* وزراء المالية الأذكياء والأكفاء من ذوي الخبرة والدراية في عالم اليوم ، لا يختارون لزيادة إيرادات الدولة رفع الضرائب على كاهل المواطنين الفقراء ، الذين يعيشون حد الكفاف! . لسد عجز ميزانيات الدولة ، وتسديد الديون والقروض ومقابلة حجم الإنفاق الضخم، يلجأون إلى تنشيط الإنتاج المحلي ، واختراع وظائف ومهن ومشاريع للعطالى.
* رُغم ثروات السودان المهولة، نجد أن حكومة (وزير مالية الانقلاب جبريل)، فيما يبدو لا تكتفي برفع الضرائب فحسب ، بل تسعى لترحيل الديون المتراكمة لنظام (الحركة الاسلاموية) البائد وفواتير حكومة الانقلاب، لتثقل لا كاهل هذا الجيل فحسب. بل وأيضاً الأجيال القادمة ، ليدفع الجميع إلى الأبد ، ثمن تدمير الإسلامويين للسودان ، وفشل الانقلاب وفواتير تآمره على الشعب والأرض ، بمضاعفة الدين العام الكبير للسودان ، الذي أطفأ الانقلاب بارقة الأمل في (إعفاءات الديون والامتيازات العديدة) ، التي كانت ستسهم في معالجة الكثير من المشكلات الاقتصادية الموروثة والتي حدثت بفعل الانقلاب! .
* وزير مالية الانقلاب ، يجد أن الأسهل له مد يده إلى الجيوب الخالية لأفراد الشعب المنهك ، الذي تكالب عليه فساد الكيزان وحلفائهم الانقلابيين معاً ، بدلاً عن التفكير (كوزير مسؤول) ، في تحفيز العطالى على المبادرة الفردية، واقتحام السوق لاختراق هذا الركود والكساد العظيم، الذي تمخض عنه الانقلاب.
* لو أنفق وزير مالية الانقلاب قليلاً من الوقت في التأمل العقلاني ، لأدرك أن مؤسسات الدولة لا شئ يدمرها سوى (هيمنة القبيلة) على مفاصلها! وأن (تقسيم العمل) الناتج عن التعاون لادارة الضروريات الأساسية لحياة الناس ، ليس ثمة خطر يتهدده ، أكثر من سياسة "أنا في منعة من أهلي" التي تنسف الكفاءة والمواطنة ، وتفتح الباب لفساد كل من هب ودب!.
* و لأدرك وزير مالية الانقلاب ، أن تخبطه ما هو إلا مظهر من مظاهر تفكك الانقلاب ، بعد أن حول وحلفائه موارد الدولة (تكية للأهل والعشيرة والحاشية)، فنشطت ممارسات مدمرة شملت كل أنواع الفساد ، بدءً بتهريب الثروات ومروراً باستيراد المخدرات عبر شبكات المافيا والكارتيلات! هذا الفساد الذي قُوبلت الاحتجاجات ضده بالتهديدات، والاستبداد والقمع لإطفاء نور الثورة ، التي لا محالة متمةً نورها! . ولأدرك الوزير جبريل أن (كتلة الفلول) التي تحتمي ب(مخابرات مصر) ، لإجهاض (الاتفاق الإطاري) ، إنما تقف في الجانب الخطأ من التاريخ! لكن هذا هو ديدن (ربائب الحركة الإسلاموية) ، لا يبالون بمصائر شعوبهم و أقدارها. ولا يهمهم أن يجد المواطن القوت، أو يموت بالأوبئة والأمراض المنقرضة تاريخياً. والحال كذلك ، كيف يأبه وزير مالية الانقلاب لمطالب المعلمين أو الأطباء ، أو سائقي المركبات العامة المضربين عن العمل؟ أو يأبه لأي عامل من عمال الدولة في أسفل تراتبية الهرم ، وهو يتوعدهم بعدم زيادة الأجور؟!.
* القاعدة الاقتصادية البسيطة تفيد أن الحصول على (عائدات ضريبية أعلى) ، يتطلب في المقابل (خفض معدل الضريبة) ، وهي قاعدة تمتد جذورها إلى (إبن خلدون) الذي عاش في القرون الوسطى. إذ قال في مقدمته الشهيرة : "أن (الضرائب المرتفعة) ستجعل الناس ينتشرون في كل مكان بحثاً عن القوت ، وسيهربون إلى أماكن خارج الولاية القضائية لحكومتهم ، بما يُفرغ الأوطان من رجالها الأقوياء ، وتقبع المدن في حالة خراب . ما ينعكس في النهاية على تفكك السلالة الحاكمة ، وإنهاء صلاحية الحكام . فقراراتهم وانعكاساتها ، تحدد بقائهم أو اندثارهم".. لكن شعب السودان لن يهرب ، فقد وُجد على هذه الأرض ليبقى ، وليقاوم الساسة الفاسدين ووزراء المالية ضيقي الأفق ، الذين يفتقرون للكفاءة و بُعد النظر! .
