وسط حالة من الترقب كانت أنظار الاسلاميين وفلول الوطني ومولايهم، ترنو نحو مخرجات خطاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان من قاعدة حطاب العملياتية صبيحة اليوم، وكل التوقعات تمضي في ان يصب الرجل حديثه في ضحد التسوية الثنائية ومشاركة الجميع كما درج عادة، ونفي اي تسريبات عن حصانة تمكن الجيش من عدم المسألة القانونية ضد عمليات فض الاعتصام وقتل المتظاهرين وتضعه في موقف تفاوضي ضعيف، قبل أن تخيب آمالهم في ذلك، وهو يوجه تحذيراته حيالهم من المساس بالجيش ورفع يدهم عنه. تحذيرات رغم العودة رسائل البرهان في بريد جميع القوى السياسية صباح اليوم، لم تكن بذات القدر من التحذيرات التي خص بها الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني سيما عقب حالة من التقارب نشأت بينهم مؤخرا تمخضت عنها مبادرة الطيب الجد، وغيرها من التقاربات التي اعادت الاسلاميين إلى المسرح السياسي مجددا. وقد شهدت الفترة الماضية عودة رموز بعض الاسلاميين وقيادات للمؤتمر الوطني، فيما تم فك تجميد ارصدة قيادات إسلامية وعودة منظمات ونقابات تابعة للوطني عبر لجنة المراجعة لأعمال لجنة إزالة التمكين، كان آخرها عودة نقابة المحاميين. 30 سنة كفاية وفيما كانت تمضي آمال الإسلامين العريضة نحو افشال التسوية السياسية بين الجيش والقوى المدنية المختلفة تحت مظلة الوساطة الدولية والاقليمية القائمة على اساس مشروع الوثيقة الدستورية المعدة من قبل اللجنة التسيرية لنقابة المحامين، والعودة إلى المشهد السياسي مجددا عبر دعم البرهان لهم وذلك بالتوافق على مبادرتهم المقدمة تحت ستار رجال الطرق الصوفية، الا ان البرهان خيب تلك الآمال بان أكد بعدم عودتهم إلى السلطة عبره قائلا:" الجيش لن يعيد المؤتمر الوطني إلى السلطة ويكفيكم 30 سنة في الحكم" نهاية شهر العسل وبتصريحات البرهان اليوم تأخذ العلاقة بينه والاسلاميين منحى آخر، وصفه مراقبين بانتهاء مرحلة شهر العسل، سيما ان ضجت مختلف الوسائط بردود أفعال الاسلاميين الغاضبة. وخط في المقابل رئيس حزب دولة القانون والتنمية د. محمد علي الجزولي على صفحته بفيسبوك معلقاً على خطاب البرهان: "التيار الوطني العريض يرفض عودة الحركة الإسلامية إلى الحكم عبر الجيش لكنه في ذات الوقت يرفض عودة قحت إلى السلطة عبر الجيش وعلى البرهان تجاوز التيارين معا وأن يقرر في عزم تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة غير حزبية ذات مهام محددة ترد السلطان إلى الشعب لاختيار من يحكمه، وحديث البرهان عن قوى تستهدف الجيش بالتفكيك هو يعلم انها ليست قوى التيار الوطني العريض التي ظلت نصيرة للجيش المؤسسة واختلطت دماؤها بدمائه في خندق الدفاع عن هوية البلاد ووحدتها وسيادتها. لماذا أطلق البرهان التهديدات؟ وللمرة الأولى منذ سقوط النظام، يشير البرهان للاسلاميين كتنظيم سياسي خلال خطاباته، ويطلق تحذيراته في مواجهتهم، بدلا من إطلاقه مسمى المؤتمر الوطني كما جرت العادة به، غير انه جاء مقرونا معه، وفيما يعول الاسلاميين على الجيش بعدم السماح لعودة قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي مجددا واستئثارها بالسلطة وذلك من خلال الضغوط الدولية، يرى متابعين ان الهدف الأساسي للاسلاميين هو قطع الطريق امام اي فترة انتقالية متفق عليها تفضي إلى وجود الحرية والتغيير في المشهد السياسي مجددا. وبتتبع المشهد يتضح حجم الرفض الكيزاني للتسوية التي تمضي الى نهاياتها وذلك من خلال مسيرات حاشدة تحت وسم الكرامة تندد بالتدخل الأجنبي في القرار السوداني والمطالبة بطرد المبعوث الاممي فولكر بيرتس. موقف تفاوضي الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اشرف عبد العزيز أكد في حديثه ل" الراكوبة" أن تصريحات البرهان حيال الاسلاميين متوقعة، واصفا الامر بانتهاء شهر العسل بينهم، مشيرا إلى ان البرهان في إطار المحافظة على التوازن قام بالتعامل مع الواجهات المختلفة والمتعددة التي تعتبر واجهات سياسية للمؤتمر الوطني وللاسلاميين، بغرض اضعاف الحرية والتغيير لكسب موقف تفاوضي ليس إلا. ويرى عبد العزيز ان البرهان لديه مواقف تكتيكية تفاوضية كما لديه خطوط محددة يسعى للوصول إليها. وتابع: الجيش ليس لديه ايدولوجيات ثابتة والتاريخ يوضح ذلك منذ عهد عبود وانقلابه على عبد الله خليل رغم تسليمه السلطة له، وجاء من بعده نميري الذي زج بالشيوعين السجون وهو الذي أتى عبرهم، وكذا البشير ومافعله مع الترابي، فالجيش مؤسسة مبنية على العسكر. تمويه وإخفاء وفي رأي آخر يرى المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة ان تصريحات البرهان بشأن الاسلاميين تاتي بغرض الاخفاء والتمويه في إشارة منه لعلاقته بهم، واصفا في حديثه ل "الراكوبة" البرهان بالكذاب. ووقال ان رئيس مجلس السيادة عادة ما يمضي في الاتجاه الصحيح خطوتان ويتراجع 7 خطوات. وناشد في الاثناء الثوار بالتصعيد الثوري ضد الانقلاب لأقصى درجة وتكثيف ايام التظاهر وفرض العصيان المدني، وفضح الاتقلابيين على مختلف أجهزة الإعلام. واكمل: السودان لن يخسر اكثر من الذي خسره، ولابد من الاطاحة بالبرهان بدلا من خداعه للآخرين. واتم: البرهان لا يختلف عن البشير في الكذب.