في الحلقة الثالثة اتفقنا و(بهدوء وبدون زعل) علي 15 نقطة. ثم طرحت تساؤلات عن ما يطلق عليها (حرب عبثية) ، هل لها أطراف متعددة أم طرفين فقط : جنرالين؟ أم جيش ودعم سريع؟. هناك من يقول أن من أطلق الرصاصة الأولي هم (الكيزان) بسوبا أو المدينة الرياضية علي الدعم السريع حتي يوحي بالاعتقاد بأن (الجيش أو كيزان الجيش والفلول) قد غدروا به ، أي 3 اطراف. بالبلدي نقول خليكم من رأيي أنا ، انتم ما هو رأيكم؟!! حرب مثل هذه لا يعد لها في يوم وليلة. والمثل يقول أبوالقدح يعرف اين وكيف يعض أخيه!!! فالجيش يعرف كل كبيرة وصغيرة عن الدعم السريع والعكس صحيح. وكلاهما يعرف نقاط قوة ونقاط ضعف الطرف الأخر. كما بالتأكيد يعرفون امكانيات تحمل كل طرف ماديا ولوجستيا ، وكم من الزمن يمكن أن يتحمل ما نراه بأعيننا الآن. لكل منهما عيون داخل الجسم/ الطرف الأخر. هل كان في حسبان أي منهما استمرار الحرب لأكثر من ساعات أو أيام ان نشبت حرب بينهما؟ من أين لهما كل هذه الامكانيات المهولة (باهظة الثمن) التي دمرت كل منهما ، ودمرت الوطن والمواطن ماديا ونفسيا؟ ما صرف علي هذه الحرب يفوق ديون السودان ، وما دمرتم وما نهب يفوق 500 مليار دولار . ما هي مصلحة أي منهما في تدمير الوطن والمواطن وما صرف علي كل منهما بما يقدر ب80% من ميوانيات الدولة سنويا؟ هل الجيش والدعم من مؤسسات الدولة الهامة جدا والتي من المفترض أن تحمي الوطن والمواطن حدودا ودستورا؟ أم أن هنالك (خيانة) من قادة الطرفين ؟ ولمصلحة من؟ هل يطمع الدعم السريع في أن يحل محل لجيش؟ هل كان كل منسوبي الجيش على قناعة بضرورة وجود الدعم السريع؟ ماذا عن الفصائل المسلحة الأخري؟ هل لها نفس الحق ونفس طريقة التفكير؟ هل يمكن لدولة أن تبقي بدون جيش قوي يحميها ويرعب أعدائها؟ ما يقال عن أنها حرب عبثية ، أنا اعتقد جازما ، ولا يساورني شك ، أنه قد بدأ (الاعداد الجدي) لها قبل انفصال الجنوب ، وبذات المخالب التي تأمرت علي الشعبين وعرست فيهما ضرورة الانفصال، وباعتراف رئيس الموساد الاسرائيلي علنا. لكن الاطماع في السودان لم تبدأ الان ، بل بدأت منذ الحرب العالمية الثانية وحرب 1948م في فلسطين. أما عن (البعد التاريخي للاطماع في السودان) فقد بدأ منذ عهد تحتمس حتي وصلنا الي عهد محمد علي باشا وحكم الاتراك والحكم الثنائي. نحن للاسف كشعب لا نملك (ثقافة التحليل) ، وناخذ الأمور ببساطة نحسد عليها. أي شعب مكاننا في هذه الأرض بما فيها وبها (السودان) من المفترض أن يكون حريصا جدا ودقيقا في التعامل مع مجريات ما يدور بالداخل والخارج. كان من المفترض أن تكون أجهزة أمننا الداخلية والخارجية علي أعلي مستويات العلم والتكنولوجيا لتحليل المعلومات وتوفيرها لكل الجهات ذات الصلة من سياسيين ومخططين واستراتيجيين وشرطة وجيش وتعليم عام وعالي. منذ الاف السنين ونحن نعاني من المؤامرات والتأمر الداخلي والخارجي، والاطماع من الذين حولنا ومن الذين يبعدون عنا بالاف الاميال. تاركين كل أمورنا علي الاتكال علي الله والتوكل ، مع علمنا باننا قد أمرنا بأن نسعي ، وأن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم. مليون