مقدمة :- تم اكتشاف البترول في السودان منذ الحرب العالمية الثانية ، ولكن الاهتمام بالقطن كمورد اقتصادي وحيد وقتذاك اجل اكتشاف البترول الي عهد الرئيس المخلوع نميري . و بدأت اولي عمليات التنقيب عن البترول السوداني بواسطة شركة شيفرون الأمريكية ، ولكن ظروف حرب الجنوب ادي لانسحاب الشركة لتتوقف عمليات التنقيب . و شهدت فترة التسعينات اكتشافات عديدة بمناطق واسعة بالسودان نال الجنوب منها نصيب الأسد ( 70 % ) ، يليه المنطقة الغربية لولاية جنوب كردفان من حيث ضخامة الإنتاج ، لتتدفق الشركات العالمية من ( كندية ، صينية ، ماليزية —— الخ ) بحثا عن امتياز التنقيب في حقول هجليج و بليلة و دفرة و ابو جابرة . و مثل البترول اضافة حقيقية كوافد جديد الي سوح الاقتصاد السوداني المعلول و الذي كان يعتمد علي مورد اقتصادي وحيد و هو القطن الذي مثل و لوقت قريب عظم الظهر للناتج القومي الاجمالي بالسودان . و لو لا سوء طالع الشعب السوداني الذي استبشر خيرا بالتنقيب عن البترول الذي تزامن مع صعود الجبهة الإسلامية القومية الي سدة الحكم عبر مارش انقلاب عسكري في 30 يونيو 1989م و ما انتهجته من سياسات تحرير اقتصادية أفضت الي تمكين الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية من كل مفاصل الاقتصاد السوداني خاصة صناعة النفط لرفل الشعب السوداني في نعيم الرفاهية و رغد العيش الكريم الي يومنا هذا . ولكن سوء إدارة صناعة النفط من قبل سلطة الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية و التي انتهجت سياسة إخفاء الحقائق عن الأرقام الحقيقية لحجم الإنتاج اليومي و شكل التعاقدات مع الشركات المنقبة محولة صناعة النفط الي ملك عضوض تصرف إيراداته علي منسوبيها من أعضاء و كوادر المؤتمر الوطني ، علاوة علي استغلال ايرادات البترول المهولة في بناء ترسانة دفاعية لتوطيد اركان النظام الفاشي ، ودلائل ذلك تتجسد في ان 70 % من ميزانيات النظام التي انتعشت بفضل البترول تذهب الي الدفاع و الامن الذي وصل حد امتلاك شركات بترولية آثار البترول علي الأرض و المراعى و النبات :- لعل من اخطر سلبيات البترول تلك التي ترتبت علي قضايا الارض و النبات و المراعى و رغم عدم تجددية البترول كواحد من الموارد غير المتجددة ، الا انه أثر سلبا علي الموارد المتجددة ، حيث ادي اكتشاف البترول الي قطع حوالي 180 الف من الغابات مع قابلية هذا الرقم للزيادة مع تنامي اكتشافات البترول بالقطاع ، علاوة علي استئصال ملايين الأشجار و حرق الحشائش الامر الذي ينعكس سلبا علي نمط المرعى السائد في المنطقة ، و هذا الامر يؤدي الي تدهور بعيد المدي للبيئة ، كما يؤدي الي انحسار المراعى و الكلأ و ضيقها مما سيؤدي مستقبلا الي نشوء و استفحال الصراعات بين الرعاة و المزارعين و بين الرعاة و الرعاة أنفسهم لشحاحة موارد العشب و الكلأ و هنالك ثلاث ظواهر جديرة بالتأمل تتمثل في :- 1/ عدم فتح خطوط النار لوقف حريق الحشائش . 2/ حمولة المرعى و الضغط علي المراعي . 3/ انقراض بعض نباتات المرعى . 4/ تعامى شركات البترول عن توفير مناهل المياه . 5/ ظهور الحاجز المطري : و الذي يعتبر من اكبر المهددات البيئية التي تؤدي ضمور القطاع النباتي . كما تسببت الطرق ( الردميات ) التي شيدت لنقل خام البترول الي مصافى التكرير في ردم الحفائر و الرقاب الامر الذي يؤدي الي جفاف نهر بحر العرب كمترتب طبيعي لجفاف الخيران و الرقاب المغذية له و لعل من اسوأ سلبيات البترول ذات الصلة بالارض و ملكيتها تسببه في الصراع بين ابناء العمومة الواحدة في حقل الفردوس ببليلة حول ملكية منطقة الفردوس . أ هي تابعة لقبائل المسيرية الزرق ام للمسيرية الحمر ؟ رابعا : الآثار البيئية للبترول :- عالميا تعرف صناعة النفط بأنها ملوثة للبيئة خاصة المناطق الرطبة و مناطق المسطحات المائية التي تنقل مخلفات البترول مما يتسبب في تلوث المياه التي تشكل خطرا داهما علي الإنسان و الحيوان ، حيث أصبحت النفايات مرعى للحيوان ، لذلك شهدت السنوات الاخيرة نفوق اعداد كبيرة منها دون معرفة السبب الحقيقي لعدم وجود العناية البيطرية الكافية ، كما تسببت الغازات و الإشعاعات الكيماوية الصادرة من شركات النفط لظهور الإمراض السرطانية ، حيث رصدت عددا من حالات الإصابة وسط المواطنين بمناطق هجليج و دفرة عطفا علي حالات الإجهاض وسط النساء الحوامل ، هذا في المدى القريب ، و لا شك ان المدى البعيد يحمل بين برديه الكثير مما يجعل مستقبل الأجيال القادمة اشد قتامة ، لذلك لا بد من تحسين نوعية التكنولوجيا التي تستخدم في مجال التنقيب عن البترول كتلك التكنولوجيا التي لا تترتب عليها اية ملوثات علي الأرض و المراعى و النبات . خامسا: الآثار السياسية للبترول :- تعتبر الآثار السياسية و التي تتمثل في حركة الاحتجاجات السلمية و قطع الطرق و أخيرا اعتماد الحل العسكري ( حادثة بليلة ) تعتبر تعبير عن حالة الوعى المتأخر بخطورة الاثار سالفة الذكر و تراكم المظالم علي القطاع سيما بعد انفصال الجنوب و ذهاب حوالي 70% من البترول جنوبا ، ليكون القطاع الغربي المنتج الاول للبترول بجمهورية السودان ، فضلا عن حالة الوعى السياسي التي انتظمت مناطق واسعة من هوامش السودان الشمالي مطالبة بحقوقها . و للحقيقة فأن القطاع الغربي لم يجنى من البترول سوى الهشيم ، حتي صندوق تنمية القطاع الغربي الذي انشيء لتوظيف نسبة 2% خاصة المسيرية ضمن محاصصة نيفاشا فانه صندوق بلا خطط مدروسة قام علي الطابع المحسوبي في تكوينه ، و حتي المشاريع التنموية التي يساهم فيها بالقطاع لم ترى النور حتى الان ، إضافة الى غياب الشفافية حيث لا احد من سكان القطاع يعلم كم تبلغ نسبة ال 2 % الولائية و ال 2 % خاصة المسيرية سادسا: الآثار الأمنية للبترول :- نتيجة لكل تلك الاثار مجتمعة و نسبة لعدم استفادة القطاع الغربي من البترول كثروة سريعة العائد و عدم توزيع ذلك العائد بعدالة تراعى التمييز الايجابي لمناطق الانتاج ذات الطبيعة الرعوية برزت الي السطح في الآونة الاخيرة كنتاج لتخلف الوعى بخطورة البترول و آثاره المدمرة علي المنطقة بعض الحركات الاحتجاجية التي تنطوي علي مطالب بضرورة إحقاق العدالة التنموية لمناطق الإنتاج التي تخلو من ابسط مقومات العيش الكريم حيث تنعدم الخدمات بشني أنواعها ، و ادي انفصال الجنوب و فقدان الاقتصاد السوداني ل 70 % من دخوله نتيجة لذهاب 70% من مناطق الانتاج جنوبا ، و تمركز المناطق المنتجة المتبقية بالقطاع الغربي لجنوب كردفان ، ادي ذلك الى رفع وتيرة الاحتقان الامني بالمنطقة ، و فاقم الانتشار الكثيف للسلاح و الذي لم يعد امتلاكه حصريا علي القوات النظامية فقط ، حيث يمتلك المواطن بالقطاع الغربي شتى انواع الاسلحة كمردود طبيعي لسياسة التسليح الذي اختطته سلطة الانقاذ غداة حرب الجنوب ، فاقم ذلك من حدة الاحتقان الأمني و الذي وصل ذروته حد قتل نائب مدير شركة petro- Energy احد افراد الطاقم الصيني الذي يعمل بحقل بليلة ابان الإحداث الاخيرة التي شهدها الحقل في يومي الاربعا و الخميس ( 28- 29 /9/2011م ) كتعبير طبيعي عن الظلم الذي حاق بالمنطقة و كل مناطق انتاج البترول بالقطاع و لم تكن تلك الحادثة الا نطفة من بحر من الاحداث المتلاطمة التي جرت بالقطاع في ظل طناش الحكومة التي لا ترغب في اجتراح الحلول العادلة لمطالب اهل القطاع الخدمية و التنموية المشروعة . عشرات الاحداث التي جرت خلال فترات متلاحقة خارجة من تركاش الضيم الذي بدأ يستشعره سكان المنطقة و هم يحرمون من الوظائف بحجة الافتقار الي المؤهل و رغم منطوقية ذلك في الغالب الاعم ، الا ان متوخماته تتمثل في حرمان سكان القطاع من العمل حتي في الوظائف الدنيا ( الخفراء ) مما ساعد الي تغذية الشعور بالظلم و أذكى جذوات الغضب الذي بدأ يمور بالدواخل مفصحا عن مكنوناته بادىء بدء في الاحتجاج علي اقتطاع مساحات من الاراضي قرب الحقول المكتشفة ، ثم تطور التعبير عن حالة السخط من الاحتجاج ليصل حد قفل الطرق التي تستخدم لنقل خام البترول و آليات شركات التنقيب ، و مع استمرار حالة التطنيشة الحكومية لجأ السكان الي وسائل و طرائق اكثر انباء و قدرة علي لفت الانتباه فظهرت عمليات اختطاف و قتل العاملين بشركات البترول من ذوى الجنسيات الأجنبية خاصة الصينيين . الميدان