عام مضى على السودان ، عامٌ جثم عليه ثقل حربٍ طاحنة ، دمرت الأخضر واليابس ، وأزهقت أرواح الآلاف ، وشردت الملايين ، حربٌ لم تُفرق بين صغير وكبير ، بين رجل وامرأة ، بين مدني وعسكري ، حربٌ قسوتها فاقت كلّ وصف تاركةً وراءها ندوبًا عميقةً في جسد الوطن ، وجروحًا غائرةً في قلوب أهلها ، عامٌ من الصراع المرير ، لم ينج منه أحد ، حربٌ أشعلها فتيلُ الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع لتلتهم نارُها كلّ ما في طريقها ، وتُحيلُ السودان إلى مسرحٍ للألم والمعاناة ، في خضمّ هذه المعمعة ، لم يهدأ صوتُ العقل سعى العقلاءُ من كلّ الأطياف لوقفِ نزيفِ الدماء ، وجمعِ شتاتِ الوطن المُمزّق ، فكانت "تقدم" ، تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية ، منارةَ أملٍ وسط الظلام ، ففاجأت "تقدم" الجميعَ بإعلانها عودةَ طرفي الصراع إلى طاولةِ المفاوضات في جدة السعودية، خطوةٌ جسورةٌ نحو السلام ، أشعلت شعلةَ الأملِ في قلوبِ السودانيين المُنهكين، لكنّ جراحَ الحربِ لم تُندملْ بعدُ ، فبينما تُعقدُ جلساتُ الحوارِ في جدة ، تواصلُ جماعاتٌ مسلّحةٌ ممارساتِها القمعية ، وتُمعنُ في انتهاكِ حقوقِ الإنسان ، كما كشفت المجموعةُ السودانيةُ لضحايا الاختفاءِ القسري عن ازديادٍ مُخيفٍ في حالاتِ الاختفاءِ خلالَ عامِ الحرب ، مئاتُ الأشخاصِ اختفوا قسريًا ، دون أيّ ذنبٍ أو سببٍ ، تاركين وراءهم عائلاتٍ تبحثُ عن إجاباتٍ وأملٍ في عودتهم ، ومع كلّ حالةِ اختفاءٍ ، تُنكأُ جراحُ الحربِ وتُعمقُ مشاعرُ اليأسِ والإحباط لكنّ "تقدم" لم تستسلمْ ، وواصلتْ جهودَها لوقفِ هذه الممارساتِ اللاإنسانيةِ ومحاسبةَ الجناة ، عامٌ مرّ ، وما زالَ السودانُ يئنّ من جراحِ الحربِ. لكنْ يبقى شعاعُ الأملِ حاضرًا ، متمثلًا في جهودِ "تقدم" وسعيها الدؤوب لتحقيقِ السلامِ والعدالةِ في هذا البلدِ المُعذّب ، فهل تُثمرُ مفاوضاتُ جدةِ عن سلامٍ حقيقيٍ يُنهي معاناةَ السودانِ ويُعيدُ إليهِ الأمنَ والاستقرار؟ هذا ما يعتمدُ على إرادةِ الفرقاءِ جميعًا، وعلى إيمانِهم بأنّ مصلحةَ الوطنِ فوق كلّ اعتبار ، الخص ، قصةُ السودانِ قصةٌ حزينةٌ ومُؤلمةٌ ، لكنّها في الوقتِ ذاتهِ قصةُ صمودٍ وأملٍ في غدٍ أفضل، فالسودانُ شعبٌ عريقٌ صبّرٌ ، لن يرضى أبدًا بغيرِ السلامِ والعدالةِ.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- اجتاحني شعور غامض بالاختناق بينما كانت المذيعة تُسائلني عن غيابي عن التطرق لموضوع المختفين قسرياً في السودان خلال حديثي عن الحرب المُستعرة منذ عام ، فكانت صرخة في العتمة ، مأساة المختفين قسرياً في السودان، وموجة من الصمت تُخفي جروحاً غائرة سؤالٌ فجّر بركاناً من الأسئلة المُحيرة في داخلي ، كيف لي أن أتحدث عن معاناة لا تُحصى ، وآلامٍ تتخطى حدود الكلمات؟! ، فقد كشفت المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري النقاب عن فاجعة إنسانية مروعة ، حيث وصل عدد المختفين قسرياً خلال عام واحد من الحرب إلى 1140 شخصاً ، قضوا جميعاً في غياهب المجهول ، ضحايا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ، فتوزعت تلك الأرواح المفقودة على معتقلات سرية تابعة لقوات الدعم السريع والجيش السوداني ، منتشرة كالسرطان