عندما تم سؤال وزير المالية د. جبريل ابراهيم بمؤتمر اذاعي بالاذاعة السودانية امس عن تخصيص موارد الدولة للصرف على السلام سارع دون تفكير لنفي الاتهام. الوزير أعترف بأن الوزارة لا تمتلك موارد وانهم يشعرون بالفرح الشديد عندما يتمكنون من تغطية المرتبات دون استدانه بل ذهب إلى أكثر من ذلك مقرا بان المالية لا تملك الموارد الكافية وهي تعتمد في مواردها علي جيب المواطن قائلا "نجيب موارد من وين ما عندنا موارد الا جيب المواطن " عبر الضرائب التي تأتي من والى جيب المواطن. وتواجه موازنة 2022 صعوبات وتعقيدات عديدة بسبب اعتمادها على فرض مزيد من الضرائب والرسوم على القطاعات المنتجة، فضلا عن إقرارها زيادات كبيرة في رسوم قطاع الكهرباء والوقود وإزالة الدعم من الخبز وتحويل السلع الأساسية عالية الضغط إلى مصدر من مصادر الإيرادات العامة بعد إنهاء الدعم. وصار تمويل الموازنة يعتمد بشكل أساسي على جيوب المواطنين محدودي الدخل والعاملين بالدولة الذين يتقاضون أجورا لا تسمن "ولا تغني من جوع" لأن الأسواق وأعباء الحياة المعيشية تستنزف أي موارد في ظل حالة الغلاء المتنامية. ويرى القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار ان هذه التصريحات ليس بغريبة على جبريل فهو وزير مالية الانقلاب بجانب أن البلاد في حالة لا دولة ولا ميزانية ولا تخطيط او خطة اقتصادية ولا موارد حقيقية. واعتبر كرار في حديثه للراكوبة بأن أعترف جبريل بأن المالية بتشيل من جيب المواطن عبر الضرائب وتعطي المن وابو طيرة والدعم السريع والصرف على البمبان لقتل المتظاهرين، مستفز جداً، واضاف ان جبريل كأنما يتحدى المواطن عبر هذا التصريح الذي يعتبر ارث لمدراء الإنقاذ والمخلوعين الإقتصادين، وزاد"الشعب يعرف كيف يجعل المسؤول يبتلع تصريحاته ويسقط الاتقلاب وزارة المالية وجبريل وهذا النوع من التصريحات". وكانت وزارة مالية حكومة الانقلاب نفذت زيادة جديدة في ضريبة أرباح الأعمال للتجار والشركات بلغت 100%، بينما بلغت الزيادة في ضريبة أرباح الأعمال للقطاع الصناعي نحو 50%،انتقدها مستوردون بشدة لأنها ستؤثر في أسعار السلع وسيصبح السودان أغلى دولة في العالم لأن التكلفة ستُحوّل إلى المُستهلكين، ووصفوا الزيادة بأنها "وبالٌ" على السودان، لأن الدولة الآن تنفق على أكثر من "80" حركة مسلحة، إضافةً إلى الإنفاق السيادي. وبدوره يؤكد الخبير الإقتصادي د. هيثم محمد فتحي انه عادة ما تقع الضرائب على عاتق ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، ولن تكون زيادتها مجحفة فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى المزيد من الانكماش في الطلب، ما سيخفض الإنتاج، ما يعني تسريح العمالة وزيادة البطالة وزيادة الفقر وانتشار الجريمة والعادات الاجتماعية السالبة. داعيا الحكومة بزيادة إيرادتها، المتمثلة بشكل أكبر فى الحصيلة الضريبية (المظلة الضريبية). وأكد ل(الراكوبة) أن زيادة الضرائب إجراءات طاردة للاستثمار الوطني قبل الأجنبي، ومن ثم فإن زيادة الضرائب لن تأتى إلا عبر جذب مزيد من رؤوس الأموال وتحفيزها على العمل، ما يعنى مزيدا من جنى الضرائب. وقال أن جذب رؤوس الأموال يحتاج إلى نفقات استثمارية لتحسين البنية التحتية، ما يعنى زيادة المصروفات،مشيرا الى انه في حال كانت مصروفات الدولة أكثر من مواردها، فإنها ستتجه لمزيد من الاستدانة، ومن ثم مزيد من الفوائد، وقليل من المصروفات الموجهة لتحسين حياة المواطنين والبنية التحتية، وبالتبعية سنكون أمام مناخ طارد للاستثمار، فتقل الضرائب، وتقل الإيرادات، فى مقابل تضخم المصروفات، وهكذا نجد نفسها فى دوامة الاستدانة لتغطية العجز، مع مزيد من الضغط والتردى. جازما بان رفع الدعم بالتزامن مع زيادة ضرائب على المصانع والمؤسسات، يضعف قدرة المنتجات المحلية على منافسة السلع المستوردة، وبالتالي، يمكن توقع الوصول إلى ركود عام و"حينها لن تجد الدولة من تأخذ منه ضرائب بعد هروب ما تبقى من رؤوس الأموال خاصة ان الاقتصاد السوداني في حالة ركود تضخمي نتج عنها توقف معظم المصانع عن العمل وحالة كساد تأثرت بها معظم السلع. وطالب الحكومة بالسعى إلى زيادة الموارد من الاستثمارات المباشرة والصادرات والتجارة الخارجية حتى تستقيم الامور الاقتصادية للبلاد.