السودان يشارك في الدورة ال(20) للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو    انقطاع التيار الكهربائي في عموم ولايات السودان    بعد انسحاب الجيش.. مليشيا الدعم السريع تسيطر على حقل هجليج النفطي    شاهد بالصور.. "صباحكم عافية".. الفنانة هدى عربي تتجاهل هجوم "أفراح" وتبهر الجمهور بإطلالة أنيقة ومميزة    "كسروا الشاشات وهاجموا بعضهم".. غضب هستيري في غرفة ملابس ريال مدريد    سيدة الأعمال السودانية نانسي ملاح تدافع عن "ميادة" بعد شائعة الإعتداء على خادماتها: (ما شفنا منها غير الطيبة والأدب وأخلاق البنات المربّيات وحكموا عليها قبل ما تُعرض الأدلة وقبل ما القانون يقول كلمته)    شاهد بالفيديو.. أحد أفراد الدعم السريع يهاجم شيخهم "بدران": (رأسك زي بوخ الحلة.. بتجيب في كلمات ما معروف من أي ديانة وتشريعك دا المغطس حجرنا)    سيدة الأعمال السودانية نانسي ملاح تدافع عن "ميادة" بعد شائعة الإعتداء على خادماتها: (ما شفنا منها غير الطيبة والأدب وأخلاق البنات المربّيات وحكموا عليها قبل ما تُعرض الأدلة وقبل ما القانون يقول كلمته)    شاهد بالصورة والفيديو.. مشجعة سودانية تتمنى مواجهة العراق مرة أخرى: (العراقيين هم اللي يخافون مننا وسودانا فوق)    شاهد بالصورة والفيديو.. مشجعة سودانية تتمنى مواجهة العراق مرة أخرى: (العراقيين هم اللي يخافون مننا وسودانا فوق)    شاهد بالفيديو.. خبير التحكيم المصري ونجوم الأستوديو التحليلي يجمعون على تقاضي الحكم عن ركلة الجزاء واضحة لصقور الجديان أمام العراق والجمهور: (الظلم التحكيمي لمنتخبنا في البطولة أصبح متكرر)    قائد بفرقة عسكرية للجيش يصل دولة مجاورة    هلال الابيض يحقق فوزه الأول على شيكان بهدفي زكريا    السوكرتا يجري مرانه الصباحي بملعب المرغني استعداداً لمواجهة القوز كوستي    الغضب يترك أثراً أعمق مما نظن    الصادق الرزيقي يكتب: الكيان الصهيوني ومشروع تقسيم السودان    داركو نوفيتش في المؤتمر الصحفي عقب المباراة...سعيد يحصد النقاط الثلاث رغم الظروف الصعبة    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    شاهد بالصور.. الشاعرة والإعلامية نضال الحاج تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زفاف "ريماز" بأناقتها بالحجاب    شاهد بالفيديو.. اليوتيوبر الشهيرة مها جعفر تعود للظهور بمقطع فيديو كوميدي من مباراة صقور الجديان وأسود الرافدين وتؤكد تشجيعها للمنتخبين لأن والدها سوداني ووالدتها عراقية: (ماما أمسكي المنتخب بتاعك دا)    شاهد بالصور.. الشاعرة والإعلامية نضال الحاج تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زفاف "ريماز" بأناقتها بالحجاب    وزير خارجية بنين يعلن فشل محاولة الانقلاب في البلاد    الكويت تسحب جنسية الداعية طارق السويدان    شركة CNPC الصينية تُخطر وزارة الطاقة بنيتها إنهاء اتفاقيات البلوك 6 بسبب تدهور الأوضاع الأمنية    إحباط تهريب (29) ألف رأس بنقو و(46) ألف حبة ترامادول بشندي    صلاح يفتح النار: شخص يريد رحيلي.. وليفربول تخلى عني    تحذير علمي: السمنة تُسرّع تراكم علامات الزهايمر في الدم بنسبة 95%    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    تكريم الفنان النور الجيلاني بمنطقة الكدرو    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    السكري وصحة الفم.. علاقة متبادلة    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    "يارحمن" تعيد الفنانة نانسي عجاج إلى القمة.. أغنية تهز مشاعر السودانيين    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تبقى من اتفاقية السلام السودانية؟
نشر في الراكوبة يوم 11 - 11 - 2023

قرار الفريق عبد الفتاح البرهان قبل أيام بإعفاء اثنين من مسؤولي الحركات المسلحة في دارفور من منصبيهما الحكوميين، فتح النقاش والجدل مجدداً حول اتفاقية جوبا للسلام الموقعة بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة. فالاتفاقية التي كانت أصلاً موضع جدل منذ توقيعها في عام 2020، وضعتها الحرب الدائرة الآن تحت المجهر، وأثارت المزيد من الأسئلة حولها.
