شهدت جلسات الكونغرس الأميركي، الثلاثاء، مناقشات متواصلة بين عدد من النواب ومسؤولين بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حول الدعم العسكري الذي تقدمه الولاياتالمتحدةلأوكرانيا، وقضية إرسال مقاتلات من طراز "إف-16" إلى كييف للمساعدة في التصدي للغزو الروسي للبلاد. وتطارد قضية مقاتلات "إف-16" إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، منذ شهور، حيث يواصل نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، تقديم مناشدات عامة منتظمة بشأن الحصول على تلك الطائرات، وفقا لتقرير لصحيفة "واشنطن بوست". وفي وقت سابق، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، قال مشرعون أميركيون إن مسؤولين أوكرانيين طالبوا أعضاء الكونغرس بالضغط على إدارة بايدن لإرسال مقاتلات F-16 إلى كييف، وأكدوا أن من شأن تلك الطائرات تعزيز قدرة أوكرانيا على ضرب وحدات الصواريخ الروسية بصواريخ أميركية الصنع، حسب رويترز. ونقل المشرعون الأميركيون عن الأوكرانيين قولهم إن الطيارين في كييف يمكن أن يستهدفوا بفعالية أكبر منظومتي صواريخ الدفاع الجوي الروسية "إس-300″ و"إس-400" بصواريخ "إيه.جي.إم-88" إذا ما أُطلقت باستخدام إلكترونيات الطيران الأكثر تطورا المتاحة في مقاتلات "إف-16". هل تحتاج أوكرانيا "F-16″؟ في الأسبوع الماضي، تصاعدت دعوات بعض أعضاء مجلس النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بشأن تزويد إدارة بايدن أوكرانيا ب"F-16″، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز". وتأتي المطالبات بتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة متطورة في أعقاب اتفاقيات أبرمتها فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة وألمانيا الشهر الماضي لتزويد كييف بدبابات قتال حديثة. وخلال جلسة للكونغرس، الثلاثاء، تساءل المشرعون الأميركيون عن سبب عدم تدريب الطيارين الأوكرانيين لمعرفة كيفية عمل طائرات "إف-16". وستحتاج القوات الأوكرانية إلى 18 شهرا على الأقل لتتعلم كيفية الطيران والحفاظ على طائرات مقاتلة من طراز "إف-16" أثناء القتال، وفقا لما قاله مسؤول كبير في البنتاغون للكونغرس، الثلاثاء. وقال وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة، كولين كال، لأعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إنه في أفضل السيناريوهات يمكن نقل طائرات "إف-16" الأقدم في غضون 18 شهرا. وقال: "ليس من المنطقي البدء في تدريبهم (الطيارين الأوكرانيين) على نظام قد لا يحصلون عليه أبدا"، مضيفا: "في حين أن طائرات إف-16 كانت أولوية بالنسبة لأوكرانيا "فهي ليست واحدة من أهم أولوياتهم الثلاث". وقال إن حتى إرسال طرازات أقدم من طائرات F-16 سيكون مكلفا حيث يبلغ مجموعها ما بين 2 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار لنحو 36 طائرة. وأوضح أن شراء وتسليم طائرات جديدة قد يستغرق ما يصل إلى ست سنوات، مشيرا إلى أن تقديرات القوات الجوية الأميركية بشأن حاجة أوكرانيا حوالي 80 طائرة لتحديث أسطولها من الطائرات المقاتلة. وقال النائب الديمقراطي آدم سميث، بينما "أصبح الجميع مهووسين" بطائرات "إف-16″ في الأسابيع الأخيرة، فإن توفير طائرات متقدمة سيكلف نفقات كبيرة ولكن لا يوجد مردود فوري، وفقا ل"واشنطن بوست". وتحدث سميث عن حاجة أوكرانيا لتدريب الميكانيكيين، وأن يكون لديها مهابط طائرات يمكنها استيعاب مقاتلات "إف-16″، وامتلاكها قطع غيار للمقاتلات، فضلا عن تدريب الطيارين على استخدامها. مخاوف أميركية في جلسة استماع منفصلة في وقت لاحق، الثلاثاء، قال مسؤولون دفاعيون أميركيون كبار إن الدفاعات الجوية الروسية الهائلة تظل أيضا مصدر قلق شديد لأي طائرة تنشرها أوكرانيا، حسب "واشنطن بوست". وقال اللفتنانت جنرال بالجيش دوغلاس سيمز، وهو ضابط كبير في هيئة الأركان المشتركة للبنتاغون، للمشرعين في اللجنة الفرعية للدفاع بمخصصات مجلس النواب، إنه بينما كان الجيش الأوكراني قادرا على تنفيذ بعض مهام الدعم الجوي بالطائرات التي يمتلكها، فإن التحديات لن يتم التغلب على مواجهة القادة إذا كانت طائرات أميركية الصنع تصطدم بالأنظمة الروسية. وفي تلك الجلسة، قال النائب الجمهوري، مايك جارسيا، إن الولاياتالمتحدة ساعدت أوكرانيا في "معركة نبيلة" شنها الأوكرانيون خلال العام الماضي، لكنه أصبح "قلقا مع تحول المحادثة في واشنطن إلى المزيد من الأسلحة الكبيرة". وقال "أخشى أن يتشتت انتباهنا بسبب سخافة طلب طائرات إف-16". وقدمت واشنطن نحو 30 مليار دولار مساعدات عسكرية لأوكرانيا منذ بداية ما تسميه موسكو بأنه "عملية عسكرية خاصة"، وفقا لرويترز. ولم تصل المساعدات لأوكرانيا لحد تقديم طائرات "إف-16" المقاتلة التي طلبتها كييف، ويثير بعض المسؤولين الأميركيين الشكوك حول قدرة مثل هذه الإجراءات على إبطاء الأعمال العدائية المتزايدة في ساحة المعركة قبل هجوم الربيع المتوقع، حسب رويترز. في مقابلة أجرتها معه قناة "إيه.بي.سي نيوز"، الجمعة، قال بايدن إن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، لا يحتاج إلى طائرات "إف-16" حاليا، مستبعدا إرسال مثل هذه المقاتلات إلى أوكرانيا في الوقت الراهن. وأضاف بايدن أن زيلينسكي "لا يحتاج إلى مقاتلات إف-16 الآن.. أنا أستبعد ذلك في الوقت الحالي". وتؤكد تصريحات بايدن توقعات كبار مستشاريه العسكريين أنه عندما تبدأ المرحلة التالية من الحرب في التسارع مع ذوبان الجليد في الربيع، فإنها ستبدو إلى حد كبير مثل "الحملة البرية الشاقة والدموية التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من كلا الجانبين"، وفقا ل "واشنطن بوست". وأسفر أسوأ صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عن مقتل عشرات الآلاف وخروج ملايين من ديارهم وتضرر الاقتصاد العالمي وتحول بوتين إلى منبوذ في الغرب، طبقا لرويترز.