شاهد بالفيديو.. بعد اقتحامه بقواته مدينة "بارا".. القائد "كيكل" يحتفل مع قواته ويوجه رسالة لقوات الشرطة بالمدينة والجمهور: (دراعة للأدب والطاعة)    شاهد بالصورة.. بعد الهجوم الإسفيري الشرس الذي تعرض له.. المذيعة تسابيح خاطر تتغزل في زوجها "الميرغني" وتسانده: (واثِق ُ الخطوةِ يمشي ملكاً)    شاهد بالصورة والفيديو.. بعد حصوله على قميص نادي الهلال السوداني.. مقدم برامج بقنوات "بي ان سبورت" يوجه رسالة للبرنس: (أعرفك من سنين عمرك ما هديتنى تيشيرت واليوم حصلت عليه بعرق جبيني)    شاهد بالصورة والفيديو.. بعد حصوله على قميص نادي الهلال السوداني.. مقدم برامج بقنوات "بي ان سبورت" يوجه رسالة للبرنس: (أعرفك من سنين عمرك ما هديتنى تيشيرت واليوم حصلت عليه بعرق جبيني)    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل "بارا" وسط استقبالات حاشدة وغير مسبوقة وساخرون: (الدعامة والقحاتة الليلة ما بنوموا من الزعل)    شاهد بالصورة.. بعد الهجوم الإسفيري الشرس الذي تعرض له.. المذيعة تسابيح خاطر تتغزل في زوجها "الميرغني" وتسانده: (واثِق ُ الخطوةِ يمشي ملكاً)    شاهد بالفيديو.. وسط ضحكات وسخرية الجمهور.. جندي بالدعم السريع يهرب من المعركة وينفذ بجلده: (عيال كيكل ما بتداوسوا وأنا ماشي أرعى إبل وأمي قالت لي كان ما رجعت ما عافية ليك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بعد حصوله على قميص نادي الهلال السوداني.. مقدم برامج بقنوات "بي ان سبورت" يوجه رسالة للبرنس: (أعرفك من سنين عمرك ما هديتنى تيشيرت واليوم حصلت عليه بعرق جبيني)    "كاف"يفاجئ نادي المريخ السوداني    السفير محي الدين سالم يؤدي القسم أمام رئيس مجلس السيادة وزيراً للخارجية والتعاون الدولي    عملية سياسية شاملة في السودان..4 دول تصدر بيانا    أرميكا علي حافة الهاوية    رئيس الوزراء القطري أمام مجلس الأمن: قادة إسرائيل مصابون بالغرور وسكرة القوة لأنهم ضمنوا الإفلات من العقاب    الرئيس الرواندي يصل الدوحة    ريجيكامب في مؤتمر سيكافا: "مستعدون للتحدي ومصممون على بلوغ النهائي"    عبد المهيمن الأمين!    جيشنا الباسل والجيش الرواندي    انتقادات عربية وأممية.. مجلس الأمن يدين الضربات في قطر    بدعوات كل ضحايا عصابات آل دقلوفي بارا.. حيث ترتاح النفوس المسافرة إلى البقاع الحالمة..!    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد.. مقطع فيديو يوثق اللحظات الأخيرة لغرق "قارب" يحمل عدد من المواطنين بينهم "عروس" في النيل بوادي حلفا    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    والد مبابي: كيليان أبكاني مرتين ونجح في تحقيق ما عجزتُ عنه    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    الهلال السودانى يتأهل ويواجه الجيش الرواندى في نصف نهائي سيكافا وأهلي مدني يخسر    في الجزيرة نزرع أسفنا    جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الغارات الإسرائيلية على الدوحة    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    والي الخرطوم يدين الاستهداف المتكرر للمليشيا على المرافق الخدمية مما يفاقم من معآناة المواطن    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاجئون سودانيون يسردون مآسي موجة ثانية من التطهير العرقي
نشر في الراكوبة يوم 23 - 11 - 2023

في وقت سابق من هذا العام شنت قوات عربية حملة قتل واغتصاب أخرجت معظم قبيلة المساليت أفريقية الأصول من مدينة الجنينة السودانية.
وفي نوفمبر تشرين الثاني الجاري، عادت هذه القوات مرة أخرى لتنهي ما بدأت.