كثيرون رأوا أن الاتفاقية بدلاً من أن تسهم في تحقيق السلام، لا سيما في دارفور، فإنها وسعت دائرة الفوضى والمشاكل، وأدت لنقل النزاعات والصراعات إلى مناطق أخرى، وإلى ظهور المزيد من الحركات والكيانات المسلحة. آخرون رأوا فيها توزيعاً للمناصب والمكاسب، أكثر منها معالجة حقيقية لجذور مشاكل السودان، وإنهاء مسلسل الحروب. وقد أعطى عدد من قادة هذه الحركات منذ توقيع الاتفاقية، وعبْر عدد من المحطات والمواقف خلال السنوات المضطربة التي تلتها، حججاً قوية للمشككين في جدواها، ولمن يتهمونهم بأن همهم الأكبر ينصب على السلطة وصراع الكراسي.
الدكتور الهادي إدريس، رئيس حركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي، الذي أعفاه البرهان من منصبه في مجلس السيادة الانتقالي، شدد في بيانه الذي أعلن فيه رفضه للقرار على أن اختياره للمنصب تم بموجب اتفاقية جوبا، وأي مساس به يعني انهيار الاتفاقية. هذه الحجة استخدمها أيضاً وزير الثروة الحيوانية حافظ عبد النبي بعد إقالته؛ إذ قال إنه لا يعترف بالقرار؛ لأنه صادر من جهة فاقدة للشرعية الدستورية ومخالف لاتفاقية جوبا للسلام التي لوح بأنها «معرضة للانهيار».
الحقيقة أن اتفاقية جوبا أسقطتها عملياً الحركات المسلحة منذ أن انضمت أولاً إلى الانقلاب الذي أطاح بحكومة الدكتور عبد الله حمدوك في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ثم بموقفها من الحرب الدائرة اليوم. فإذا كانت قيادة هذه الحركات التقت في موقفها مع الانقلاب وآثرت الاحتفاظ بالمناصب والمكاسب، فإنها تفارقت إزاء الحرب بين من أعلنوا أنهم في الحياد، ومن اختاروا الانضمام إلى قوات «الدعم السريع» والقتال إلى جانبها ضد الجيش، أو من انحازوا إلى صف الجيش باعتبار أن المعركة الراهنة هي للدفاع عن السودان المهدد في وجوده ووحدته.
بالنسبة لحركات دارفور الموقعة على اتفاقية السلام، فإن مقعد الحياد ربما بدا لها مريحاً في البداية، بل مفيداً. أوضح تعبيرٍ عن ذلك جاء على لسان مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، عندما قال بشأن وقوفهم على الحياد، إنهم «مرة مع دُوْل (أي هؤلاء) ومرة مع دُوْل»؛ بمعنى تارة مع الجيش وتارة مع «الدعم السريع». فهذا الحياد يلخص تفكيرهم القائم على أنهم يكسبون وهم يرون «خصومهم» في الجيش و«الدعم السريع» يدمران قدراتهما ويضعفان قوتيهما.
