تحكم المجتمع السودانى عادات وتقاليد ظلت تسيطر وتتحكم في كافة اوجه الحياة اليومية، وتربية الابناء الذكور في المجتمع لها نهجها وابرز ملامحه اتاحة الفرصة للابن الاكبر الذي كثيرا ما يكون صاحب القرار خاصة نحو اخواته البنات، ولو كانت بينهن من تكبره سنا .. هذه الصلاحيات الواسعة للابن الاكبر تصبح مكونا من شخصيته وتغدو ممارسة حياتية حتى عند انتقاله للحياة الزوجية. وهنا تجد عروس الابن البكر نفسها تدور حول ذات الفلك الذي سبقتها اليه الشقيقات. وبعد تجاوز فترة الزواج الاولى التي يكون طابعها الغرام والوجد، تجد الزوجة ان?زوجها قد تبدل، كما ان الزوج يجد ان المضي في ذات التعامل والحميمية مع الزوجة ينتقص من كرامته وكبريائه، وتغدو كلمات المدح والاطراء جرماً كبيراً خاصة امام اهله اواهلها. وللوقوف على حقيقة الامر التقت «الصحافة» بعدد من الازواج، وخرجت بهذه الحصيلة، يقول الطاهر حيدر إن للتربية اثرا كبيرا فى ذلك، باعتبار ان الابن الأكبر صاحب قرار وله كلمته فى البيت، وتظل هذه الفكرة مدفونة فى ذاكرته الى ان ينتقل للحياة الزوجية، وهو بعيد كل البعد عن كلمات الثناء، وهذه تنازلات وضعف. واضاف ان قليلا من الرجال يمدح زوجته، لدرجة ان بعض الزوجات عندما يمتدحهن ازواجهن يقابلن ذلك بالاستغراب. صفية المصطفى ترى لن المرأة بطبيعتها تحب الرومانسية وكلمات المدح بالقدر المعقول، وان المرأة تعيش على الكلمة الطيبة الجميلة اليوم كله، وبالتالى تزيد الجهد موكدة ان هناك شخصاً يشعر بها ويراقب اعمالها. واضافت صفية ان الرجل السودانى بعيد عن الرومانسية ويعتبر ذلك استسلاما وتنازلات. امل الصادق «متزوجة» قالت ان المدح والكلمات الجميلة تجمل الحياة الزوجية وتعطيها طعما طيبا، مؤكدة انه مكافأة نفسية بين الطرفين، ويظل الخوف يسيطر على الموقف بأن يصيب احد الطرفين الغرور بكثرة المدح. وذكرت صفية أن المرأة لها دور فى عزوف الرجال عن الثناء، ودللت على ذلك بأن الزوج اذا دخل البيت وفى يده وردة ومدها لزوجته تقول له: عليك الله شوف الراجل دا، ماله لو جاب حاجة نستفيد منها. واضافت: لو عزمك خارج المنزل تتحدثى فى نفسك: الراجل دا ما طبيعى.. وهكذا كانت التربية واثرها حتى فى مستقبل الناشئة. معز أحمد «طالب جامعى» يرى أن الشيء الذي يميز الحياة الزوجية الكلمات والايماءات التى من خلالها ترتقى هذه الحياة الى آفاق بعيدة، مؤكدا أنه بدون ذلك يتخللها الملل والفتور، واضاف ان التربية لا علاقة لها بالمدح والثناء فى الحياة الزوجيه، لأنها حياة منفصلة تماماً، وقال: ليس هناك كبرياء او تنازلات بين الازواج. هالة خالد قالت إن حياتها كلها مدح فى مدح، وبعيدة عن الملل، «وعندما اقوم بعمل زوجى يثنى عليه، مما يدفعنى الى تجويد الاشياء لان هناك عيناً تنظر اليَّ» واضافت ان الرسول «ص» كان يداعب ويمازح زوجاته، لأن المرأة تعيش بالكلمة الطيبة اليوم كله، وبطبيعتها تحب الرومانسية، واذا اتى الرجال بكنوز الدنيا لا تعنى لها شيئاً مقابل كلمة طيبة. الباحثة الاجتماعية حنان الجاك قالت: «طبيعة التكوين السلوكى للتنشئة الاجتماعية القت بظلالها على مفهوم تبادل الكلمة الطيبة بين الزوجين، وغياب المدح يصيب العلاقة بالجفاف». واضافت ان المرأة تركيبتها عاطفية جدا وتحتاج الى الثناء والتقدير باستمرار، ولأن هذه الثقافة غائبة يبقى ضياع الكلمة الحلوة بين الزوجين يحدث من الناحية النفسية آثاراً سالبة تتمثل فى عطاء الزوجة، وحتى على مستوى عطائها للاطفال لأن الثناء ينعكس ايجابيا ويخلق فيهم روح التقدير، ويمنحهم القدرة على التعامل مع المجتمع بدون عقد نفسية، وأيضا المدح والثن?ء لا يتجاوز المعقول، لأن الافراط فى كل شىء يعطى عدم مصداقية. وختمت حنان حديثها بتوصية بأنه لا بد من ترك ما خلفته الاسر على مستوى التربية سابقاً، ولا بد من تحرير تلك المفاهيم. الصحافة