وقال عشرات الناجين لرويترز إن مقاتلين بقيادة قوات الدعم السريع السودانية، في أوائل نوفمبر تشرين الثاني، فتشوا عن أفراد من قبيلة المساليت لقتلهم. وانصب بحث القوات على منطقة أردمتا، وهي منطقة نائية في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور.
وقال ناجون إن قوات الدعم السريع سيطرت على قاعدة للجيش السوداني في أردمتا، باستخدام طائرات مسيرة لمهاجمة الجنود هناك. وقال 11 شخصا كانوا موجودين في القاعدة إن قادة بالجيش السوداني تركوا جنودهم أثناء القتال وفروا.
ثم كثفت قوات الدعم السريع وميليشيات عربية متحالفة معها هجماتها على المدنيين الذين يعيشون في مخيم للنازحين في أردمتا والأحياء المحيطة بها، وشنت هجوما على عشرات الآلاف ممن يعيشون هناك، معظمهم من قبيلة المساليت.
وتحدث عشرات الناجين من هجمات هذا الشهر لرويترز. وقال العديد منهم إنهم رأوا رجال من المساليت يتم اعتقالهم وإطلاق النار عليهم. وقال بعضهم إنهم رأوا أشخاصا يُمزَقون أربا حتى الموت بالفؤوس (البلط) والمناجل.
ونُقل مئات من المساليت إلى ملعب لكرة القدم في المنطقة حيث قال شاهدان إنهما رأيا أشخاصا يعدمهم خاطفون عرب. وظلت الجثث المنتفخة ملقاة في شوارع أردمتا لبضعة أيام. وأُضرمت النيران في منازل وتعرضت للنهب وبعضها جرد من أي متاع بعد أن سرق اللصوص أجهزة التلفزيون وأدوات المطبخ وحتى الأبواب والنوافذ.
ويأتي الهجوم على أردمتا بعد أن طردت قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تتألف أساسا من قبائل عربية، وميليشيات عربية حليفة، في وقت سابق من هذا العام مئات الآلاف من المساليت الذين كانوا يمثلون سابقا الأغلبية في الجنينة من المدينة. وفي حملة استمرت قرابة شهرين، قتلت القوات العربية المئات من سكان الجنينة، معظمهم من أفراد قبيلة المساليت. وفر كثيرون من الناجين إلى تشاد.
ومن غير الواضح عدد المساليت الذين بقوا في الجنينة. لكن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قالت في عام 2022 إن عدد سكان المدينة متعددة الأعراق كان يبلغ 540 ألف نسمة. وفي أعقاب القتال الذي دار هذا العام في دارفور، يعيش الآن نحو نصف مليون لاجئ سوداني في مخيمات على الجانب التشادي من الحدود بين البلدين.
وتمثل أردمتا أحد الجيوب الأخيرة لوجود المساليت في المدينة. وفي الأيام التي تلت الهجمات الأحدث، شاهد صحفيون من رويترز عشرات الأشخاص، بعضهم مصابون، يعبرون إلى مدينة أدري الواقعة على حدود تشاد مع السودان.
وتحدثت رويترز مع أكثر من 70 شخصا لإعداد هذا التقرير، بينهم مدنيون وجنود بالجيش السوداني نجوا من المذبحة ووصلوا إلى تشاد. وأُجريت المقابلات في مدينة أدري، عند معبر حدودي أثناء دخول الهاربين إلى تشاد، وفي مواقع للاجئين في المنطقة. وتستند هذه الرواية للمرحلة الأحدث من عملية التطهير التي تقوم بها القوات العربية للمساليت إلى شهاداتهم، وكذلك إلى تحليل رويترز لصور الأقمار الصناعية والصور الفوتوغرافية ولقطات من وسائل التواصل الاجتماعي لأعمال العنف.
وقال الاتحاد الأوروبي إن أكثر من ألف من أفراد قبيلة المساليت قتلوا في أردمتا. وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من هذا الشهر، إن "أحدث الفظائع" في أردمتا كانت جزءا من "حملة تطهير عرقي أوسع نفذتها قوات الدعم السريع بهدف استئصال قبيلة المساليت غير العربية من غرب دارفور".
