هناك خصوصية في التركيبة النفسية عند الإنجليز، وهي قدرتهم على استيعاب الآخر ودمجه في أطياف النظام السياسي والاجتماعي، الأمر الذي يجعل من الصعب جدا عليه الانحياز كثيرا إلى الأطراف المتباعدة لليسار أو اليمين. هذا طبعا ما يقوله علماء الاجتماع، ويؤيدون ذلك بأن بريطانيا كانت الدولة الأوروبية الوحيدة التي لم تنتج أي مجموعات يسارية متطرفة كما حدث في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا في السبعينات من القرن الماضي، ولم يكن هناك مرادف للجيش الأحمر أو البايدر مانهوف أو الألوية الحمراء أو «أكشن دايريكت». لقد اختارت المحافظة سمانثا كاميرون، قرينة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المحافظ لوحة لفنان بريطاني متمرد، لتبعثها كهدية مع زوجها خلال زيارته الرسمية إلى الولاياتالمتحدة. وعادة في هذه الزيارات يقدم رؤساء الدول والحكومات هدايا رمزية لبعضهم، وأيضا عائلاتهم. وهذا ما حدث في الزيارة الأخيرة لديفيد كاميرون للبيت الأبيض، الذي اختار أن يتحدث خلال مؤتمر صحافي أمام وسائل الإعلام العالمية عن غرف نوم ساشا وماليا، بنتي الرئيس الأميركي باراك أوباما وقرينته ميشيل. ويحاول رئيس الوزراء كاميرون أن يكسر الحاجز النفسي بين البلدين بسبب الأزمات السياسية التي يقال إن وراءها أن الإدارتين الجديدتين في البلدين لهما وجهات نظر متباينة في المواضيع المطروحة. وقرر الاثنان أن يتخليا عن الألقاب الرسمية وطالب كل منهما الآخر أن يناديه باسمه الأول. وأصبحا، بدلا من سيادة الرئيس أوباما والسيد رئيس الوزراء كاميرون، باراك وديفيد. اختيار، لوحة القرن الواحد والعشرين، للفنان بن اين، الذي كاد أن يدخل السجون البريطانية عدة مرات والذي بدأ حياته يخط فن الغرافيتي على أبواب المحلات التجارية وتحت الجسور وعلى عربات القطارات كان اختيارا «مفاجئا» ليس للمراقبين وإنما أيضا للفنان نفسه. وقد أعاد ذلك إلى الأذهان ما قاله ديفيد كاميرون وهو ما زال في المعارضة قبل أن يصبح رئيسا للوزراء قبل عدة أسابيع. حيث طالب آنذاك عندما كان الوطيس حاميا حول سلوكيات المراهقين «المنافية للأخلاق وغير المناسبة اجتماعيا»، الذين يرتدون أغطية الرأس (البورنس)، أن يعاملهم الناس باحترام وأن «نضمهم إلى صدورنا». وأصبحت كلماته حول معانقتهم على ألسنة السياسيين وعامة الناس. الفنان بن اين، 39 عاما، بالتأكيد ينتمي إلى هذه الفئة الاجتماعية، وكان يقوم بتشويه، أو تجميل، وهذا يعتمد على رأي الشخص في الأعمال الفنية، واجهات المحلات التجارية وقد أدين مرات عديدة في المحاكم، وأجبر على دفع الغرامات وأن يقوم ببعض الخدمات الاجتماعية عقابا له. وقال أحد المتحدثين باسم رئاسة الوزراء إن سمانثا كاميرون تعتبر نفسها أحد المعجبين بأعماله. وسئل الفنان عما إذا كان عنده أي مانع بأن يهدي رئيس الوزراء أحد أعماله إلى عائلة الرئيس أوباما. وقال الفنان بن اين في تصريحات للإعلام البريطاني «لقد اعتقدت في البداية أن شخصا يحاول المزاح معي»، مضيفا أن العمل المكون من أحرف القرن الواحد والعشرين (3 أقدام طولا و3 أقدام عرضا) اختاره أحد أعوان قرينة رئيس الوزراء. ويقال إن السبب في اختيار هذا العمل، إضافة إلى أن سمانثا تفضله، هو أن الرئيس باراك أوباما يميل إلى فنون الشارع التي تظهر بعض جوانب التمرد. نسخ من أعمال الفنان بن اين تباع ب150 دولارا، وأغلى لوحاته بيعت له لم تتعد 10 آلاف دولار. أما العمل الذي اختير كهدية فقد قدر سعره ب3750 دولارا. وقال بن اين في مقابلة مع صحيفة «ابزيرفر» «لقد بدأت فن الغرافيتي وأنا في سن الرابعة عشرة لأنني أردت أن أنتمي إلى العصابات المشاغبة، لقد دامت هذه الفترة إلى 20 عاما. لقد اعتقلت أكثر من 20 مرة، وكنت على وشك دخول السجن. أعتقد أن اللوحة ستبدو جميلة في غرفة روزفلت قريبا من رسم بورتريه لأبراهام لينكولن». كما تضمنت الهدايا بعض الشموع المعطرة لميشيل أوباما وأيضا الأحذية الشتوية لساشا وماليا. وقالت بعض التقارير إن قرينة رئيس الوزراء تجولت في المحلات القريبة من بيتها القديم الكائن في منطقة نوتينغهيل لشراء هذه الأشياء التي لم يتسن لها تقديمها بنفسها لأنها لم ترافق زوجها في هذه الزيارة، بسبب الحمل. وجاء رد عائلة أوباما على الهدية بهدية مثلها من عمل الفنان الأميركي ايد روشكا من ولاية نيبراسكا. والهدية عبارة عن لوحة «عامود على خطوط السرعة»، التي تمثل عامودا لمبنى حكومي وفي الأفق تظهر الألوان الأحمر والأبيض والأزرق، ألوان العلم الأميركي. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن «اللوحة تمثل الفترة الزمنية التي تمر بها الحركة الفنية الأميركية، ولهذا ستجد مكانا لها في أحد المتاحف البريطانية». كما تضمنت الهدايا لعائلة رئيس الوزراء البريطاني سلة من الهدايا للمولود القادم، بها غطاء وعقد مزين بالبيت الأبيض. من جانب آخر قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم الثلاثاء الماضي إن الملكة إليزابيث الثانية وجهت دعوة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما للقيام بزيارة دولة إلى بريطانيا. ونقل كاميرون الدعوة أثناء اجتماع مع أوباما بالبيت الأبيض في أول زيارة له لواشنطن كرئيس للوزراء. وقال المتحدث «التوقيتات ستجري مناقشتها مع القصر الملكي». وكان الرئيس الأميركي وزوجته ميشيل قد التقيا الملكة إليزابيث أثناء زيارة إلى بريطانيا لحضور قمة مجموعة العشرين التي تضم أبرز الاقتصاديات المتقدمة والصاعدة في أبريل (نيسان) 2009.