القرآن الكريم ظل على الدوام رفيق الكثيرين، ممن يبحثون عن السلام والطمأنينة والسكينة والاستقرار النفسي والوجداني بل وربما العقلي أًو الساعين تقربا لله.. بيد أن تلاوة القرآن نفسها ظلت مجال للتنافس الكريم والحميد تجويداً وترتيلاً، فبرزت أصوات المقرئين الذين ما أن تتبادر أصواتهم إلى إذن أي إنسان إلا وأنصت بتركيز واهتمام.. (كوكتيل) حرصت مع اقتراب الشهر الفضيل على استدعاء أبرز المقرئين للقرآن الكريم وما يزالوا عالقين في ذاكرة السودانيين.. خارج الحدود عبد الباسط عبد الصمد اسم يتردد في البيوت السودانية رغم أنه مصري الجنسية، بحكم عذوبة صوته كمقرئ للقرآن.. حب السودانيين لصوت الشيخ الراحل لم يكن يحتاج إلى دليل، ورصدت (كوكتيل) استماع الكثير من السودانيين له عبر هواتفهم الجوالة سواء أثناء اليوم في البيوت أو قبيل النوم وهو ما يحدث كثيراً لانشغال الناس أثناء النهار.. لم يكن المقرئ عبد الباسط حكراً على أذن السودانيين بل نافسه في عشقهم لتلاوة القرأن مسموعاً، إمام الحرم المكي الشيخ السعودي عبدالرحمن السديس، ويبدو أن عشق السودانيين للسديس لم يقف عند حدود صوته العذب وترتيله الخاشع وتلاوته المريحة التي تسهل الحفظ بل لقصته ونشأته حتى أصبح إماما للحرم المكي، حيث حفظ القرآن وهو في الثانية عشرة من عمره فضلاً عن دعوة أمه الشهيرة التي ساهمت في جعله إماماً لثاني القبلتين. وكذلك تبرز أسماء سعد الغامدي وماهر المعيلقي هم أيضاً من أصحاب التلاوات المسموعة عالمياً ومحلياً.. أصوات سودانية أما عن المقرئين السودانيين الذين تركوا أثراً بأصواتهم ووجدت استحساناً كبيراً بحسب الكثيرين ل(كوكتيل) الشيخ المقرئ صديق أحمد حمدون الذي قال عنه البروفيسور الراحل علي المك (وكان للشيخ صديق أحمد حمدون مسارات صوتية تصعد بالجمال القرآني إلى حده الأقصى). كذلك يصنف السودانيون تلاوات الشيخ المقرئ نورين محمد صديق، الذي وافته المنية في حادث سير في نوفمبر العام الماضي، بأنه من أجمل الأصوات واعتبره كثيرون فقداً لأجمل الأصوات في عصر السودان الحالي.. وبحسب متابعين ومهتمين بمجال قراءات القرآن الكريم، فإن نورين تميز في تلاوته عن غيره من الشيوخ بإاستخدامه لرواية (الدوري) فيما يتلو معظم المقرئين برواية (حفص)، وأكد أحد المهتمين أن نورين بتلاوته للقرآن، تبرز النبرة الحزينة ما جعله من أشهر قراء العالم الإسلامي. الأسلوب الإفريقي تلاوة نورين جلبت مزيداً من الاهتمام بالأسلوب الإفريقي التقليدي في التلاوة، وقد اكتسب شيخ نورين تلك الطريقة من خلال وجوده سابقاً في مدرسة تقليدية للقرآن بقريته الفريجاب غرب العاصمة الخرطوم، وطبقاً لسيرته فقد درس القرآن على ألواح من الخشب المعروف باسم (اللوح) حسب الطريقة التقليدية المعروفة.. ولعل مسيرة نورين نفسها في رحاب المساجد هي ما نمذجت أسلوبه وقربته إلى قلوب المستمعين، فعندما حضر إلى الخرطوم كان إماماً لأكثر من مسجد، فاشتهر بترتيله للقرآن بطريقة جذبت إليه الآلاف من المتهجدين في شهر رمضان حتى أصبح يتردد صوت نورين في مركبات المواصلات العامة والسيارات الخاصة وإذاعة القرآن الكريم وكذلك الأسواق والمحلات التجارية حتى أصبح لا يخلو بيت من صوته.. أصوات أخرى البعض يذكر في معرض الحديث عن أصوات تلت القرآن الكريم الشيخ محمد أحمد الزين، ويعتبرونه من أميز الأصوات في تلاوة القرآن وهو يتلو تلاوة وصفها البعض بالخالصة التي تتجلى روعتها عند سماعها وصوته يضخ المعاني في شرايين القلب، فترتوي النفس خشوعاً وإحساساً ينساب مع الكلمات فيصل المعنى قبل التفكير فيه.. وبحسب متابعات(كوكتيل) قدم شيخ الزين للمكتبة القرآنية عدة تسجيلات إذاعية وتلفزيونية، واعتبرته تقارير إعلامية سابقة امتداداً للعديد من الأصوات السودانية التي تزينت بالقرآن الكريم أمثال الشيخ عوض عمر والشيخ صديق أحمد حمدون والشيخ عبد اللطيف العوض.. وتم اعتماد تلاوة شيخ الزين كإحدى التلاوات التي تبث في إذاعة القرآن الكريم بالسودان، كما عين إماماً لمسجد سيدة سنهوري بالعاصمة، كل هذا ولم يتجاوز عمره ال 38 عاماً. قدماء خالدون هذا بالنسبة للشخصيات الحديثة التي ظهرت مؤخراً في جانب تلاوة القرآن في السودان وما تزال صدى أصواتهم تترد في أذن السودانيين، بيد أن ثمة شيوخ ومقرئين سابقين في تلاوة القرآن عرفوا بأصواتهم عبر الإذاعة منهم الشيخ محمود سامي والشيخ عوض عمر ومحمد بابكر، أعقبهم من الأجيال اللاحقة الشيوخ أحمد محمد طاهر والعبيد البرعي والشيخ صالح والفادني وغيرهم.. كثيرون يرون أن هذه الشخصيات وغيرها من الذين يتلون ويرتلون القرآن يجعلون لشهر رمضان مذاقه الخاص في جانب القرآن فهم يجعلون المستمع لتلاوتهم في حالة من انشراح الصدر يمازجها تأثر بالآيات القرآنية ويزداد السامع لتلاوتهم خشوعاً حتى يصل البعض إلى مرحلة تنذرف دموعهم لا إرادياً من جمال ما ينصتون له من آيات ترتل بطريقة تحرك الإحساس وتعبث بالمشاعر وهذا يذكرنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (زينوا القرآن بأصواتكم)..