ولم يرد الجيش السوداني على أسئلة حول تقدم قوات الدعم السريع أو سلوك قواته.
ولم ترد قوات الدعم السريع وميليشيات عربية على أسئلة حول ما قاله الشهود عن القتل والنهب في أحدث جولات القتال.
وفي بيان صدر يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني، حمل متحدث باسم قوات الدعم السريع الجيش السوداني مسؤولية القتال. وقال البيان إن قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) أمر بإجراء تحقيق فيما حدث في أردمتا، وإنه لن يوفر "الحماية لأي فرد يثبت تورطه في أي انتهاكات لحقوق المدنيين الأبرياء".
وكان حميدتي، قد أدلى بتصريحات مماثلة من قبل. وبعد أعمال العنف السابقة في الجنينة، قال إن قوات الدعم السريع ستحقق في الأمر.
وبدأ إهراق الدماء في دارفور بعد أيام من اندلاع الحرب في أبريل نيسان في العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بسبب خلاف على دمج القوتين مع انتقال البلاد إلى الحكم المدني. وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من ستة ملايين شخص، من بينهم نحو 500 ألف عبروا الحدود إلى تشاد، معظمهم من غرب دارفور، وفقا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وغرب دارفور هو الموطن التاريخي للمساليت. ولطالما اندلع العنف في المنطقة بسبب التنافس على الأراضي والمياه بين المجتمعات الزراعية غير العربية مثل المساليت والرعاة العرب الرحل.
وحققت قوات الدعم السريع مكاسب في الأشهر القليلة الماضية. وبعد سيطرتها على مساحات واسعة من الخرطوم، أجبرت الجيش السوداني على التراجع في أجزاء من إقليمي دارفور وكردفان. وفي أواخر أكتوبر تشرين الأول، اجتاحت قوات الدعم السريع مقرات الجيش في نيالا وزالنجي، وهما اثنتان من عواصم الولايات الخمس في إقليم دارفور.
وتقول قوات الدعم السريع إنها تريد إحلال الديمقراطية في السودان. ويقول دبلوماسيون إنها تسعى إلى الحصول على مزيد من الموارد بما في ذلك الذهب الذي استخدمته للمساعدة في بناء إمبراطورية مالية، ولتأمين دورها في أي تسوية سياسية بعد سبعة أشهر من القتال. وتعهدت قوات الدعم السريع بالوصول إلى المركز الاقتصادي للبلاد في بورتسودان على الساحل الشرقي. وأثار تقدمها مخاوف من أن السودان قد يعاني من انقسام آخر، بعد 12 عاما من انفصال جنوب السودان.
وفي مطلع نوفمبر تشرين الثاني، توجهت قوات الدعم السريع نحو هدفها التالي في الجنينة وتمثل هذا الهدف في قاعدة الجيش في أردمتا، التي كانت بمثابة القيادة المركزية للجيش السوداني في غرب دارفور بأكمله.
"الهزيمة كانت سريعة"
قاتل الجيش السوداني قليلا في الجنينة حتى هذا الشهر. وقال عشرات الشهود لرويترز في يوليو تموز إنه حين بدأت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها اجتياح المدينة في أواخر أبريل نيسان، ظلت قوات الجيش إلى حد كبير في قاعدة أردمتا.
وبحلول الأول من نوفمبر تشرين الثاني، كانت قوات الدعم السريع وحلفاؤها قد حاصروا القاعدة الواقعة في أقصى الطرف الشمالي الشرقي للمدينة. وكان بالداخل عدة آلاف من قوات الجيش السوداني ومقاتلون من قوات التحالف السودانية، وهو مجموعة من الفصائل المسلحة التي قاتلت في حروب سابقة في دارفور. واحتمى هناك مدنيون أيضا.
وحينها كان يتعين على ضباط الجيش اتخاذ قرار. وقال جنود وتقارير وسائل إعلام محلية إن السلطات المحلية في الجنينة المتحالفة مع قوات الدعم السريع أرسلت مبعوثين إلى القاعدة لاقتراح صفقة بأنه إذا استسلمت القوات وغادرت يمكن تجنب الحرب.
