مزمل أبو القاسم: الحاقربك في الضلام يحدرلك!!    رئيس مجلس السيادة يهنئ الرئيس الروسي بالعيد الوطني لبلاده    شركة كهرباء السودان القابضة: اعطال لتعرض محطة مارنجان التحويلية لحريق    الأحمر يواصل صفقاته الداوية و يتعاقد مع الجناح الغامبي    مجلس الأمن يطالب مليشيا الدعم السريع بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    مدرب ليفربول الجديد يرسم خطة "إبعاد" صلاح عن الفريق    فيروس غريب يضرب نجوم منتخب فرنسا عشية انطلاق كأس أمم أوروبا    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    بالصورة.. المريخ يواصل تدعيم صفوفه بالصفقات الأجنبية ويتعاقد مع الظهير الأيسر العاجي    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهرت وهي تبادل عريسها شرب الحليب بطريقة رومانسية.. مطربة سودانية تكمل مراسم زواجها وسط سخرية جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها وتتغزل فيه خلال حفل بالقاهرة (قلت للحب حبابو.. سألت انت منو قال لي أنا جنابو) وساخرون: (ختر خير جنابو الخلاك تلبسي طرحة)    المريخ يبرم صفقة نيجيرية ورئيس النادي يفتح باب الحوار أمام الصفوة    ردًا على العقوبات الأمريكية.. بورصة موسكو توقف التداول بالدولار واليورو    حوار صريح مع الصادق الرزيقي وآخرين من عقلاء الرزيقات    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    ((هولاء رجالي فجئني بمثلهم ياجرير))    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    البرهان يهنئ صقور الجديان    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم العودة إلى الوعي
نشر في الراكوبة يوم 26 - 10 - 2011

الكثير من المواطنين، لديهم قناعة تامة، بأن الإسلاميين لا يعرضون فكرة، ومهما كانت درجة أهميتها وفائدتها للمواطنين جميعا، إلا ومن ورائها فائدة خاصة بالإسلاميين وحدهم.
- لم يتفاجأ الجميع عندما طرح الاستاذ ابراهيم أحمد عمر تساؤلات جريئة حول أداء وانجازات حزبهم وحكومتهم، طيلة عمرها الممتد لأكثر من عقدين من الزمان،
د.سعاد ابراهيم عيسي
لعله بمقتل معمر القذافي، قد اكتملت خيارات الحكام العرب، ممن يفتقرون إلى رشد الحكم، من حرية وديمقراطية واحترام كامل لحقوق الإنسان، فمثل هؤلاء الحكام، إما أن يخضعوا لرغبة شعوبهم في التغيير الشامل لأنماط حكمهم القديمة، أو إن أصروا على حالهم القديم، فتنتقل رغبة شعوبهم إلى المطالبة بسقوط حكوماتهم. وبالوصول إلى هذه المرحلة، لن يجد أولئك الحكام مخرجاً من مأزقهم الذى صنعوه بأيديهم، غير أن يسارعوا بالهرب من بلادهم بحثاً عن ملجأ يأويهم، أو أن يستمروا في مقاومة شعوبهم أملاً في الانتصار عليها، رغم استحالته، فينتهي بهم?الأمر إلى الزج في السجون لأجل محاكمتهم، ومتى تطاول أمد المقاومة، فإن احتمالات القضاء عليهم قصداً أو بغير ذلك، يصبح وارداً، وحينها ستتم محاكمتهم بيد مليك مقتدر،
فمن بركات الثورات العربية، وما قدمت من دروس وعبر، أن لعبت دوراً رئيساً في التغيير المفاجئ في اتجاهات الرأي، وفى أساليب الحكم، لدى الكثير من الدول العربية التي مازالت تنتظر نصيبها من تلك الثورات. وحكومة السودان لن تختلف عن غيرها في ضرورة الاستجابة لرغبات الشعوب، ولا يوجد ما يبرر أن تصبح استثناءً كما يدعى البعض، ومن ثم فلعل القوم قد فطنوا لهذه الحقيقة، فتغير خطاب بعضهم لغة ومعنى، فبعد الإمعان في إخفاء الحقائق وإنكار أي خطأ يتصل بإخفاقات حكمهم، أصبحت تلك القيادات، تعلن اليوم، ومن تلقاء نفسها، عن كل ما أنكرته ?نفته بالأمس، بل وعن كل ما كان محرماً طرقه سابقا؟
