عملية انتقالية دون آفاق واضحة لا تشجع المستثمرين واعمال عنف تثني السياح من التوجه الى مصر، يفاقم المشهد السياسي في مصر الاوضاع الاقتصادية المتردية بعد ثمانية اشهر على سقوط نظام حسني مبارك. ويقول الخبراء ان الاضرابات المتكررة في الاسابيع الماضية من الاساتذة الى سائقي الباصات والمراقبين الجويين تنعكس ايضاً سلباً في هذه الاجواء. وقالت منى منصور المحللة المالية لدى "كومرشال انترناشونال بنك" ان "هناك خطراً سياسياً متنامياً جراء الاضرابات والخلافات الاجتماعية وغياب خطة حكومية لمواجهة الاستياء الاجتماعي على خلفية ارتفاع العجز في الموازنة". واعلنت وكالة التصنيف المالي ستاندرد اند بورز الثلاثاء انها خفضت تصنيف مصر وايضا آفاقها المستقبلية بسبب تدهور وضع المالية العامة، معتبرة ان عملية الانتقال السياسي زادت المخاطر الاقتصادية. وتم تخفيض ديون البلاد الطويلة الامد بالعملة الصعبة الى درجة "بي.بي -" مقابل "بي.بي" سابقاً واعتبرت الآفاق "سلبية" لان "هناك احتمالا لاجراء خفض اخر اذا لم تمر مرحلة الانتقال السياسي الى مجتمع اكثر تعددية بالهدوء المتوقع" وفقا لبيان الوكالة. وهكذا بقي تصنيف البلاد في فئة التكهنات. واوضحت الوكالة ان "الخفض يعكس رأينا في ان المخاطر على الاستقرار الاقتصادي الكلي زادت خلال الفترة الانتقالية" التي يتوقع ان تستمر ايضاً لعامين. واضافت "لا نتوقع ان تنجح اي حكومة تأتي في خفض العجز في الميزانية". واكدت ان العجز الحكومي ارتفع في المتوسط الى 8% من اجمالي الناتج الداخلي خلال السنوات الخمس الماضية و"نتوقع ان يبقى كذلك في المستقبل المنظور". واضافة الى مخاطر الميزانية هذه تشمل مخاوف ستاندرد اند بورز "استقرار الاسعار والضغط على ميزان المدفوعات". وقالت منصور ان هذا التشاؤم "لا يشكل مفاجأة". واضافت "منذ اندلاع الثورة كان هناك سلسلة تخفيضات لتصنيف مصر من قبل وكالات التصنيف المالي الدولية بسبب العوامل السلبية التي تؤثر على الاستقرار والوضع المالي في البلاد". وسيكون تراجع ثلث احتياطي العملات الاجنبية في البلاد من 36 مليار دولار في نهاية 2010 الى 24 مليارا في ايلول/سبتمبر مصدر قلق. اما العجز في الموازنة فستكون نسبته 9.5% من اجمالي الناتج الداخلي لعامي 2010-2011 في مقابل 8.1% قبل عام. ومعدلات النمو من 5 الى 7% في السنوات الماضية، فهي لن تسجل مجدداً. وتراهن التوقعات الرسمية على 3 الى 3.5% لعامي 2010-2011 وهو هدف يعتبره خبراء متفائلاً ويقدرون النسبة باقل من 2%. اما قطاع السياحة الذي كان يشهد نمواً فسيسجل خسارة في 2011 تقدر بثلاثة مليارات دولار في حين تراجع مؤشر بورصة القاهرة ب40% منذ كانون الثاني/يناير. وتستعد مصر اعتباراً من 28 تشرين الثاني/نوفمبر لتنظيم اول انتخابات تشريعية بعد تنحي مبارك في اجواء تشير الى تراجع القوى العلمانية وتصاعد الاسلاميين واحتمال عودة شخصيات من النظام السابق الى السلطة. ووعد الجيش المصري الذي يتولى زمام الحكم في البلاد بنقل السلطة الى المدنيين بعد الانتخابات الرئاسية التي لم يحدد موعدها بعد. والحكومة التي شكلها المجلس العسكري لتسيير شؤون البلاد تبدو ضعيفة وعاجزة عن اجراء الاصلاحات اللازمة.وقدم وزير المال حازم الببلاوي استقالته التي رفضها الجيش مطلع تشرين الاول/اكتوبر، للتنديد بقتل اقباط خلال تظاهرة سلمية. وخلال هذه الاحداث التي اساءت الى صورة مصر في الخارج وساهمت في تأجيج التوتر الداخلي، قتل 25 شخصاً بينهم ما لا يقل عن 17 متظاهراً. وقال عبد الفتاح الجبالي الخبير الاقتصادي في مركز الاهرام للدراسات "هذه الاحداث زادت التوتر اقتصادياً وسياسياً" في حين سينعكس تصنيف ستاندرد اند بورز "سلباً على الامد القصير".