وقال ثمانية من الجنود والمقاتلين في قوات التحالف السودانية كانوا هناك إنه حين لم يمتثل الجيش، بدأت قوات الدعم السريع بقصف القاعدة في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني ثم رد الجيش بإطلاق النار وقصف مواقع قوات الدعم السريع.
ولم يكن المدافعون ندا لقوات الدعم السريع التي نشرت طائرات مسيرة للمراقبة وضرب أهداف داخل القاعدة. وقال الجندي عبد الله عمر عبد الله (32 عاما) إن طائرات مسيرة أسقطت ذخائر على الدبابات والعربات المدرعة. وأضاف أن ستة من زملائه على الأقل قتلوا.
وسقط مدنيون قتلى أيضا. وقال الفضل عبد الله (22 عاما) إن والدته وشقيقتيه وجدته لاقوا حتفهن جميعا في قصف القاعدة. وفي غمرة الفرار، اضطر إلى ترك جثثهن خلفه. وقال إنه لم يستطع دفنهن.
وفي الرابع من نوفمبر تشرين الثاني، أي بعد يومين من بدء القتال، استيقظ الجنود في القاعدة ليكتشفوا أن قادة الجيش السوداني قد تخلوا عنهم. وانسحب الضباط بهدوء أثناء الليل، حسبما قال 11 جنديا ومقاتلا فروا إلى أدري.
وقال خميس حسن، القائد البارز في قوات التحالف السودانية إن "القوات لم يكن لديها أي علم" عن التقهقر الخاطف للقيادة. وأضاف "الهزيمة كانت سريعة".
وقال إبراهيم يوسف الجندي بالجيش السوداني إنه كان في القاعدة حين اختفى القادة. وأضاف أن القادة تركوا الجنود دون أن يخبروهم بأي شيء وفجأة وجدوا قوات الدعم السريع أمامهم.
ولم يرد الجيش السوداني على الأسئلة المتعلقة بسلوك القادة.
وقال يوسف إنه كان في منشأة طبية بالقاعدة يتلقى العلاج من إصابته بشظية حين تعرضت المنشأة للهجوم. وأضاف أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها اقتحمت المنشأة وأطلقت النار على الجرحى. وتمكن من الفرار بالزحف خلف الجدران وعبر الأحراش. ووصل في نهاية المطاف إلى مخيم النازحين في أردمتا حيث حصل على ملاذ آمن لبعض الوقت.
ومع تدفق المهاجمين، قال الجندي السوداني قمر الدين محمد إنه استلقى وسحب جثة رفيقه فوقه وتظاهر بأنه ميت. وقال "سحبت جثة زميلي وبدمه علي". ثم فر فيما بعد إلى أدري.
وحين علموا أن قادتهم قد تخلوا عنهم، قال الجنود ومقاتلو قوات التحالف السودانية إنهم وضعوا على عجل خطة للهروب. وتجردوا من زيهم العسكري وانقسموا إلى ثلاث مجموعات. وفرت فرقة قوامها نحو ألفي جندي ومقاتل مع المدنيين عبر الجبال إلى الغرب من الجنينة واتجهوا إلى تشاد.
وسقط كثيرون في الرحلة.
كان محمد أحمد جمعة، صاحب متجر بقالة من أردمتا، من بين المدنيين الفارين. كان يستقل سيارة لاند كروزر مع عشرات الأشخاص تكدسوا داخل السيارة وفوقها. لكن السيارة تعرضت لكمين من رجال الميليشيات العربية وتعرضوا لإطلاق النار على طول الطريق، وتفرق ركاب السيارة.
وأضاف "كل واحد يلا نفسي… لو حد أصيب ووقع يلا انت ونفسك ومحدش يشيله".
وقال جمعة إنه اختبأ أربعة أيام في الجبال بينما كانت قوات الدعم السريع والقوات العربية المتحالفة تفتش عن الجنود السودانيين والمدنيين من المساليت. وبفضل مص أعواد قصب السكر ظل على قيد الحياة. وعرض ما أصاب شفتيه من قروح نتيجة مص أعواد القصب.
