طالما دفع رئيس صندوق النقد الدولي السابق، دومينيك ستروس - كان ببراءته من سلسلة من تهم التحرّش الجنسي بعدد من النساء، قائلاً إن الغرض منها هو اغتياله سياسيًا. يذكر أن ستروس - كان، كان ينوي ترك هذا المناصب، وهو أحد الأكثر نفوذًا في العالم، على أمل تولّي الرئاسة في فرنسا على رأس اليسار، بعد هزيمة نيكولا ساركوزي. لكن كل هذا صار سرابًا، خاصة بسبب اتهامه الأخير بالتحرّش الجنسي في نيويورك. إلا أنّ الأنباء المدهشة الأخيرة، التي أتت من نيويورك، تعزز إلى حد كبير نظرية أن ستروس - كان وقع ضحية لمؤامرة كبرى. فهي تكشف عن أن اثنين على الأقل من العاملين في الفندق، الذي اتهمته فيه خادمة غينية بمحاولة اغتصابها، «احتفلا رقصًا» بعدما أدت شكواها إلى إلقاء القبض عليه، وإنهاء سائر طموحاته المهنية والسياسية عمليًا، وبغضّ النظر عن ذنبه أو براءته. فقد جاء في خبر نشره الصحافي - المحقق إدوارد إيبشتاين في مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس» أنه حصل على نسخة من فيلم يصوّر العامليْن في فندق «سوفيتيل»، مانهاتن، في مايو/أيار الماضي، وهما «يتبادلان التهاني ويرقصان»، عندما نما إلى علمهما نبأ اعتقال ستروس - كان. وبالطبع فإن السؤال المنطقي البسيط يصبح معلقًا بالسبب، الذي يحدو بطرف للاحتفال بمصيبة آخر، وما إن كان هذا يعني أنه صاحب مصلحة ما في الأمر؟. يذكر أن «الفضيحة» تفجّرت بعدما اتهمت الغينية نفيساتو ديالو (32 عامًا) ستروس - كان (65 عامًا) بمحاولة اغتصابها، عندما جاءت لتنظيف جناحه، الذي يكلّف 3 آلاف دولار للّيلة الواحدة. وقالت إنه لم يحقق مبتغاه، رغم أنه أجبرها على ممارسة الجنس عن طريق الفم. فأودع السجن إثر هذا، ثم فرضت عليه الإقامة المنزلية الجبرية، قبل أن تُسقط عنه التهمة كلية. وكان السبب في هذا هو إقرار مكتب المدعي بأنه من غير الممكن الاعتماد على شهادة نفيساتو، لأنها «تحوي العديد من التناقضات والأقوال المتضاربة». شرطيتان داخل جناح ستروس - كان في فندق «سوفيتيل» يقول إيبشتاين إن فيلم كاميرات المراقبة، الذي أتاحت له الظروف مشاهدته، يظهر كبير مهندسي الفندق، برايان ييروود، يجلس إلى نفيساتو، ويتبادل معها الحديث، بعيد توجيهها اتهامها، ثم يلتقي بعامل آخر غير معروف الهوية، ويتحادث معه بعض الحين. ويعقب هذا أن يتبادل الرجلان تحية الاحتفال المعروفة باسم «هاي فايف»، ثم يبدآن ما بدا أنه رقصة احتفالية دامت قرابة ثلاث دقائق. ويوضح إيبشتاين أن ستروس - كان تلقى تحذيرًا من جهات في معسكره الاشتراكي من أن بعض رسائله الإلكترونية (إيمايل) الخاصة شوهدت في المقر العام لحزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الذي يتزعمه خصمه الرئيس ساركوزي. حدا هذا التطور بنجم اليسار الفرنسي للاعتقاد أن هاتفه ال«بلاكبيري» تعرّض للقرصنة بتدبير من باريس. ويذكر أن هذا الأمر يتخذ له أهمية خاصة في قضية نفيساتو على ضوء أن ستروس - كان اتصل بعد الحادثة بالفندق، ليبلغ إدارته بأنه نسي هاتفه وراءه في جناحه. وكانت هذه المكالمة، التي أجراها من سيارة أجرة تقلّه إلى مطار جون إف كنيدي، هي التي سمحت لإدارة الفندق بإبلاغ الشرطة عن وجهته إلى الطائرة التي كان يفترض أن تقلّه إلى باريس. لكن محامي نفيساتو رفض كل هذا قائلاً إن مقالة إيبشتاين لا تأتي بالدليل الدامغ على أن ستروس - كان بريء من محاولة اغتصابها. وأضاف: «هذا مثل أن يقول المرء إن نيل آرمسترونغ لم يطأ سطح القمر أو أن اغتيال جون كنيدي لم يحدث في جادة إيلم ستريت في دالاس». ايلاف