الأستاذ إبراهيم أحمد عمر وهو من القيادات القائدة بالمؤتمر الوطني، عرف بشجاعته في قولة الحق، فلم يفاجأ الجميع عندما طرح تساؤلات جريئة حول أداء وانجازات حزبهم وحكومتهم، طيلة عمرها الممتد لأكثر من عقدين من الزمان، فقد تساءل سيادته عن إن كانوا قد أفلحوا في قيادة البلاد والنهوض بها طبعاً، أم أنهم فشلوا في ذلك؟ مختصراً تلك التساؤلات في سؤال واحدة هو «هل قادوها أم جاطوها؟»، ولعل الرد على هذا السؤال، وفى هذا الظرف الحرج الذى تمر به البلاد، من فقدانها لثلث مساحتها، وللكثير من ثروتها التي أدت إلى الانهيار الاقتصاد? الذى قاد بدوره إلى الضائقة المعيشية التي لم يسبق لها مثيل، ثم التردي الاجتماعي والعجز السياسي الذى يزيد من إحباط المواطن، قد لا يحتاج إلى كثير عناء، فقد «جاطوها» بما لا يسمح بإعادتها إلى حالتها القديمة بأى مقدار من اختلالها. لقد كانت تلك الأسئلة، التي لم نسمع بإجابة عليها ممن قدمت لهم، هي الأولى من نوعها، وقد لا تثمر نفعاً إن لم تتعجل حكومة المؤتمر الوطني بالسعي الجاد لإصلاح كل ما «جاطته» خلال سني حكمها، وفى مقدمته الإصرار على الانفراد بالسلطة والثروة والرأي.
أظنكم لاحظتم أنه ما من مرة تطرق الحديث إلى الفساد حتى وانبرى المسؤولون بنفيه وتبرئة كوادرهم من أية من شبهاته، حتى وصل الأمر إلى أن أعلن السيد الرئيس بألا ضرورة لإنشاء مفوضية للفساد التي أعلن عن ضرورة تكوينها سيادته في وقت سابق. واليوم تعلن الصحف أن هنالك كيانا يتم تكوينه بالبرلمان من أجل محاربة ذات الفساد، وضبط المال العام، الأمر الذى يعنى الاعتراف الصريح بوجود فساد يستوجب إعلان الحرب عليه. هذا بالإضافة إلى ما أعلنه السيد وزير المالية من فساد بعض المسؤولين الكبار، الذين ساهموا في انهيار اقتصاد البلاد عن طر?ق الحصول على العملات الحرة لأجل العلاج بالخارج ظاهريا، ولأجل «فتلها» بالأسواق الموازية لمصالحهم حقيقة، ومن ثم فإن كل تلك الحقائق عن وجود الفساد تنفى ما ظل يعلنه السيد رئيس ذات البرلمان من تبرئة لكوادرهم من أي فساد، بسبب تدينهم.
السيد فتح الرحمن شيلا، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، أعلن أنهم بصدد وضع قانون للصحافة والمطبوعات، يلبي طموحات العاملين بالمهن الإعلامية، ومن قبل أعلن رأيه عن الرقابة القبلية التي ظلت تمارسها الأجهزة الأمنية على الصحف، ووصفها بالتخلف في ظل التكنولوجيا الحديثة، التي لا تسمح بحجب الرأي، بعد أن أصبح لعرضه أكثر من وسيلة. خاصة الشبكة العنكبوتية التي تقوم بالعرض على مستوى العالم. فالسيد شيلا الذى «كان شايلها تقيلة» في بداية عهده مع المؤتمر الوطني الذى التحق به من حزبه الاتحادي الديمقراطي الأصل، لم يكتف با?إعلان عن إصدار قانون متقدم ومتفهم لضرورات العصر، يكفل حرية الصحافة تماما، بل طالب اللجان الأخرى بالبرلمان لكي تحذو حذوه في تعديل كل القوانين التي تليها، لإزالة التعارض فيها. وهى ذات الدعوة التي ظلت تكررها أحزاب المعارضة مطالبة بتعديل كل القوانين التي لا تتسق مع الدستور وتتنافى مع تلبية حقوق الإنسان، ولم يستجب لها.