* في القرون الوسطى ربط (ابن خلدون) بين (آليات فرض الضرائب) و(الإنفاق الحكومي) ، وعرف (نقاط ضعف كل قرار) يمكن اتخاذه لزيادة موارد الدولة، ولهذا أوصى بضرورة (خفض معدل الضريبة) ، حتى لا تقتل حافز العمل ، وحتى لا تثير سخط الشعب وغضبه. فقد أدرك (ابن خلدون) أن خفض الضرائب يحقق عائدات أكبر ، ولهذا كان كرجل دولة رشيد، يدافع بشدّة عن سياسة الحكمة في (إنفاق المال العام)، وينادي بمحاربة ومعاقبة المسؤولين عن الفساد والمفسدين ، فقد أدرك مبكراً أن رفع معدلات الضرائب لتعويض خسائر الدولة وعجزها يرهق النّاس ويساهم في انكماش النشاط الاقتصادي وبالتالي أسس (إبن خلدون) (نظريته حول الضرائب) على أساس (ترشيد النفقات الحكومية) ، ومحاربة "الفخفخة" والمظاهر الفارغة. لأنها إهدار لموارد الدولة ، وعبث بمقدرات الشعب. بينما وزير مالية الانقلاب جبريل في عصرنا الراهن ، لا يطرح أي فكرة مفيدة ، ولا يقول سوى المبررات الواهية لفرض المزيد من الضرائب ، بدلاً عن تنشيط الإنتاج ! وليس لديه رد على انتقاد السياسيين والناشطين لمواقفه وقراراته ، سوى تهديدهم باستخدام سلطة القانون لمعاقبتهم بما أسماه في تغريداته (جريمة التحريض ضد دفع الضرائب!).
* الرجل لا يريد أن يُدرك ، أن قراراته الضريبية خاطئة وأن الكثير من الأبحاث الاقتصادية الحديثة تؤكد أن التغييرات الضريبية لها آثار إجتماعية كبيرة جداً. ففرض زيادة ضريبية بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي ، تخفض الناتج الحقيقي على الفور بنحو 2 إلى 3% .
* وصحيح أن الضرائب مهمة لتمويل الأنشطة الحكومية ، ولكنها في المقابل تؤدي إلى توزيع منحرف للدخل القومي ، بسبب الآثار السلبية المحتملة لرفع الضرائب ، واحتمال حدوث ردة فعل سياسية ، وإثقال كاهل الفقراء ، كما تدفع أصحاب المشاريع الصغيرة ، للخروج من سوق العمل ، مثلما أدى ارتفاع أسعار مواد البناء الآن ، لتوقف حركة العمران واعلان المقاولون إفلاسهم! . فهكذا يتعمق الركود وترتفع درجة حرارة الصراع السياسي والاجتماعي ، بسبب تحميل الشعب فوق طاقته من الجبايات والأتاوات الضريبية.
* الضرائب المرتفعة يا وزير مالية الانقلاب ، تقلل من القدرة على الإنتاج ، ما يؤدي إلى خلق مشاعر عدائية ويوفر مناخاً ملائماً لعدم الثقة بين الشعب والحكومة ، كما أنها تؤدي إلى إضعاف المجتمع وتفكيكه ، فلا يعود بإمكانه الانتاج والابداع ، فيصبح الازدهار والرفاهية حُلماً بعيد المنال.
* ولذلك سنظل نحرض على مقاومة هذه الضرائب الظالمة ، التي هي امتداد لضرائب نظام الحركة الاسلاموية البائد، التي خصصت ضريبة لكل شئ : بدءً ب(دمغة الشهيد) و(الجريح)، انتهاء بدمغة (طهور الذكور) و(الختان الفرعوني) والزواج الجماعي! ولولا ثورة ديسمبر المجيدة ، لفرضت على الهواء الذي يتنفسه الناس ضريبة! .
* من باب أولى بدلاً عن مخاطبة (سكان الكنابي) في الجزيرة ، أن تنصرف للاجابة على سؤال : لماذا يتسرب تلاميذ الأساس بهذه الأعداد المخيفة ويهجرون التعليم ، وكيف للسودان أن يكون له مستقبل ، وهو يفقد أجيالاً هجرت مقاعد التعليم الأساس؟ من سيقود السودان غداً؟ . أليست مسؤليتك توفير ميزانيات (التعليم العام) ، وميزانيات ترقيته وتطويره ، والسعي لجعله مجانياً بالكامل تحقيقاً لشعارات الثورة ، التي زعمت أنك من قواها الأصيلة؟ أليس واجباً عليك كوزير مالية توفير الميزانيات اللازمة للخدمات ، التي تجعل سؤال (التعليم العام) آخر الأسئلة التي تحتاج لإجابة؟ أم تريد ادارة وزارة المالية بعقلية قائد ميليشيا ، خصماً على الكفاح المسلح ، مثلما هو خصماً على دارفور التي تستحق الأفضل! ____________________ # المقاومة _ الشاملة للضرائب _ الشاملة # مواطنة_ بلا _ تمييز