سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عن أي نظام عربي جديد.. تتحدثون ؟..آخر فصول المأساة الليبية درامية هو ما خرج علينا به, الجنرال عبدالله البشير (وهو بالمناسبة شقيق الرئيس السوداني «الجنرال أيضاً» عمر البشير)..!!
يذهب حسنّو النية الى التفاؤل المفرط حدود السذاجة, بأن ما تنهض به جامعة الدول العربية هذه الايام هو «ربيع» يليق بها, وأن فرسانها من «العرب الجدد» الذين يقودونها في صدد طي صفحة العقود الستة العجاف التي مرت بها وكانت مجرد هيكل لا نبض فيه ولا حياة, يوظفها «عربها» لتصفية الحسابات او لاقامة محاور أو لتمرير قرار برغبة أو ايحاء اميركي أو كفرصة وفرها هذا الديكتاتور العربي أو ذاك, إذ كانوا - وما زالوا - يردحون لبعضهم ويتعايرون, اذا ما دعا أحدهم في صحوة ضمير عابرة أو قراءة قصيرة (بلا ذاكرة) لتطورات دراماتيكية, فينادي مِنْ على منصة الجامعة ومن خلال قمة جيء بهم اليها عبر التخجيل والاحراج الى احياء العمل العربي المشترك, أو تفعيل اتفاقية الدفاع, فتعلو الاصوات المُنْتقدة أو تسقط الدعوات على اذان صماء, ثم انتهينا في عهد عمرو موسى الى ظاهرة صوتية تقول كل شيء ولا تقول شيئاً في الآن ذاته, فانهارت الأُسُسْ الجامِعة وخرج الى العلن من يدعو الى اكرام الميت عبر المسارعة الى دفنه, وبخاصة بعد احداث الحادي عشر من ايلول 2001 التي لم تُقسّم العرب «عربين», بل زادت من تمزقهم وأوقعت الأنظمة (لا تستثني احداً) في رعب مقيم لم تخفف واشنطن وطأته, إلا بعد كشف الاوراق السرية (اذا كان ثمة ما هو سري على السيد الاميركي في بلاد العرب) وخصوصاً بعد أن تم توقيع اتفاقات اذعان وصفت بأنها تعاون أمني (...) من اجل مكافحة الارهاب والانخراط الفعلي في هذه الحرب التي تدور في بلاد العرب وعليها, مضافاً اليها بالطبع تشكيلة من منظمات «جهادية», كلها اختراع اميركي سقطت وظيفتها بالتقادم في نظر واشنطن. كانت الحال الليبية والهمّة التي ظهرت عليها جامعة «العرب» هي المؤشر على انتهاء «الموت» الفعلي الذي ميّز وجودها طوال العقود الماضية, ظن كثيرون انها «صحوة» مؤقتة وظرفية لأن الأخ قائد الثورة ومخترع الجماهيرية هدد بابادة اهالي بنغازي ما دفعهم الى الاستنجاد بالغرب لحماية المدنيين (لماذا لم يحمهم العرب؟) وانتهت الدراما الى مأساة ليبية موصوفة افقياً وعامودياً يلحظ تجلياتها كل من يقرأ بموضوعية وهدوء, بعيداً عن الغوغائية وتصفية الحسابات والمنطق الشمشوني.. عليّ وعلى اعدائي. آخر فصول المأساة الليبية درامية هو ما خرج علينا به, الجنرال عبدالله البشير (وهو بالمناسبة شقيق الرئيس السوداني «الجنرال أيضاً» عمر البشير) ليزف لنا في فرحة وحبور, مشاركة بلاده في اسقاط نظام القذافي عبر ارسال خبراء وفنيين وعسكريين الى جانب تزويد الجيش السوداني مسلحي المجلس الانتقالي الليبي بالاسلحة في جنوب ليبيا. التدخل السوداني في الشأن الليبي لا علاقة له ابدا في أن نظام البشير انتصر لمبادئ حقوق الانسان الليبي ووجدها فرصة كي ينعم شعب ليبيا بما ينعم به السودانيون من حرية وتعددية وديمقراطية وانتخابات رئاسية وبرلمانية وصحافة حرة وأيضاً في حقوقهم الاساسية التي لا تُنْتَهك وأن «المسؤول» يحاسب على قراراته الخاطئة بدل ان يُكافأ.. كل هذا لم يكن يخطر على بال قادة ثورة الانقاذ (انقاذ ماذا؟) بل انهم ارادوا رد الصاع صاعين للعقيد الليبي الذي كان هو الآخر يساند متمردي دارفور نكاية بنظام البشير ورغبة منه بتمديد نفوذه في بلاد السودان تطبيقا لنظرياته المريضة والمريبة التي «خرّبت» ليبيا كما اكثر من بلد عربي.... النموذج الليبي، سودانياً كان أم أطلسياً، بات ماركة عربية مسجلة احتكرها العرب «الجدد»، كي يضخّوا ولو في شكل مؤقت وسريع, بعض الدماء في جثة الجامعة ويأخذوها صوب بلد عربي آخر بحجة الانتصار للشعب الذي يُطالب بالحرية والديمقراطية فيما هم لا يصغون لشعوب اخرى (وهي عربية اصيلة بالمناسبة)، ترفع الشعارات نفسها. ثمة إذاً نظام عربي قديم انهار, ومن السذاجة الاعتقاد أن نظاماً آخر جديدا سينهض على انقاضه، فالجامعة العربية «مُستأجرة» الان لفترة محددة ولمهمة خاصة وبعدها سيتم دفنها, إذ لن تعود ثمة حاجة إليها, فالعرب الجدد لا يريدون «مواثيق» تُكبّلهم حتى لو كانت لا تُطبق أو كان تطبيقها انتقائياً وفي خدمة اهداف لا تخدم المصالح القومية.. عظم الله اجركم... سلفا. [email protected]