ميل مربع في السابق ولم يكن بها أكثر من 35 مليون شخص ينتمون الي 570 قبيلة ويتحدثون أكثر من 350 لغة/ لهجة ، تصارعوا في القرن الماضي علي وجه التحديد واقتتلوا في عشريناته وانخفض عدد السكان من ما يقارب العشرين مليونا الي ثلاثة ملايين فقط بسبب القتل والحروب والغارات. أرجعوا الي مراجع السودان عبر القرون للدكتور مكي شبيكة ، والسيف والنار لسلاطين باشا ، وتاريخ الممالك السودانية ، وكتاب تاريخ السودان للدكتور القدال. شيء مؤسف. لا توجد صفحة والا وقد تجد بها من قتل من ومن أجل ماذا. الغريب في الأمر أنه قبل دخول القبائل العربية الي السودان (13 قبيلة كما ذكرها ب/ عبدالله الطيب) لم يكن هنالك ذكر لحروب الا مع دول الجوار أو الممالك المجاورة ، خاصة في الشمال، واحيانا مع اثيوبيا. لكن لم يكن هنالك نهب أو غزو أو غارات بين السكان من أسوان حتي سوبا (الممالك النوبية)، وهنالك من يقول أربجي بالجزيرة الحالية (ممالك المقرة ومروي وعلوة). نعود الي موضوعنا الرئيسي وهو من كان وراء هذه الحرب المدمرة؟ كما ذكرنا من قبل فان هنالك جهات/ أطراف داخلية وأخري خارجية مشاركة في هذه الحرب ولكل منها اسلوبه وأهدافه. الاتهامات موجهة داخليا الي الكيزان (الفلول) والجيش المتهم بالكوزنة ، والدعم السريع ، والحرية والتغيير المركزي ، والحرية والتغيير المنسلخة عن الجسم الرئيسي (أغلبها من ممثلي الفصائل المسلحة/ اتفاقية جوبا) ، والحزب الشيوعي ، وتقدم وعلي رأسها حمدوك. من ناحبة المبدأ فانا شخصيا ارفض مبدأ (تخوين) الأخرين. أري أن كل جهة في الأصل تعمل ، من وجهة نظرها ، لمصلحة الوطن ، وتختلف مع الأخرين في (الاسلوب والاجراءات). لا أحبذ فكرة تخوين الجيش وقياداته التي بمجلس السيادة (البرهان ، الكباشي ، يلسر العطا ، ابراهيم جابر) ، أو قادة الأركان أو بقية القادة. أرفض تخوين الحرية والتغيير ، وأرفض بشدة تخوين د/ حمدوك وتقدم. هنالك من يقول بأن الحزب الشيوعي هو الوجه الأخر للكيزان! وأخرين يتهمون الكيزان (المؤتمر الوطني) بأنهم لا يؤمنون بالأوطان ، وأن الوطن هو أمة الاسلام والعودة الي الخلافة الاسلامية! وأنهم لابد من أن يعودوا الي الحكم مهما كان الأسلوب أو النتائج. غيرهم يتهم الموقعين علي اتفاقية جوبا بأنهم ينتمون الي دارفور فقط (اكثر من 11 فصيل) وهمهم المناصب ، وهذا اعتبره استخفافا بالاخرين. أما بالنسبة للحرية والتغيير فيتهمونها بالعمالة والتفريط في مكتسبات الثورة.!!!! أما حمدوك فيتهمونه بالعمالة وغياب الفهم السياسي!! سؤالي المشروع هو: نادينا قبل وأثناء الثورة بسقوط الانقاذ (تسقط بس). هل سقطت بالفعل؟ أرجو أن نكون صادقين في الاجابة. هل أعددنا لما بعد السقوط؟ أم كان هدفنا أن نسقطها فقط؟!!!! سنرد علي كل ما جاء أعلاه وبمنطق تحليلي لما قبل الانقاذ ، ثم المفاصلة ، التمكين ، خلي الطابق مستور، حرب دار فور ، حميدتي حمايتي ، مقتل جون قرنق ، تجمع المهنيين ، قحت ، الاعتصام ، صلاح قوش ، فك الاعتصام ، انقلاب 25 اكتوبر حتي قيم الحرب الحالية، منها نتجه لمناقشة دور الاطراف الخارجية في الحلقات القادمات. اللهم نسألك اللطف بنا (أمين).