أما السيد مندور المهدي فقد فاجأ الكثيرين بهجومه على الخدمة المدنية والوظيفة العامة، التي أشار إلى أنها وسيلة تقود إلى الفقر، بل حرض الشباب على التمرد عليها، والانفتاح على القطاع الخاص. ولعل السيد مندور بهذه الدعوة يريد أن يغطى على فشل حكومته في معالجة مشكلة العطالة، التي أصبحت تراكمية تزداد حدتها سنوياً، بسبب ما تلقيه مؤسسات التعليم العالي من مخرجات دون أن يقابلها من الجانب الآخر فرص عمل لاستيعابها في أي من القطاعين العام والخاص. وسيادته يعترف بفشلهم في إدارة الدولة السودانية، ورسم علاقة واضحة بين الدولة و?لمجتمع. وهو تأييد للقول بأنهم «جاطوها». وجزى الله أستاذ إبراهيم أحمد عمر خير الجزاء أن جعل بقية أعضاء المؤتمر الوطني يتحدثون عن إخفاقاتهم في إدارة الحكم ولعقدين من الزمان. فالسيد مندور يأسف لأنهم وعلى امتداد ذلك الزمن المديد، انتهى بهم الأمر إلى دولة تقود المجتمع وليست العكس. وبالطبع لن يستطيع مجتمع قيادة دولته إلا في ظل الديمقراطية وكامل الحرية التي تتيح له مثل ذلك الفعل.
والخدمة المدنية التي قام بنعيها السيد مندور اليوم، كانت أفضل خدمة مدنية عرفتها إفريقيا وربما العالم العربي أجمع، عندما تسلمتها حكومتهم، فقضت عليها بتخطيط ومع سبق الإصرار، من أجل تمكين قبضتهم على دفة الحكم. فكانت المذبحة التي تمت باسم الإحالة للصالح العام، فأفقدت الخدمة المدنية خيرة كوادرها، ومن ثم قادت إلى كبوتها التي أقعدت بها حتى اليوم. فالدعوة كي يتوجه الشباب نحو القطاع الخاص بدلا من العمل بمؤسسات الدولة، لن تعالج أمراض الحكم المختلفة، التي تسبب فيها اختلال وعجز الخدمة المدنية، فالتدهور بل والفشل الذى ي?يق بالكثير من مشروعات الدولة التنموية، يرجع سببه إلى تدهور وعجز الخدمة المدنية. عليه يصبح المطلوب حالياً، البحث عن الطرق والوسائل التي تمكن الخدمة المدنية من استعادة بعض من عافيتها القديمة، وهو أمر لن يتأتى إلا إذا تم تخليصها من أصحاب الولاء بلا كفاءة، ومن بعد الرجوع بها إلى قوميتها السابقة.
الأستاذ مصطفى إدريس، المدير السابق لجامعة الخرطوم الذي تم إعفاؤه من منصبه بسبب نطقه بقول الحق في حق النظام الحاكم. والأستاذ مصطفى اسلامى بالميلاد، لا يمكن أن يتطرق الشك إلى ما يعرض من آراء، أو يقدم من نصح، من أجل إصلاح الحكم بما يضمن استدامته مع رشده. ويبدو أن سيادته قد يئس من إمكانية إصلاح الوضع الراهن، فرأى أن يشرع في تأسيس كيان جديد يمكن أن يضطلع بمهام الحكم الراشد مستقبلا. وقد افلح تماما في أن جعل ذلك الكيان قائما على أهم دعائم الحكم الراشد التي تمثلها ثلاثية الحرية والشفافية والعدل، والتي تم اختصارها ?ي كلمة «حشد» ومثل هذا الكيان، حزبا كان أو غيره، يستحق أن تحشد له الجماهير، بعد أن وفر لها أعز ما تطلب وترغب في الحكم من حرية وشفافية وعدل.