في مختلف أنحاء البلاد، كما رصدت المجموعة 38 موقعاً للاحتجاز ، شملت منازل ومباني حكومية وحتى معسكرات عسكرية ، باتت شاهدة على جرائم تُخالف كافة القوانين والأعراف الدولية ، ولم تقتصر معاناة المختفين على احتجازهم القسري ، بل طالت عائلاتهم أيضاً ، التي تعيش في حالة من الترقب المُضني ، تبحث عن أيّ بصيص أمل لمعرفة مصير أحبائها ، بعد أن فُقدت هوية العديد من المختفين ، ولم يتم تحديد تاريخ أو مكان اختفائهم ، تاركين وراءهم فراغاً قاتماً في حياة عائلاتهم ، وازدادت مأساة المختفين قسرياً سوءاً مع تفشي ظاهرة طلب الفدية من قبل الجهات المُختطفة مقابل الإفراج عنهم ، فكشف أحد المواطنين عن دفع فدية تقدر ب 4 آلاف دولار للإفراج عن ابن عمه من قبضة قوات الدعم السريع، ليُضاف ذلك إلى سلسلة الانتهاكات التي تُمارس بحقّ هؤلاء الضحايا وعائلاتهم ، وفي خضمّ هذه المعاناة المُستمرة ، تُطلق المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري صرخة مدوية تطالب بالعدالة والكشف عن مصير المختفين ومحاسبة المُتورطين في تلك الجرائم ، لتقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية وإنسانية للتحرك لوقف هذه الانتهاكات المروعة ، ودعم الجهود المبذولة للكشف عن مصير المختفين قسرياً وتحقيق العدالة لهم ، والخص ، إنّ مأساة المختفين قسرياً في السودان هي جرح عميق في جسد الإنسانية ، وجريمة لا يمكن السكوت عنها ، وحكاياتٌ تنتظر أن تُروى ، وآلامٌ تنتظر أن تُشفي ، وصرخاتٌ تنتظر أن تُسمع ، فلنكن جميعاً صوتاً واحداً ينادي بالعدالة والكرامة الإنسانية ، ولنُضيء شعلة الأمل في عتمة تلك المعاناة.. #اوقفوا – الحرب #Stop-The-War وعلى قول جدتي:- "دقي يا مزيكا !!". خروج:- جدل في مصر حول تدريس مواضيع المثلية في المدارس الألمانية (قصة صراع بين الأعراف والقيم العالمية !!؟؟)، ففي ظلّ مجتمع محافظ كالمجتمع المصري ، أثار تدريس مواد تتعلق بالعلاقات المثلية والمتحولين جنسياً للصف السادس الابتدائي في إحدى المدارس الألمانية الخاصة عاصفة من الجدل ، لتتصادم هذه القضية مع الأعراف والتقاليد المجتمعية الراسخة ، وتطرح تساؤلات حول حدود حرية التعبير وحقوق الأقليات في ظلّ المنظومة التعليمية ، حيث بدأت الأزمة بتقديم شكاوى من قبل أولياء الأمور للنائب العام ، مفادها أنّ المدرسة الألمانية في التجمع الخامس تقوم بتدريس مواد تُروّج للتسامح مع المثليين ، سرعان ما وصل صداها إلى أروقة البرلمان ، ليُطالب نوابٌ وزير التعليم رضا حجازي بفتح تحقيق حول الأمر ، وأمام هذا الضغط الشعبي ، شكّل وزير التعليم لجنةً للتحقيق في المواد الدراسية المتنازع عليها ، إلا أنّ الخبيرة التربوية نادرة عبادة تُشير إلى أنّ صلاحيات هذه اللجنة محدودة وأنّ القرار الوزاري المنظم لعمل المدارس الألمانية في مصر يُعطي الجانب الألماني وحده سلطة إقرار المناهج الدراسية ، ممّا يُقيّد دور وزارة التعليم في الرقابة على محتوى هذه المناهج ، وتُضيف عبادة أنّ المادة الرابعة من القرار الوزاري تُتيح للجنة المصرية إبداء ملاحظاتها على المناهج ، لكن دون تحديد آلية إلزامية لتنفيذ هذه الملاحظات ، وتُشير إلى أنّ فرض 3 مواد أساسية (اللغة العربية ، الدين ، والهوية القومية) على