الآن أصبح الوقت مناسبا أكثر من اي وقت مضى لتفكيك السودان وبنائه على اسس جديده غير المتعارف عليها حاليا لأسباب كثيرة منها : لا يمكن حكم السودان مركزيا لفقره للبنى التحتية اللازمة لربط الاقاليم مع بعضها البعض فلا يخفى لكل ذي عين بصيرة فقر الطرق البرية والجوية النهرية التي تربط الاقاليم ببعضها. فقدان الأمن المجتمعي لبعض مناطق السودان وخاصة في العاصمة مقر المؤسسات الحكومية التي من المفترض تثبيت الامن للمواطن. عدم التجانس والانسجام بين اقاليمها المختلفة ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا. كل اقليم له طبعه الخاص والمميز به دون غيره من الاقاليم. رفعت الحكومة المركزية يدها عن تقديم الخدمات للشعب كالكهرباء والمياه والمواصلات والغذاء والدواء مع انها تاخذ مقابل هذه الخدمات مقدما وفوق هذا واهمها الأمن المفقود في السودان الآن … فعلام تحكم اذن والحال هذه فالحكومة كأن لم تكن ولا داعي لها ، فالحكومة غائبة تماما فلا تجدها إلا وقت الجبايات والسفر بالطائرات والاقامة بالفنادق الفخمة على حساب المواطن الغلبان . فالمواطن هو الذي يقوم بكل شئ من بناء المدارس والمستشفيات بالعون الذاتي ويدفع عن الكهرباء والمياه التي تقطع في أغلب الاوقات مع ان الدفع يكون مقدما ! . لذا أصر على تفكيك هذا السودان الذي لا يشبه الدول إلا على الخريطة … فالذين يتحكمون في السودان مجموعة من العصابات التي تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى فلا تجمعهم إلا المصالح الذاتية … فقد جاء الوقت لكل اقليم أن يحكم نفسه بنفسه … فالآن أصبحت دارفور مع حاكمها السيد/ مناوي شبه منفصله وكان على الدكتور جبريل وبقية العقد الفريد أن تحذو حذو مناوي ويذهب الى الاقليم الذي يتقاتل بنوه مع بعضهم البعض ويرتبوا بيتهم الداخلي من الهمبته والاقتتال التي لا تبقي ولا تذر ثم بعد ذلك يأتوا طواعية لبناء السودان الواحد مع بقية الاقاليم ولا ينسوا ان يضموا معهم عبدالواحد والمجموعات الدارفورية الاخرى كي يجلسوا مع بعضهم البعض ويتفقوا فيما بينهم ويكونوا على قلب رجل واحد من اجل اقليم دارفور الذي ينزف حتى الان ولا بواكي له … وكذلك الاخ عقار وعبدالعزيز الحلو ومجموعاتهم أن يتفقوا أولا فيما بينهم وكذلك اخوتنا في شرق البلاد … كل اقليم يجب أن يرتب بيته الداخلي فيما بينهم دون تدخل من احد اولا ثم بعد ذلك ينتقلوا الى البيت الكبير . أما الهروله الى المركز لحكم السودان منه فلعمري هذا هو المستحيل بعينه بعد اليوم فما عاد الحكم من الخرطوم ذلك البقر الحلوب الذي يغري ضعاف النفوس … والله ان الحكم في السودان اصبح خسران وندامة ليس هنالك مجال للسرقه بعد الآن فالشباب اصبح اكثر وعيا وادراكا من الجيل الذي سبقه فالشباب هم الذين يقودون السودان الآن ويرسمون وجهته بينما العسكر والاحزاب يلهثون وراءهم فمنهم من يسبح عكس التيار ومنهم من يتفرج ومنهم من يحاول مسك العصا من النص ومنهم من يحاول أن يهادن ولكن هيهات فلا توجد منطقة وسطى بين الثورة والشباب … فليس هنالك منطقة رمادية وكما قال عادل امام في مسرحيته المشهورة شاهد ما شافش حاجة (يا ابيض يا اسود) … فالذي يميز هذه الثورة عما سبقتها من ثورات هي أنها ثورة وعي بحق وحقيقة وليست ثورة عاطفية تدغدغ عواطف البسطاء ولكنها ثورة جذورها راسخة في الارض وفروعها تحلق في الاعالي ثورة وقودها الدم ، ثورة لها بداية ولكن ليس لها نهاية فهي تجدد نفسها بنفسها كي تستمر … … فشلت الثورة التي استقطت البشير لانها كانت مسروقة من قبل اجسام طفيلية … فالذين اسقطوا البشير في الحقيقة هم الشباب وهم كانوا وقود الثورة وما كانت الثورة لتنجح لولاهم … عجزت الاحزاب وما يسمى بالكفاح المسلح عن اسقاط البشير لعشرات السنين ولانهم لم يدفعوا فاتورة الثورة لم يهتموا باستمرارية الثورة بل هرعوا الى جمع الغنائم ولم تكن الاحزاب ولا ناس الكفاح المسلح حيث يجب ان يكونوا فهذا يذكرنا بغزوة حنين (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا) لذا أول عمل قامت به ناس الكفاح المسلح بعد أن أستتب الامر لهم الانقضاض على الثورة ما تعبوا من اجل الثورة لذلك كان من السهولة بمكان تركهم للثورة … عاشوا بعيدا عن الدولة في دول الجوار ردحا من الزمن فنسوا او تناسوا عادات وتقاليد اهل السودان لذا جاؤا بعقلية تآمرية … فالذي أسقط النظام هم شباب الثورة وشاباتها ولكن سرقت الثورة منهم لانهم ما كان لهم جسم يوحدهم ويجمع شملهم فيما بعد السقوط … لذلك حينما عرفوا الحقيقة بعد هنيهة عادوا مرة اخرى وهم اكثر عزما وتصميما لاجتثاث منظومة الشير الامنية والاحزاب التي تدور في فلكها … ولكن عليهم الاستفادة واخذ العبر من تجارب الماضي وعليهم أن يحكموا هذا السودان العصي على الترويض بحكمة الكبار وحنكة الشباب فلا بأس من وجود حكماء من كبار السن بينهم للمشاورة لا للحكم … [email protected]