ومنذ وصوله إلى أدري، قال جمعة إنه ظل عند المعبر الحدودي، وكان يحدوه الأمل في أن يعرف أخبارا عن الذين فروا معه في السيارة لاند كروزر. وعرف أن شخصا واحدا فقط منهم استطاع الوصول إلى تشاد.
وقال اثنان من كبار قادة قوات التحالف السودانية لرويترز إنهما يسجلان أسماء الجنود والمقاتلين -الذين كان عددهم في الأصل 2000- الذين فروا عبر الجبال ووصلوا إلى أدري. وبحلول منتصف نوفمبر تشرين الثاني، بلغ العدد 340.
ويوم السبت الرابع من نوفمبر تشرين الثاني، وقف نائب وشقيق قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم حمدان دقلو، أمام القاعدة العسكرية المحتلة وهنأ قواته. وكان يقف إلى جانبه عبد الرحمن جمعة، قائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور. والرجلان يقعان تحت طائلة عقوبات أمريكية فُرضت في سبتمبر أيلول، بسبب ما يعتقد أنها انتهاكات لحقوق الإنسان. ووصف دقلو، شقيق زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الإجراء الأمريكي بأنه ظالم.
وقال دقلو في تعليقات نشرت على حساب قوات الدعم السريع في موقع إكس (تويتر سابقا) "نهنئكم بالنصر العظيم… الله أكبر الله أكبر الله أكبر".
استهداف المساليت
بمجرد سقوط القاعدة، بدأت موجة القتل.
وركزت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية عملياتها على السكان المدنيين، ومعظمهم من المساليت، في مخيم النازحين القريب والأحياء المحيطة بأردمتا.
وقال خمسة من السكان إنه بعد اجتياح القاعدة، تفاوض زعماء القبائل في أردمتا على اتفاق مع قوات الدعم السريع والميليشيات العربية. وقالت المصادر إنه بموجب الاتفاق يتم تسليم جميع البنادق الموجودة في مخيم النازحين وفي المقابل، ستضمن القوات العربية سلامة المقيمين في المخيم وتسمح بالمرور الآمن إلى خارج الجنينة لمن يريد المغادرة.
لكن عشرات الناجين قالوا إنه بمجرد تسليم الأسلحة، بدأت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية في قتل الناس ونهب المنازل في أردمتا، مستهدفين المساليت تحديدا.
وقال موظف حكومي محلي من المساليت "قالوا لكل الرجال تخرج والعوين (النساء) تفضل جوه". وأضاف أنه شاهد القوات العربية من مخبئه خلف جدار في منزله.
ويتذكر الرجل قوات الدعم السريع والميليشيات العربية وهم يقولون "العبيد تطلع بره… وبعدها بدأ الضرب بالذخيرة دكوهم (حصدوهم) بالذخيرة".
واستهدف القتل بعض المدنيين حتى قبل سقوط القاعدة.
وقال حسين فايز (18 عاما)، وهو من المساليت، إنه وشقيقه التوأم حسن كانا يشربان الشاي مع العائلة صباح يوم الجمعة الثالث من نوفمبر تشرين الثاني. وأضاف أن مجموعات من قوات الدعم السريع بالزي الرسمي ورجال الميليشيات على ظهور الخيل والدراجات النارية توقفت أمام منزلهم.
وهرع حسن إلى إخفاء الزي العسكري القديم لوالده الذي خدم في الجيش السوداني مخافة أن يعثر عليه رجال الميليشيات.
لكن السيف سبق العذل. وقال حسين إن رجال الميليشيات أطلقوا النار عليه أمام والدته ثم نهبوا المنزل واستولوا على الأموال والهواتف وغيرها من الأشياء الثمينة.
وسرعان ما أحاطت قريبات حسين به لحمايته من الميليشيات وألبسنه عباءة نسائية. وقال حسين إنه حين خرج بالعباءة، رأى جثثا لشبان كثيرين منهم في مثل عمره ملقاة في الشارع، وبعضها مقيدة الأيدي خلف الظهر وبعضهم أصابه الرصاص في الرأس.
وهرب حسين إلى أدري مع عائلته، وظل مرتديا العباءة النسائية. وصنع أفراد عائلته من الإناث حلقة ضيقة حوله على طول الطريق كنوع من التمويه أمام رجال الميليشيات الذين أوقفوهن عند عدة نقاط تفتيش حتى لا يتم اكتشافه. وأضاف أنه مازال لا يعرف أثرا لوالده.
