نريد أن نقول ونسرف في القول ، ونطلب ونلح في الطلب ، من السادة أقطاب الفضل الذين لا يداخلنا منهم ريب ، أو يخامرنا تجاههم شك في مدى حنوهم وشفقتهم ، أن تولي تلك الطائفة التي يعتقل لسانها من الخجل ، ويقطعها الحياء عن الكلام ، النزر القليل من الاهتمام ، فكل شيء في حياتهم يستغرق كل شيء ، ويستأثر بكل شيء ، فالمشقة التي سلطت عليهم من كل ناحية ، وأخذت عليهم كل سبيل ، تفد عليهم كل يوم لتعبث بهم عبثاً لا حد له ، وتعمق في حناياهم المكلومة مشاعر الضجر والقنوط من ليل يمر في وحشة ، ونهار يكر في حسرة. إن الأمر الذي أدعى إلى العجب ، والأبلغ في الغرابة ، رؤية هذه المشاهد في مركباتنا العامة التي تضرم النفس ، وتصلي الضلوع ، وتستوقد الصدر ، فذاك المحصل أو «الكمساري» الذي لا يندى له جبين ، ولا تغض طرفه المخازي ، لا يتكلف الحيل والأعذار في أخذ الأجرة كاملة غير منقوصة من فئات لا خروج فيها على نظام ، ولا مخالفة فيها لقانون ، إذا انتُهكت كرامتهم ، وأهدرت حقوقهم في رابعة النهار ، فحكومتنا المشبل التي تصطنع الأناة في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة ، لا تحرص على تعميق الصلات بينها وبين من عصفت بهم أنواء الحياة الحديثة التي لا تأبه لعاداتنا الموروثة ، وتقاليدنا المغروسة ، التي أخشى أن يكون قد انقضى عهدها ، وعفت آثارها ، نعم لم تصر هذه الحكومة التي تقيم في كل يوم أدلة قاطعة جازمة على عجزها البين في مراقبة ما تصدره من قرارات ، وما تسنه من تشريعات ، على أن تزيح عن هذه المهج المترعة بالأسى والحزن أعباء أمل سامٍ عريض ، فهذه الناجمة التي واهم من ظنّ أن أياديها خالية مما ينفع الناس ، ويعمر الكون ، ويجلب الخير لهذا البلد الذي أتمنى أن يؤخذ فيه الناس بالحسنى ، وتنجلي عن كواهلهم اللاغبة غمرة الوصب والعناء ، تريد هذه الثلة بلا شك أن تعيش وادعة مطمئنة وأن تخلو حياتها من مظاهر الذلة والانكسار ، فالألم المضني الذي تعجز أيديهم عن دفعه أو تغييره ، لا يمنعهم أن يخصبوا أرض الوطن بالنماء وليس في زعمي هذا شبهة من مبالغة أو إغراق ، كل ما يجب علينا فعله أن نهرع إليهم ، ونستمع منهم ، ونمهد لهم أن يشقوا طريق العلا والمجد بلا ريث أو إبطاء ، لا أن نثبط هممهم الماضية ، وعزائمهم الهادرة ، على حكومتنا ألا تسرف في خداعنا وتضليلنا ، فقد سئمنا من تلك الأهزوجة التي تشنف بها مسامعنا غداة كل يوم ، ورواح كل أمسية ، نريد من سادتنا أن يجتثوا سياسة الأحاديث الجوفاء من أصلها ، فهي تردد دائماً أنها لا تدخر وسعاً في مد يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة ، رغم أننا لم نرَ بعد دواوين الحكومة ومرافقها قد اكتظت بجموع المعوقين، لم نبصر أيها الأكارم دهاليز الجامعات قد امتلأت بحشود المكفوفين ، كيف لنا أن نسير في طريق الرقي والتطور ونحن نضفي على هذه الشرائح مظاهر الإهمال والإغضاء ، هذه الجماعات التي يجب أن نعزها ونخصها بالنعمة والاحتفاء ، أسبغنا عليها ثوب الكدر ضافياً فضفاضاً ، حينما جال في خاطرنا أن الشعب برمته يمكنه أن يرتاد قاعات الدرس ودورات المياه. [email protected]