ليس مهماً أن ينفي أو يثبت أو يبرر الحديث عن حشود عسكرية بالعاصمة الخرطوم، وليس مهماً الخوض في صحة وجود خلافات بين رئيس مجلس السيادة ونائبه من عدمها، المهم الآن أن يصرح مسؤول كبير بالحكومة (إن وجدت) عن اقتراب ساعة السفر. والمسؤول يتحدث عن ساعة صفر مقرونة بحديث مماثل عن حشود عسكرية يقول أطرافها معلومة لدى الجميع، وقد قامت بحشد قوات من الولايات صوب الخرطوم وتبقى له فقط، أن يوضح تفصيلاً حجم القوات وتسليحها. ويتوقع المسؤول الرفيع اقتراب ساعة الصفر ويدعم قوله بتأكيد معلومات رائجة، عن وجود خلافات وسط أطراف عسكرية سكت عن تسميتها سكوتاً أشبه بالإفصاح. واحتفت الصحف بتصريحه ربما تعبيراً عن دهشتها وأفردت له عناوينها الرئيسية وعبر أثير الإذاعات وشاشات التلفاز، أيضاً كان للتصريح حضور كبير. كثيراً ما يتسابق المسؤولون صوب نيابة الصحافة والمطبوعات للشروع في مقاضاة صحيفة أو صحفي نشر عنها ما لا ترضى نشره، أو كشف معلومات لا تريد لها الظهور أو نقل عنها ما لا تملك طريقاً أسهل من نفيه. وطبعاً للنفي وقعه إن أتى عبر فتح بلاغ أياً كانت نهاية اختيار طريق التقاضي. المهم أصبح معلوماً أنَّ جهاتٍ مسؤولة تلجأ فوراً لمقاضاة وسائل الإعلام بسبب النشر، وكثير من الصحف والصحفيين ظلوا يترددون على نيابة الصحافة بسبب بلاغات النشر. ومناسبة هذا القول هو حديث المسؤول أعلاه، فهل يا ترى هناك جهة ما لها الحق في مقاضاة هذا المسؤول، بسبب التصريح الخطير الذي أدلى به وساعة الصفر التي تنبأ بها بثقة. المعلومات المتواترة عن حشود عسكرية حتى وإن سبقت تصريح المسؤول وحتى وإن تناقلتها أوساط بكثافة، تظل في خانة غير المؤكد إلى حين التصريح بها على لسان مسؤول بارز. فحينها دون تردد يمكن أن توضع في خانة المؤكد ويوضع التصريح في خانة الخطورة والخطورة الشديدة، وطالما هو مسؤول وتحدث عن ساعة صفر أو توقعها أو فسر معلوماتٍ بطرفه، بأنَّ نتيجتها حتمية (دقت ساعة الصفر) فللشعب الحق، في التعامل مع هذه المعلومات باعتبارها معلومات حقيقية، ومن حقه أن يتحسب لساعة الصفر هذه ويجيش نفسه، مالم يصدر تصريح آخر فيه تفسير لحديث المسؤول البارز.