غير ان مثل هذه الفكرة رغم جودتها والحاجة الماسة إليها، إلا أنها ستواجه بمشكلة ضعف وربما انعدام الثقة في ما يرمى إليه، طالما تم طرحها من جانب أحد الإسلاميين.. فالكثير من المواطنين، لديهم قناعة تامة، بأن الإسلاميين لا يعرضون فكرة، ومهما كانت درجة أهميتها وفائدتها للمواطنين جميعا، إلا ومن ورائها فائدة خاصة بالإسلاميين وحدهم. فعندما انشطر المؤتمر الوطني إلى مؤتمرين، وطني وشعبي، رأى الكثيرون في ذلك الفعل تدبيراً قصد منه أن يصبح المؤتمر الوطني حكومة والمؤتمر الشعبي معارضة، فإن سقط الوطني اعتلى الشعبي سدة الحكم، ?يلتحم المؤتمران مرة أخرى. من اجل الاستمرار في الحكم. ورغم سذاجة الفكرة، ألا ان المؤمنين بها ارجعوا عدم ثقتهم في ما يطرح الإسلاميون من أفكار، إلى الكذبة الكبرى التي بدأوا بها أولى خطوات حكمهم، عندما صرح شيخهم بأنه، ومن أجل إخفاء هويتهم، قاموا بالاحتماء خلف القيادات العسكرية، فكانت القولة الشهيرة «أن يذهب البشير إلى القصر رئيساً ويذهب شيخ حسن إلى السجن حبيساً» وبناءً على تلك الخدعة أصبح كل عمل يقوم به اسلامى مهما كانت مصلحته وفائدته لجماهير الشعب السوداني، فان البعض لا يراه إلا أنه تدبير لمصلحة أخرى يعود نفعها على الإسلاميين دون غيرهم. ويصبح على الأستاذ مصطفى إدريس النظر في كيفية إقناع الآخرين بأن «الحشد» لا علاقة له بالمؤتمر الوطني، ورغم ثقتنا في أن الحشد سيحتشد بداخله الكثيرون، لكننا نخشى عليه من أن يلحق بمنبر السودان الذى تم وأده في مهده بمجرد أن أحس النظام بالتفاف الجماهير حوله.
السيد مستشار رئيس الجمهورية د. مصطفى عثمان إسماعيل، اكتشف أن الثورات الشعبية التي اقتلعت بعض أنظمة الحكم العربية من جذورها، كانت بسبب ممارسة حكوماتها للقمع والظلم ضد شعوبها، إضافة لحرمان تلك الشعوب من ممارسة نشاطاتها السياسية. إذاً فإن سيادته على قناعة بأن القمع والظلم والحرمان من النشاط السياسي من مسببات إسقاط الأنظمة الحاكمة، وهذه حسنة. ويصبح السؤال لسيادته، ان كانت حكومته مبرأة من مثل تلك الممارسات السالبة الأمر الذى أدى لحمايتها من الثورات الشعبية؟ وكأنما السيد مصطفى عثمان لم يستمع لتساؤلات الأستاذ إبراهيم أحمد عمر، ولا إلى تصريحات السيد مندور المهدي، حيث تساءل الأول عن إن كانوا قد «جاطوا» الحكم بدلا من قيادته؟ والإجابة معروفة، وتحدث الثاني عن فشل الخدمة المدنية وحذر من الارتباط بها باعتبارها مدخلاً للفقر، رغم ان حكومتهم هي التي جعلتها بمثل ذلك السوء، فيا سيادة المستشار هل حكومتكم عدلت بين المواطنين فساوت بين الذين معها ومن هم ضدها، ومن بعد منحتهم كامل حرياتهم لممارسة مختلف أنشطتهم السياسية، وهى التي لا تسمح بتسيير موكب، مهما كان حجمه وهدوءه، ليعبر عن أي خلل في أساليب حكمها؟
د. نافع صرح بأنهم سيأخذون تهديدات المعارضة بإسقاط النظام مأخذ الجد، وبالطبع لم ينس أن يصف المعارضة بالعجز وعدم القدرة على إسقاط نظامهم، وهى العاجزة عن تحريك الجماهير التي يثق في أنها تقف جميعها معهم. وقد كان سيادته سابقاً، لا يأبه لتهديدات المعارضة ولا يعيرها اقل انتباه، إذن فهذه خطوة في الطريق الصحيح نحو التغيير المطلوب، خاصة إن كان سيعمل سيادته بموجبها على تصحيح كل الأخطاء، ومعالجة كل المشكلات التي تدفع للمناداة بإسقاط النظام. أما إذا كان مأخذ الجد الذى يعنيه هو، العمل على خلق المزيد من الأجهزة التي تقمع?وتمنع من حركة الجماهير ولو من أجل التعبير عن الرأي في إخفاقات النظام قبل المطالبة بإسقاطه، فسيكون بذلك الفعل، وفى مثل هذه الظروف، حتى إن أنكر صعوبتها، قد عجل هو بسقوط حكومته. وهناك حقيقة يعلمها الجميع، أن الشعوب لا تخرج للمطالبة بإسقاط حكوماتها بناءً على طلب من المعارضة، بقدر ما تفعل ذلك بموجب فعل سالب من الحكومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.