بمناسبة عيد الاستقلال، تسابق جنرالا الحرب البرهان وحميدتي نحو تلاوة خطابي معايدة للشعب السوداني. خطاب البرهان كأنما كتبه كوز انقلابي متطرف، مليء بالتهديد والوعيد للمجتمع الدولي، ومليء بخيبة الامل للبلابسة في حسم الحرب، ومليء بالتشاؤم لامال رافضي الحرب وطالبي السلام!! اما خطاب حميدتي فكأنما كتبه احد ثوار ديسمبر، مليء بالحديث عن الدولة المدنية الديمقراطية والجيش المهني البعيد عن السياسة والعدالة والمساواة!! خطاب البرهان رهن جلوسه لتحقيق السلام بشروط مسبقة، بينما أكد حميدتي جلوسه للسلام بدون اي شروط. البرهان لم يتطرق في خطابه الى شكل الدولة بعد الحرب، بينما وصف حميدتي الدولة بعد الحرب بكونها دولة مدنية ديمقراطية. تجاهل البرهان القوى السياسية المدنية، بينما دعا حميدتي القوى السياسية الى الحوار حول مستقبل السودان بعد الحرب. لم يتطرق البرهان الى مصير الدعم السريع اذا وقع معه اتفاق السلام، بينما ذكر حميدتي ان الدعم السريع لا يريد ان يكون بديلا للقوات المسلحة، لكنه دعا الى تكوين جيش قومي مهني جديد. البرهان توعد وهدد جيران السودان الذين يستقبلون قادة التمرد، بينما شكر حميدتي جيران السودان وأبدى تقديرا لجهودهم في احلال السلام واستعدادا لتطبيق مباديء بيان قمة رؤساء الايقاد. البرهان حي الجيش والمشاركين معه في الحرب، وتجاهل كتائب البراء بن مالك الكيزانية التي تشارك مع الجيش في الحرب. خطاب البرهان امتلأ بذكر جرائم الدعم السريع في الجزيرة، اعترف حميدتي بوجود هذه الجرائم ونسبها الى متفلتين لا ينتمون للدعم السريع، وتعهد بالقضاء على المتفلتين كما حدث في دارفور التي اصبحت آمنة الان (حسب قوله). قرءاة: خطاب حميدتي خطاب سياسي بامتياز، خطاب يخاطب العالم اكثر من مخاطبة الداخل، ومع ان الرجل منتصر على الارض الا انه قدم نفسه في صورة من لا يحتفل بالنصر وانما يؤطره لخدمة اجندة الجماهير، وهذا مكر ودهاء سياسي سيكسب به المجتمع الدولي و الإقليمي في ظل انكفاء البرهان على نفسه ومعاداته الغريبة والفجة وغير المسببة للمجتمع الدولي ممثلا في الاممالمتحدة وعمق السودان العربي والافريقي، وهو ما جعل حميدتي محل ترحيب واضح من زعماء الايقاد في الأيام الماضية. هذه التصرفات تؤكد ان البرهان يخسر باستمرار المعركة السياسية الدولية والاقليمية نتيجة لاستماعه لمستشاريه الكيزان، خريجي مدرسة البشير، مدرسة امريكاروسيا قد دنا عذابها. مجمل الخطابين اكدا ان البرهان لا يعلم الى اين يسير بجماعته ولا كيف يسير، وأن حميدتي يعلم الى اين يسير وكيف يسير. تقييم الخطابين يشيران الي انتصار حميدتي الباهر سياسيا على البرهان، لكن على الارض ورغم انتصار حميدتي عسكريا الا انه مهزوم هزيمة نكراء اخلاقيا، فما تفعله قواته في الجزيرة وما فعلته سابقا في الخرطوم ودارفور، ينسف تماما هذه الصورة البراقة للسودان والسياسة في خطابات حميدتي وتجعله مجرد بائع اوهام. واقعيا وبعد سيطرته الميدانية على دارفور ومعظم الخرطوم وكردفان وسيطرته على الجزيرة، أصبح الدعم السريع غير قابل للهزيمة عسكريا من قبل الجيش، لكنه قابل للهزيمة من قبل نفسه، بممارسات جنوده البشعة على الارض ضد المواطنين الابرياء، وهذا ما يوضح صحة مقولة أحدهم ( لن يهزم الدعم السريع الا الدعم السريع). [email protected]