المدارس الدولية لم يعد كافياً لمواكبة التطورات العصرية ، وتُسلّط الضوء على تحديات أخرى تواجه وزارة التعليم ، كضعف الميزانية وقلة الكوادر البشرية ، ممّا يُعيق عملية الرقابة الفعّالة على المدارس الخاصة والدولية ، ويرفض الباحث كريم عمادالدين ربط هذه القضية بمفهوم "الحريات" بقدر ما هي مرتبطة بالصحة الثقافية والمجتمعية ، ويُؤكّد على أهمية تعرّف الأطفال على تنوّع المجتمعات ، مع مراعاة الاختلافات الثقافية والدينية ، خاصة في ظلّ مجتمعٍ محافظٍ كالمجتمع المصري ، اتبقى هذه القضية معلّقةً بين سندان القيم والمبادئ العالمية ومطرقة الأعراف والتقاليد المحلية ، وتُمثّل فرصةً لإعادة النظر في المنظومة التعليمية ، بما يتماشى مع التطورات العصرية مع احترام خصوصية المجتمع وثقافته ، ففي قلب القاهرة ، حيث تتعانق الحضارة العريقة مع نسائم الحداثة ، اشتعلت نيران جدل حاد حول تدريس مواضيع المثلية الجنسية في المدارس الألمانية ، فجأة ، وجدت مصر نفسها أمام معضلة ثقافية واجتماعية ، تُجسّد صراعًا بين الأعراف المُترسخة والقيم العالمية المُتجدّدة ، حيث بدأت القصة بمدرس ألماني شغوف بتعليم طلابه التسامح والاحترام للجميع ، دون تمييز، وفي أحد دروسه ، تناول موضوع التنوع الأسري ، مُعرّفًا الطلاب بأنواع العائلات المختلفة ، بما في ذلك تلك التي يقودها مثليون ، وفجأة ، انفجرت عاصفة من الغضب والاستياء بين بعض أولياء الأمور المصريين، واعتبروا ذلك مُخالفًا للقيم والأعراف المُجتمعية ، وتعدّيًا على ثقافة بلدهم ، فانقسم الرأي العام المصري حول هذه القضية، فمن ناحية، دافع البعض عن حرية المعتقد والتعبير ، مؤكدين على حقّ الطلاب في التعرف على مختلف جوانب الحياة ، بما في ذلك التوجهات الجنسية المُتنوّعة ، ورأوا في ذلك فرصة لتعزيز ثقافة التسامح والقبول بين الأجيال القادمة ، ومن ناحية أخرى ، تمسك آخرون بالقيم الدينية والأعراف المُجتمعية الراسخة، مُعتبرين أن تدريس مثل هذه المواضيع مُخالفًا للأخلاق والقيم ، وعبّروا عن قلقهم من تأثير ذلك على سلوكيات وأفكار أطفالهم ، خوفًا من "تشجيع" الميول المثلية لديهم ، فأمام هذا الجدل المُحتدم ، سعت جهات رسمية ودبلوماسية إلى احتواء الأزمة وإيجاد حلول مُرضية للجميع ، دعت وزارة التربية والتعليم المصرية إلى الحوار والمُناقشة البناءة بين مختلف الأطراف ، مُؤكدة على ضرورة احترام خصوصية كل مجتمع وثقافته ، وفي الوقت نفسه ، أكدّت السفارة الألمانية على التزامها بنشر القيم العالمية مثل التسامح والاحترام ، مع مراعاة خصوصية المجتمع المصري ، وأعلنت عن استعدادها للحوار مع أولياء الأمور والمجتمع المصري بشكل عام ، لشرح وجهة نظرها والوصول إلى تفاهم مُشترك ، ولا تزال قضية تدريس مواضيع المثلية في المدارس الألمانية بمصر قيد النقاش والمُباحثات ، إنها رحلة بحث عن التوازن بين حرية التعبير واحترام العادات ، بين القيم العالمية والخصوصية الثقافية ، وتُمثل هذه القضية اختبارًا حقيقيًا لقدرة مصر على التعامل مع التنوع الثقافي في إطار مجتمعها المُحافظ ، فهل ستتمكن من إيجاد حلول تُرضي جميع الأطراف ، أم ستظلّ هذه القضية شوكة في خاصرة العلاقات بين مصر وألمانيا؟؟ ولن أزيد،، والسلام ختام. [email protected]