لكن مقعد الحياد لم يعد مريحاً عندما امتدت حرب الخرطوم إلى دارفور، وبدأت قوات «الدعم السريع» تتمدد، وسيطرت على حاميات للجيش ودخلت نيالا والجنينة وزالنجي. ومع هذا التمدد، بل قبله، كانت تحذيرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية تتوالى بشأن ما يحدث في دارفور من مجازر وانتهاكات مريعة، وجهت الاتهامات فيها إلى قوات «الدعم السريع». وحذرت الأمم المتحدة من تكرار الأحداث والمذابح التي وصفت بالإبادة العرقية في مدينة الجنينة في يونيو (حزيران) الماضي، بينما عبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن «قلقها البالغ» بعد التقارير التي تحدثت عن اختطاف النساء والفتيات واحتجازهن في «ظروف لا إنسانية تشبه العبودية»، يتعرضن فيها للاعتداءات الجنسية، وتزويجهن قسراً، واحتجازهن للحصول على فدية في المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع» في دارفور.
وبدأ كثيرون يتساءلون: من يمثل قادة هذه الحركات؟ ولمن يحتفظون بقواتهم إذا كانوا لا يدافعون عن الإقليم وأبنائه؟
فمناوي، وهو حاكم دارفور بمقتضى اتفاقية السلام، يقف متفرجاً على ما يحدث في الإقليم ولأهله، بينما والي شمال دارفور نمر عبد الرحمن يبث رسالة صوتية، وهو خارج الإقليم، يدعو فيها المواطنين للخروج من مدينة الفاشر؛ لضمان سلامتهم، انطلاقاً من التوقعات بأن المدينة ستكون ساحة مواجهات وشيكة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» التي ترى المدينة باعتبارها آخر المواقع الكبيرة المهمة لإكمال سيطرتها على الإقليم.
ما يزيد موقف مناوي حرجاً أنه أقر بخطورة الوضع منذ أشهر عندما وصف في مقابلة أجريت معه في أغسطس (آب) الماضي، ما حدث من انتهاكات وفظائع في الجنينة ومناطق أخرى في دارفور ب«الإبادة الجماعية والتطهير العرقي»، وعلى الرغم من ذلك لم تتحرك قواته وقوات الحركات المسلحة الدارفورية الأخرى لصد الهجمة عن أهلهم. وقفوا متفرجين ومدن الإقليم تستباح، وآلاف السكان ينزحون لينضموا إلى أكثر من ثلاثة ملايين أجبروا على الهروب نحو دول الجوار، وعلى وجه الخصوص نحو تشاد.
الحركات المسلحة الدارفورية تجد نفسها في موقف صعب اليوم، ولافتة الحياد لم تعد مقنعة، بل بات كثيرون يدعونها للقتال ما يعني عملياً انحيازها إلى الجيش. في المقابل هناك من يرى أن هذه الحركات أو بعضها قد تتحالف اختياراً أو اضطراراً مع قوات «الدعم السريع» إذا اتجهت الأمور نحو سلخ الإقليم وإعلان حكومة موازية فيه، في تكرار للنموذج الليبي في السودان. تقديري أن مثل هذا التحالف مستبعد، وإن حدث لأسباب وقتية أو انتهازية فإنه لن يصمد، وسيقذف بدارفور في أتون حرب طاحنة أبشع من كل دورات الحروب السابقة التي عرفتها. فدارفور ليست متجانسة في تركيبتها القبلية، وبين «الدعم السريع» وبعض حركات دارفور تاريخ من الشكوك والمعارك، إضافة إلى أن كثيرين من أهل دارفور لا يؤيدون انفصال الإقليم.
الحرب الراهنة عرّت كثيراً من المواقف، وكشفت عن العديد من مواقع الخلل التي لا بد من النظر فيها ومعالجتها، بعد أن يتوقف الرصاص، واتفاقية جوبا للسلام من ضمنها بالتأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.