في كل فينة وأخرى تخرج أجسام سياسية ومدنية وعشائرية بشرق السودان بتصريحات تهدد فيها بالانفصال أو تقرير المصير إذا لم يتم حل مشكلة الشرق، الأمر الذي بات أقرب لابتزاز سياسي حسب المراقبين، ودرجت هذه المجموعات إطلاق هذه التصريحات كلما اقتربت القوى السياسية من التوافق حول خارطة للخروج من الأزمة السياسية التي تعد "الشرق" أحد أركانها، بيد أن أغلب مطلقي هذه التصريحات سواء على المستوى الفردي أو الجماعي لا يمثلون كل مكونات الشرق، بل بالكاد ينتمون لأقليات لا تشكل الأغلبية في الخارطة الإثنية في شرق السودان. كرت الانفصال ويعتقد المحلل السياسي د. مصعب فضل المرجي أن كرت الانفصال أو تقرير المصير من تقليعات منسوبي النظام البائد الذين ينصبون أنفسهم أوصياء على بقية المكونات السكانية في شرق السودان، وأكد فضل المرجي في حديثه ل"الحراك" بأنه إذا تم الإقرار بتقرير المصير لشرق السودان لن يجد الباحثون عن الانفصال غايتهم، مثله مثل مطالبات منسوبي النظام البائد بانتخابات مبكرة، كمحاولة لتضليل الشعب السوداني بأنهم الأغلبية التي يمكن أن تفوز في الانتخابات إذا أًقيمت، ويمضي مصعب بقوله بأن كل ما يقال عن الانفصال أو تقرير المصير ليس أكثر من ابتزاز. تقرير المصير وفي تصريح جديد هدد المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة وتنسيقيات شرق السودان عن عزمهم بإعلان حق تقرير المصير اليوم الأحد الموافق الأول من يناير، تزامناً مع أعياد الاستقلال من منطقة جبل (مويتا) بولاية كسلا . وقال الأمين السياسي للمجلس أونور عيسى أوشيك في تصريح طبقاً لصحيفة (الجريدة)، إن هذا القرار مضمن ضمن مؤتمر سنكات الماضي وهو الأخير من ضمن 11 قراراً، وأضاف يجيء هذا القرار بعد أن واجهت مقررات سنكات عدداً من العقبات أوصدت الباب أمام تنفيذها من قبل المركز، وأشار إلى ما أسماه بالتلاعب بقضية الإقليم الشرقي. مجرد ابتزاز وعلّق المحلل السياسي سعد محمد أحمد على التصريحات التي يطلقها بعض زعماء القبائل بقوله بأنها مجرد ابتزاز ولا رؤية سياسية لهؤلاء، وقال سعد ل"الحراك" إن من إفرازات اتفاق جوبا تشرذم مجتمع شرق السودان الذي استغله بعض منسوبي النظام البائد لإثارة النعرة والمطالبة بفصله، وأضاف "اتفاق جوبا كان قاصمة ظهر الاستقرار السياسي والنسيج الاجتماعي في السودان وليس في الشرق وحده، والمراقب لمجريات الأمور في السودان يكتشف أن النظام البائد يدير مؤامرة لشق الصفوف وشرذمة المجتمعات بإعادة القبائلية والجهوية حتى في وسط وشمال السودان، وهي من المناطق التي لم تكن تعير لمثل هذه الأمور أدنى اهتمام، ولكن اليوم نجد أن بعض قادة النظام البائد يعقدون مؤتمرات واجتماعات باسم القبيلة والمنطقة ليس لمصلحة مناطقهم بل لأجندة ضارة، مشيراً بأن الأمر لا يعدو كونه أكثر من ضجيج براميل فارغة لا تمثل الأغلبية الساحقة. ومضى سعد بقوله إن كل الأشخاص الذين ينصبون أنفسهم قادة لمجتمعات الشرق ينتمون سياسياً للمؤتمر الوطني المحلول، وما يجري نوع من التكتيك السياسي لزعزعة الاستقرار السياسي. أمام خيارين ووضع زعماء عشائر بشرق السودان السلطة المركزية أمام خيارين، تحقيق مطالبهم أو الانفصال عن البلاد، في ورشة لصياغة مطالبهم التي سيتم الدفع بها للسلطة والوسطاء، شارك فيها سفير الاتحاد الأفريقي، محمد بلعيش والسفير السعودي، علي بن حسن جعفر، ناظر عموم قبيلة الهدندوة، محمد الأمين ترك بالخرطوم. وتعارض هذه المجموعة المنضوية في تحالف "الكتلة الديمقراطية" إلى جانب حركة تحرير وجيش السودان، بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة، برئاسة جبريل إبراهيم، "الاتفاق الإطاري" الموقع بين العسكريين وتحالف قوى الحرية والتغيير. نشاط إسفيري وفي المقابل يرى موقعو مسار الشرق في اتفاق جوبا تلويح البعض بكرت الانفصال بأنه لا يعدو كونه أكثر من نشاط اسفيري، لا وجود له في الواقع. ورفض القيادي بالتوافق الوطني وكبير مفاوضي مسار شرق السودان عبد الوهاب جميل في تصريحات صحفية قرار مجلس البجا بإعلان الحكم الذاتي وقال: "إن قرار الانفصال مرفوض تماماً وليس من حق كتلة أو قبيلة معينة تقرير مصير شعب كامل"، ونوه جميل إلى أن الخطوة جاءت بسبب مماطلة الحكومة، وقال: "الحكومة هي من أوصلت الطرف إلى هذا القرار". حكومة مؤقتة وفي منتصف الشهر الماضي أعلنت اللجنة السياسية لمجلس نظارات البجا نفسها حكومة مؤقتة في شرق السودان، وذلك رفضاً منها لما تصفه بمماطلة الخرطوم في تنفيذ مطالبها بتخصيص منبر لمناقشة قضايا الشرق بدل اتفاق جوبا للسلام. وبررت اللجنة ذلك في بيان قالت فيه إنه "رفضاً لمماطلة الخرطوم في تنفيذ مطالب شعبنا وإصرارها على إقصاء شعبنا، وعملاً بالحق المكفول لكل شعوب العالم في تقرير المصير، فإن المجلس الأعلى للبجا-الأمانة السياسية، تعلن أن مجلس البجا هو السلطة السيادية المعترف بها لدى شعب الإقليم والمفوضة رسمياً من هذا الشعب في عقد اجتماع مشهود في سنكات، ونعلن أن الهيئة العليا للمجلس هي البرلمان التشريعي العرفي للإقليم، وأن اللجنة السيادية لتقرير المصير بلجانها المتخصصة هي الحكومة الوزارية التنفيذية المؤقتة للإقليم، وأن الملكية العرفية للأرض هي أساس ملكية الأرض في الإقليم إلى حين قيام سلطة تداولية دائمة". وأضاف البيان أنه بناءً على ما سبق، فإن اللجنة تعلن "عدم اعترافها بحكومة الخرطوم ولا بأية سلطة أو مؤسسة أو إدارة مركزية أخرى تضع يدها على مواردنا وثرواتنا وحرياتنا الطبيعية قبل التوصل إلى اتفاق بين سلطة الإقليم وحكومة السودان." وأكدت اللجنة "حق سلطة الإقليم المؤقتة في إقامة مؤسسات حكم ذاتي متعددة للحكم والإدارة وتصريف الأمور، وبناء قوات عسكرية نظامية للدفاع عن الشعب وعن الحقوق، وللقيام بالدور الأمني والشرطي بالإقليم". الحراك السياسي