"إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" صدق الله العلي العظيم .. العنوان مأخوذ من الكتاب النقدي الشهير الذي ألفه الأديب اللبناني مخائيل نعيمة في الربع الأول من القرن العشرين ضمن حركة التجديد في الأدب .. وأرى أن ما تواجههه الأمة السودانية ما هو إلا "غربال" دقيق يطرح الزبد فيذهب جُفاءً ويبقى ما ينفع الناس .. هذه الحرب العبثية اللعينة التي يؤججها "نيرون" جديد واقفا ببلاهة على مدن وقرى البلاد وهي تحترق وتنهب وتقتصب وهو مستمتع بسادية بالدمار والخراب الذي يحدث أمام عينية ولا تمتد يده قصدا أو عجزا لوقفه .. وإذا تجاوزنا الأصوات الخائرة المهزومة والاصوات الصادرة من مقاعد المتفرجين نجد اننا نرى بلدا عريقا وشعبا معلم وثائر لا يقبل وصاية من أحد وسوف ينتج من كل هذا الخراب غير المسبوق "وردة تنبع من جرح" تمهيدا للصباح الجديد .. السودان محسود ككل ذو نعمة فقد حباه الخالق العظيم بموارد طبيعية لا تحصى وسواعد بشرية قادرة على إعادة البناء .. في دروس الجغرافيا أيام الطلب رأينا كيف أن السودان يحتوي على كل المناخات الجغرافية الهامة من صحراوي وشبه صحراوي، ساڤنا غنية وفقيرة ويا للعجب مناخ بحر أبيض متوسط في جبل مرة والمناخ الموسمي في الشرق لذلك لاغرابة أن يُدعى السودان نموذجا مصغرا لأمريكا!! لا شك أن ما يحدث الآن مخاض مؤلم وعسير لولادة جديدة مشرقة .. نعم هنالك أصوات تبث الفرقة واليأس بين الناس ولكن هذه النباتات الطفيلية ستتم إزالتها تجهيزا لبيئة العهد الجديد .. مقارنة بغيره هذا بلد فريد وعريق وأمة تستعصي على الموت يصدق عليه قول شكسبير اللغة العربية المتنبي: ولما رأيت الناس دون محله تيقنت أن الدهر للناس ناقد د. الفاتح إبراهيم واشنطن