية هي التي ظل يسوق لها لدي .
 باختصار ، إن السودان في رأيي من الدول التى سيتم فيها تطبيق النظرية الروسية / الأوكرانية ، إذا ما نجح نظام بوتين في فرض إرادته بذلك البلد المسكين ، وأرغم الأسرة الدولية علي قبول الأمر الواقع ، مثلما قبلت الاحتلال المصري لمثلث حلايب رغم عدم قانونيته، وعلى الرغم من الدعوى المرفوعه بعدم شرعيته لدى محكمة العدل الدولية منذ العدوان الأول لحلايب عام 1958.
 إن الحماية المثلى لأرض السودان وحقوقه لا تأتي من الأسرة الدولية التي غالباً ما تميل حيث يميل توازن القوى الدولي ، وفي باطنه الترسنات النووية هنا وهناك . ولكن الحماية المثلى لأرض السودان وحقوق شعبه تأتي من نجاح ثورته المندلعة منذ ثلاث سنوات ، والتي كادت أن تؤتي أكلها لولا التدخلات الأجنبية ولولا الخلافات البينية بين
قوي الحرية والتغيير . إن نجاح الثورة في تحقيق شعاراتها، وأولها إبعاد المكون العسكري تماماً من المشهد ، سوف يرسل إشارات قاطعة للقوي الرجعيه المحلية وللطامعين الإقليميين الذين يضعون ألف حساب للشعب السوداني.
 لقد أصبحت ثورة ديسمبر علي مرمي حجر من النصر المؤزر ، وما أن تتوحد قيادات الثورة ورموزها حول برنامج معين تنفذه حكومة من التكنوقراط الوطنيين غير المدنسين بفساد العهد الإخواني ، حتي يستأنف قطار الثورة رحلته من أجل تنظيف البلاد من سموم العهد البائد ، ورد المظالم وجبر الكسور ، وبناء المؤسسات المناط بها انجاز مهام المرحلة الانتقاليه – مثل المجلس التشريعي والمفوضيات وكافة استحقاقات العدالة الانتقالية ، وفي أثناء ذلك، يتم العمل الفوري علي انقاذ الاقتصاد من الانهيار، والقيام بكل ما من شأنه رفع المعاناة عن الكادحين، وتأسيس اللبنات الثابتة لاقتصاد مؤسس علي التخطيط العلمي ، يقوم بإنجاز برامجه نفر وطني متمرس عفيف اليد وناصع السيرة والسريرة.
 وبقدر ما ينجح شعبنا في تحقيق مفردات ثورته، بقدر ما سيوفر للبشرية نموذجاً فريداً لوطن آخر محب للسلام والحرية والعدالة ، مضافاً للشعوب الحرة الرافضة والشاجبة للغزو الروسي الهمجي لدولة أوكرانيا.
النصر معقود لواؤه لشعب السودان وللشعوب المحبة للحرية والسلام.

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.