وقال 30 ناجيا على الأقل لرويترز إنهم رأوا مجموعات من الرجال يتم تجميعهم وإعدامهم خلال الهجوم في أردمتا.
وقال ياسين أحمد (23 عاما)، وهو من المساليت، إنه رأى مقاتلين من قوات الدعم السريع يرتدون الزي الرسمي وأعضاء من الميليشيات العربية يقطعون أكثر من 20 رجلا من المساليت بالفؤوس والمناجل على جسر فوق واد في أردمتا.
وأظهرت ثلاثة مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي فحصتها رويترز عشرات الرجال والفتيان احتجزهم مسلحون على نفس الجسر. وألهب المسلحون بعض المحتجزين بالسياط.
وقال اثنان من الناجين إنهما شهدا عمليات قتل واسعة النطاق في ملعب لكرة القدم.
وقال عبده محمد إبراهيم إنه كان في منزله المطل على الملعب في حوالي منتصف نهار الرابع من نوفمبر تشرين الثاني. ومضى يقول إنه سمع طلقات نارية، ورأى عناصر من قوات الدعم السريع يرتدون الزي العسكري ورجال ميليشيا عربية يقتادون مجموعة من الشبان، يصل عددهم إلى مئات، الى الملعب. وقسموا المحتجزين إلى مجموعات ووزعوهم في زوايا مختلفة من الملعب، قبل أن يطلقوا النار عليهم. وأضاف أن البعض قتلوا وأصيب البعض الآخر.
وقال إبراهيم (12 عاما) إنه يعرف سبعا من الضحايا. وأضاف "في أطفال وصغار بعرفهم بالاسم".
وقال صاحب متجر يعيش أيضا بالقرب من ملعب كرة القدم إنه رأى رجال الميليشيات العربية يجلبون مجموعات يصل عددها إلى 150 رجلا إلى هناك في نفس اليوم. وقال إنه سمع بعض الصراخ "لا تحرقونا" قبل أن تسمع أصوات أعيرة نارية. وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في 17 نوفمبر تشرين الثاني، إن بعض ضحايا هجوم أردمتا أُحرقوا أحياء، دون أن تذكر مكان وقوع عمليات القتل.
ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من عدد الرجال الذين تم نقلهم إلى ملعب كرة القدم.
وقال آدم محمد (38 عاما) إنه هرب من أردمتا في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني. وأثناء فراره، قال إنه أحصى عشرات الجثث المصابة بطلقات نارية بالقرب من السوق الرئيسية في أردمتا وفي بضعة أحياء. وبالقرب من حي المشتل، قال إنه رأى رجال الميليشيات يجلدون مجموعة من الشبان وهم يصرخون "هذا بلدنا، وليس بلدكم".
وقال بعض الناجين إن قوات الدعم السريع وحلفاءها أخذت مئات الأسرى إلى مطار الجنينة، وإلى مراكز احتجاز أيضا.
وقال إبراهيم يوسف، الجندي الذي فر من العيادة الطبية بالقاعدة العسكرية، إنه كان من بين أسرى المطار. فبعد وصوله إلى ما كان يعتقد أنه ملاذ آمن في مخيم النازحين في أردمتا، قال إن قوات الدعم السريع اعتقلته. وتم نقله مع مئات آخرين إلى المطار. وأضاف أنه تم استجواب كثيرين من الأسرى هناك وبعضهم أُعدم.
ومضى يقول إنهم يسألون الأسرى عن التحاقهم بالجيش أو بأي قوة متحالفة مع الجيش. وأضاف "بيعذبوك ويسألوك… شويه يكذبوا وشويه يعترفوا ويدكوهم (يقتلونهم بالرصاص). قدامي قتلوا ناس كتير".
ولم يحدد رقما لمن قتلوا أمامه.
وقال يوسف إنه هرب في النهاية من المطار تحت جنح الليل، وقضى ستة أيام على الطريق قبل أن يصل إلى أدري.
وأضاف أنه ترك كثيرين من الناس يموتون ومضى في طريق الفرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.