عبدالرحمن محمد فضل يُجمع الكثير من الناس بأن هناك انتشاءًا وابتهاجًا وتفاعلًا مع تلاوات القرآن خصوصا في صلاة التراويح في رمضان ، لا ننكر بل نعترف انها أبكت واقشعرت لها جلود الكثيرين ووجلت لها قلوب آخرين ، ولكن ماذا بعد غلق مصحف التراويح مع انتهاء رمضان ، هل لذلك الإنتشاء والإبتهاج من أثر ملموس في واقع حياتنا في النفس والمجتمع ، وفي الأخلاق والمعاملات؟ قد ركز المرتلون للقرآن الكريم على تجميل الاصوات والتفنن في استخدام المقامات والتنغيم لعلمهم بان هذا سوف يصيب المستمع والمصلين للتراويح بالتأثير ولكنه للاسف هو يقع في دائرة التأثير الحيني على المنصت والمستمع، بل انه يتجاوز المصلين داخل المسجد الي الأشرطة الصوتية والمرئية للتسجيلات الخارجية لكثير من القراء ، وما نسمعه من صراخ المستمعين وتفاعلهم وتأوههم خير دليل على تأثير التنغيم عليهم، ولكن للاسف كل هذا ليس له إمتداد خارج القاعة أو المسجد إذ ينتهي تأثيره بانتهاء التلاوة!!! إن تلاوة التنغيم التي لا يتعدى أثرها الإبتهاج والنشوة الوقتية ، حتما سوف لن نرى لها اثر في مطففين الموازين ولم نراها ساهمت في نشر الصدق علي الناس ودحرت الكذب ولم نراها اوقفت التعاملات الربوية ولم نراها ساهمت في السعي ورغبة الناس في تحكيم شرع الله ومنهجه الحكيم العادل بدلا عن القوانين الوضعية ولم نرها ساهمت في علاج الظلم الإجتماعي ، ولا خففت فقرا عن معوزين ، ولا دفعت كيدا عن مستضعفين ، ولا حررت ارضا من محتلين وغاصبين ان التلاوة المنتجة هي التلاوة الفاعلة للقرآن ، التلاوة التي تؤثر في قارئها ، فتتحول إلى فعل منتج وعمل بناء ودعوة وتغيير ، تحول الآيات إلى منهج حياة لأن المقصود من التلاوة هو الحضور الواعي والفهم الممهد للفاعلية ، والتطبيق الحكيم للتعاليم القرآنية ، ولهذا جاء في الحكمة(لا تخبر الناس كم تحفظ من القرآن ، بل دعهم يرون فيك قرآنا) أطعم جائعا ، اكسو عاريا ، ساعد محتاجا ، إرحم يتيما ، سامح مسيئا فليست العبرة أين وصلت في حفظ القرآن؟ إنما أين وصل القرآن فيك وماذا غير منك ، نعم صحيح انه في إمكان المرء على الأقل في شهر رمضان ، أن يخلع قشور الدنيا لمدة شهر كاملا ، كما تخلع الزواحف جلدها ، إنّها فرصة ليولد جديدا نقيا كما يولد ذلك الهلال ويكبر إيمانه يوماً بعد آخر بمجاهدة نفسه ومغالبة قلبه ، وإصلاح نيّته ما الأمان سوى نعمة الإيمان لأنّك لا تبلغه إلّا مؤمناً مدركا وفاعلا وفاهما ومطبقا الي كلمة الاسلام لا اله الا الله وموقنه بها نفسك ومتجنبا لنواغضها فإن استماعك للقران والتلاوات ليس للطرب وجمال صوت المقرئ انما تحول وتغيير كامل في حياة الإنسان وانخلاع من اي شرك او ظلم لان القران هو منهج ودستور وحكم وحاكمية وميزان للحق وعدل وفيه شفاء للمجتمع من ادرانه وشفاء للصدور والانفس من اسقامها. [email protected]